صالون ناهد و الوعي التاريخي ( 1 – 2) بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن

صالون ناهد و الوعي التاريخي ( 1 – 2) بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن


09-11-2021, 00:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1631316606&rn=0


Post: #1
Title: صالون ناهد و الوعي التاريخي ( 1 – 2) بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 09-11-2021, 00:30 AM

11:30 PM September, 11 2021

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر




السيرة السياسية للسيد علي الميرغني أنموذجا للوعي التاريخي و كيف الاستفادة منها في قراءة الحاضر، و أيضا المستقبل، و هي بالضرورة قد رمت بظلالها على الساحة السياسية و خاصة على الحزب الاتحادي الديمقراطي. فالتاريخ لا يقف في الماضي لكن عوامله تشكل حضورا في الحاضر و المستقبل. كما يقول هيغل تاريخ العالم ليس إلا تقدم الوعي بالحرية :-
أن التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال قد خلق معادلات جديدة في العمل السياسي و الثقافي لصالح الجماهير، بسبب الوعي الزائد وسط القوى الفاعلة في المجتمع هي " الشباب" و هذا التطور بالفعل قد اتاح خدمة تواصلية كبيرة بين النخب المثقفة لكي تتواصل حواريا و معرفيا في شتى ضروب الفكر و الثقافة. و أيضا ثورة ديسمبر المجيدة أتاحت مساحة كبيرة من الحرية جعلت الكل يكون له رآيا و تأثيرا في مجريات العمل السياسي.
في ظل هذا التطور التكنولوجي للاتصال و التحولات السياسية التي يشهدها السودان أسست الدكتورة ناهد محمد الحسن صالونها الثقافي، لكي يكون أحد منارات الاستنارة و الوعي في السودان مستفيدة من خدمة " Zoom" و تستهدف فيه فئة من المجتمع تعتقد أنها سوف تلعب دورا مهما في عملية الانتاج الثقافي و الديمقراطي، لكي تنداح على الثقافة الشمولية التي أنتجت منذ تاريخ تكوين السودان، و خاصة الثقافة الشمولية التي خلفها نظام الإنقاذ. و هي الطريقة المثلى لترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع.
أن الشباب الذين فجرو ثورة ديسمبر و قادوها حتى النصر قد دفعوا مهرا غاليا لكي ينعم الجميع بالحرية. و هؤلاء الشباب ما زالوا مرابطين من أجل تحقيق أهداف الثورة، لكن؛ أيضا هم في أمس الحاجة إلي زيادة الوعي و التسلح بالمعرفة و الثقافة الديمقراطية، و التي تشكل ضمان لعدم انهيار النظام الديمقراطي مرة أخرى. خاصة أن مرحلة ما بعد الثورة " مرحلة التحول و التغيير" سوف تشهد حالات من الهبوط و الصعود و أيضا من الانحراف و غيرها من قبل القوى الانتهازية في المجتمع، و أيضا من قبل المؤمنين بنظام الحزب الواحد أن كانوا يمينا أو يسارا، فالتسلح بالوعي الفكري و السياسي يصبح ضرورة.
في ظل هذا الواقع المتغيير؛ يصبح صالون الدكتورة ناهد واحدا من منابر الحوار المعرفي و الفكري الجاد، من خلال طرح كتاب للحوار تدعو للحوار النخبة المهتمة بالموضوع، ليس الهدف من الحوار معرفة محتويات الكتاب فقط، و لكن التركيز على ما يضيفه الكتاب من محتويات و رؤى جديدة، الأمر الذي يؤدي إلي طرح أسئلة جديدة في المجتمع الهدف منها أشغال العقل بالقضايا الثقافية و السياسية. و بالضرورة أن الأسئلة الجديدة سوف تكون بديلا للأسئلة السابقة، تؤدي إلي تغيير في طريقة التفكير النمطية السائدة عند النخبة المثقفة. و الصالون قدم كتاب " الجزيرة أبا همس التاريخ" للدكتور الطيب أحمد هارون و كتاب " السيد علي الميرغني و دوره في استقلال السودان" للبروف