بات واضحاً إن فلول النظام البائد أخذوا أنفاسهم، وبدأوا يتحركون بقوة لاجهاض ثورة ديسمبر 2018م، وتفكيك الفاعلين فيها، وتفكيك لجنة التفكيك نفسها. واهمٌ من ظن أن نظام الثلاثين من يونيو 1989م قد تخلى أو أزيح عن حكم البلد، بل العكس إنه متحكم على السلطة، فلا يصدر قراراً سيادياً أو وزارياً أو في مؤسسة حكومية إلّا وفيه لمساته التي تخدم مشروعه؛ كيف لا وقد أدار هذه البلاد بقبضة أمنية ثلاثين سنة، وتكون نهايته بلجنة أمنية تترأس حكومة لتفككه صامولة صامولة كما يقول وجدي صالح؟!.
فما الأحداث الأخيرة من المحاولة الانقلابية، وقفل تِرِك لميناء بورتسودان والطريق القومي إلى الخرطوم، وعمليات مكافحة خلايا الإرهاب في وسط الخرطوم العاصمة، وتصعيد الاتهامات بين المكون العسكري والمدني، إلّا فعل جريء ومدروس لخنق السودان، وتفطيس نجاحات حكومة الفترة الانتقالية في الانفتاح على المجتمع الدولي، ورفع العقوبات المفروضة على البلد، بل إن أحداث الشرق قصد منها بلبلة السوق بعد أن بدأت أسعار السلع الاستهلاكية في الانخفاض التدريجي.
نعم؛ كل أدبيات وإجراءات لجنة التفكيك صحيحة، بالإمكان تحقيق هدفها إن اتخذت بقرار سياسي ثوري جملة واحدة وترك أمر تنفيذها للجنة التفكيك، ولكن أن تقوم هذه اللجنة بكل المهام الموكلة عليها، في مؤسسات دولة (60%) من كادرها مؤتمر وطني وخلايا أمن شعبي، وحزبي، وقبلي، وحتى بعض الذين يتحدثون باسم الثورة والثوار هم خلايا غيرت جلدها فقط ليفعلوا فعلهم السحري؛ فهو التحدي.
إنسلاخ الجلد وتغييره كاملاً صفة فيزيائية للثعابين والحيّات والجراد، وصفة مكملة لتنظيم الكيزان، وفي كل انسلاخة لجلدة الأخير تذهب معها المُثل والأخلاق الفاضلة، وتكتسب أسوأ الصفات والممارسات؛ وهو الآن يعيش جيله الرابع (4G) والذي نشأ وترعرع في نظامة وتكديرة في بيئة تنظيمية أمنية خالصة، وتوظيفه في منظمات محلية وإقليمية وعالمية؛ جيل إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً.
هؤلاء هم الآن يعملون في مفاصل مؤسسات الدولة كافة، ويقومون بدور افشال الخطط البرامج الثورية، ويحورون القرارات التي تصدر لتصب في مصالحهم أو تضل الطريق (عليّ وعلى أعدائي)، ووجدوا ضالتهم في تفرق تنظيمات الثورة.
مواضيع سابقة كتبها د.أنور شمبال فى سودانيز اون لاين