......فقال له الثور الأسود (لأنني منذ ذلك الحين تنازلت عن المبدأ الذي يحمينا معاً، ومن يتنازل مرة يتنازل كل مرة، فعندما أعطيت الموافقة على أكل الثور الأبيض أعطيتك الموافقة على أكلي)،* انتهى الاقتباس، ما ورد أعلاه من كلمات حكيمة، تعتبر بحق عصارة التجارب الحياتية الإنسانية وزبدتها التي جسدتها ثقافات الجماعات والشعوب، وفق منظومة هويتها وتراثها وتواضعت على تسميتها بالحكمة، لتذكرها دائما ان في الإتحاد قوة. وتحذرها في ذات الوقت ان من يتنازل أولاً سيرى في التنازل ثانياً وثالثاً حلا سهلا يكفيه مؤونة عبء الصراع والصدام، لينتهي به المآل في الفراغ والفناء السرمدي. ما أود قوله عطفا على هذه التوطئة الطويلة، إن مجلس البشير الأمني، ومنذ تأسيس شراكة الدم التي اقتضتها ظروف توازن القوى، بدأ يمارس في تعمد وسوء طوية حالة من الإنحراف السياسي المطلق، متجاوزا كل تعهداته والتزاماته السياسية بناءً على الوثيقة الدستورية التي حنث بقسمه في ان يعمل بنصوصها. وفي سلوك مغاير لكل ما هو منطقي وسوي من قواعد وشروط أبجديات الشراكة وما تفرضه من التزامات وواجبات متبادلة، اشترط مجلس الدم والتآمر أن يتم إبعاد، السيد/ محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة من المجلس السيادي، كي تعود العلاقة التي هي أصلا مختلة الى سابق عهدها، يشترطون هذا الشرط التعسفي وفي أذهانهم تنازلات سابقة تمت دون أن يعادلها مكسب من الطرف المدني، وكأن هذه الشراكة نصت في بند سري أن يكون الرابح دائما هي لجنة البشير الأمنية. وان يكون هو الذي يملي الشروط، وما على الطرف الآخر سوى الإستجابة والاذعان. إن الذي يحدث أمامنا من بلطجة وانحراف سلوكي إجرامي يرقي لمستوى الكارثة الوطنية في حق هذا الشعب العظيم. اذا كان لمجلس معتادي الإجرام وطريدي العدالة هذا في كل أزمة سياسية يفتعلها شروطا، ما الذي يمنع من ان يكون للمكون المدني شروطا، وعلى رأس هذه الشروط، محاسبة حلفاء الدم على تقصيرهم المتعمد والمخجل الذي يتمثل في غياب منظومة الأمن بمفهومها الشامل والواسع، حتى صار العنف بكافة أشكاله هو لغة الحياة اليومية في كل ربوع السودان، بما في ذلك العاصمة القومية. أليس هذا وحده سببا كافيا بأن يشترط المكون المدني ذهاب لجنة البشير الأمنية برمتها، ومحاكمتهم عسكريا بتهمة التقاعس عن أداء الواجب الذي تفرضه عليهم طبيعة وظيفتهم؟. ومن المضحكات المبكيات، ان الشعب السوداني يدفع لهم مرتباتهم ومخصصاتهم، للدفاع عن أمنه وأمانه ولكنهم للأسف فشلوا فشلا مخجلا في هذه المهمة الوحيدة التي تميزهم كعسكريين عن المدنيين....... الصادق عيسى حمدين
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/03/2021