ظاهر جاسم الدوري؛ الذي قدم عرضا للكتاب و قال أن الكتاب يتناول السيد علي سياسيا و لا يتناول القضية الدينية و الطريقة، لذلك تحدث عن الصعوبات التي واجهته في الوصول للمعلومة، و الكتاب يعد مرجعا تاريخيا مهما. ثم تحدث البروف أبوشوك الذي قدم عرضا كاملا للكتاب شكل استنارة للذين لم يقرأوا الكتاب، و قدم تساؤلات مهمة تشكل منعطفا في عملية الوعي بمدلولات الكتاب، هذه التساؤلات حتى يجعل الحوار مفتوحا على أفق واسع، و يبين أهمية قراءة التاريخ لمعرفة العوامل المؤثرة في مجريا العمل السياسي و الثقافي الآن. و كما يقول سفيان الثوري أن التاريخ هو العمق الاستراتيجي لمن يبتغي صناعة المجد في الحاضر و المستقبل.
يصبح السؤال المهم الذي يشكل إضاءة للحاضر و المستقبل: هل السيرة الذاتية السياسية للسيد علي الميرغني مؤثرة حتى الآن في العمل السياسي و ستظل متواصلة إلي متى؟
الإجابة نعم مؤثرة تأثيرا مباشرا حتى الآن و تتمثل في خمسة قضايا مهمة، و كان بعض السياسيين قد أشاروا إليها منذ بداية الصراع السياسي الثقافي في مؤتمر الخريجين و تتمثل في الأتي:-
1 – قال القطب الاتحادي عبد الماجد أبو حسبو في مذكراته الكتاب الأول: أن السيد علي الميرغني أعتمد في العمل السياسي على " نسبه ببيت النبوة كما هو مشاع" كرافعة لأسرته في العمل السياسي. و هذا النسب مدثر بالقدسية تحتم على الأسرة أن تكون على مسافة من المواطنين، و عدم الاختلاط المباشر بهم حتى تظل جذوة القدسية متقدة.
2 – على ضوء سريان القدسية: كانت مدرسة الأشراف التي أسسها السيد علي لكي يدرس فيها أبنائه و أبن خالهم " محمد عثمان الميرغني – أحمد الميرغني – محمد سر الختم الميرغني" إلي جانب عدد قليل من أبناء مشايخ الختمية لا يتعدى عددهم الخمس. لذلك لم يختلط أبناء السيد على مع أبناء المواطنين في المدارس لكي لا تؤثر على القدسية المطلوبة سريانها مستقبلا.
3 – مقولة القطب الاتحادي محمد توفيق عندما قدم استقالته من الحزب الاتحادي بعد التوقيع على وحدة الوطنى الاتحادي مع حزب الشعب الديمقراطي، أن الطائفية سوف تؤثر بشكل سلبي علي العمل السياسي، أنها سوف تضيق مواعين الديمقراطية في الحزب، و أيضا تنعدم الحرية فيه الأمر الذي يجعل الحزب ألية تخدم المصالح الخاصة للطائفية.
4 – عدم الدخول المباشر في العمل السياسي من خلال الصعود للمنابر و العزوف عن اللقاءات الصحفية المباشرة, عدم الدخول في الحوارات المباشرة مع الجماهير.
5 – أختيار العناصر ذات الولاء و توظيف هؤلاء في خدمة الطائفة و في الصراع السياسي حسب ما يتطلب التكتيك و المناورات السياسية.
أن السيد علي الميرغني حاضر في العمل السياسي من خلال هذه الخمس انماط التي جعلها كمرشد لأبنائه في إدارة الشأن العام و خاصة في المجال السياسي. و أبناء الميرغني حافظوا عليها حتى يحافظوا علي جذوة القدسية. الملاحظ أن السيدين محمد عثمان و أحمد الميرغني حافظوا علي القدسية، لم يكونا مدرسة أشراف لأبنائهم لكن جعلوهم يدرسون في مدارس خارج السودان، و لم يتم أختلاط مع أبناء المواطنين، لذلك تجد أن أبناء محمد عثمان الميرغني الحسن و جعفر أول وظيفة لهما في الدولة مساعدين لرئيس الجمهورية، و الصعود مباشرة لقمة الحزب السياسي، رغم أنهما لم يمارسوا العمل السياسي في الفترة الطلابية، الأمر الذي يجعلهما لا يدركوا تاريخ الثقافة السياسية، و لا جادلوا مع أقرانهم في المنابر العامة أن كانت سياسية أو ثقافية، كل ذلك يتم من خلال رافعة القداسة الموروثة من السيد علي الميرغني، و نواصل.