اخرجوا المسلحين من المدن بقلم:اسماعيل عبد الله

اخرجوا المسلحين من المدن بقلم:اسماعيل عبد الله


09-03-2021, 05:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1630685266&rn=0


Post: #1
Title: اخرجوا المسلحين من المدن بقلم:اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 09-03-2021, 05:07 PM

04:07 PM September, 03 2021

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




المقولة الشهيرة التي سارت بها الركبان والمنسوبة للدكتاتور ببورتسودان، ابان ذروة سطوة التمكين والتحكم على السلطة (من يريد الكرسي عليه حمل البندقية، كما فعلنا نحن) او كما قال، من حينها ارتفع سقف الطامحين للوصول للكرسي لامتلاك الترسانات العسكرية المدعومة بالمؤن والذخائر وسيارات الدفع الرباعي، وامسى مدى قرب الشخص من هذا الكرسي اللعين او بعده يحدده الكم الذي يستحوذ عليه من المال والرجال والسلاح، وقد شرعن لهذا المبدأ الفطير رضوخ الحزب المحلول لضغوط الحركة الشعبية في مفاوضات نيفاشا ومنحها حكم الجنوب بأكمله واشراكها في نصف سلطة الخرطوم، وكان الفيصل في ذلك هو التخندق خلف السلاح ولا شيء غير السلاح، ثم جاءت حركة تحرير السودان - مناوي - للقصر شريكة على المستوى الرابع في السلطة، بناءً على ماشاع حينها أنها تسيطر على ثمانين بالمائة من الأراضي (المحررة)، واستمرت المباركة المركزية لكل من يملك العضلات الذخائرية بديلاً لذلك الذي يستعين بالجهد الفكري، لقد رسّخت الحكومة البائدة لمنطق القوة العسكرية كمبدأ اساسي لكسب الحقوق في تعاطيها مع المنافسين في الصراع حول الكرسي، فاصبح هذا المبدأ الاخرق مسلكاً سهلاً ورخيصاً حتى لمن يحملون الدرجات العلمية العليا.
من المفارقات أن السلام عند ادعياء السلام هو السلاح، فالذين يبشرونك باطلاق حمامة الخير البيضاء هم من يمتشقون الكلاشنكوف والقرنوف والدوشكا، والميارم المبشرات بمقدم ابطال الأمن والاستقرار بيوتهن محاطة بالمدججين بالبلجيكي والبي تن وسيارت اللاندكروزر المحمول عليها الميم طاء، والرجل المطلوب منه ضمان الحد الادنى من الطمأنينة وسط المواطنين المساكين، مغطى وجهه وملفوفة رأسه بالكدمول المخفي للهوية والملامح الشخصية، هذه هي المظاهر السوداء والحمراء للحرب المتسربلة بجلباب السلام الناصع البياض، فمن ولجت عقله ثقافة الحرب من الصعوبة بمكان أن يسلك السلوك المتمدن والمتحضر، وفي هذا الخصوص اذكر أننا بالمرحلة الابتدائية شهدنا حرباً قبلية دارت رحاها في جغرافيا جنوب دارفور، اخذ الاطفال على اثرها يصنعون البنادق الخشبية بدلاً عن السيارات المعمولة من السلك الشائك، وغزت عقولهم النزعة نحو الاقتتال بتمثيل ادوار الفريقين المقتتلين في استراحة الفسحة بين الحصة والحصة، هكذا تتكون وتتجذر ثقافة الحرب والقتل والتدمير، عندما تكون التسلية والترفيه لدى الطفل هي تجميل صورة المدفع وترغيبه في دخول المعارك الفيزيائية الصبيانية بدلاً عن تشجيعه على القراءة والكتابة والرسم والغناء والمسرح واقراض الشعر.
ومن مدهشات الحاملين للسلاح أن حاكم دارفور المزعوم، وهو المتحدث حديثاً متكرراً عن التسامح وضرورة رتق اللحمة الاجتماعية التي فتكت بها آلة الحرب العرقية، ارسل وفد مقدمته للمدينة الثانية بالاقليم ممثلاً في مجموعات مدججة بالسلاح بدلاً عن الحمائم الممسكة بقناديل السلام، أين المثقفون والمحاضرون والعلماء النفسانيون الذين رتبت لهم حركاتهم المسلحة لعب دور الاصلاح ما بعد وضع السلاح ارضاً، احداث سوبا اعادت للناس ذاكرة الاثنين الاسود الذي قتل فيه مواطنو ولاية الخرطوم وماتوا موت (الضان)، على قادة الاجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية أن يحسموا فوضى انتشار السلاح وأن يضعوا حداً لتفلت المسلحين غير المنضبطين داخل المدن والقرى، فكما حدثّتنا تجربة دارفور أن أخذ القانون باليد سوف يضطّر أيادي أخرى لأن تحمل المدفع (الرزّام)، ولا يوجد حد ارجل من حد، في دارفور بعد أن اعلنت قوى احادية الجانب سطوتها على ثمانين بالمائة من الأرض، سخّر الله القوة والجبروت للقوة المضادة فسحقت هذه الأولى وقذفت بها في اتون الارتزاق بجماهيرية العقيد الشهيد، العقيد الذي استدل به الشيخ موسى هلال بعد خروجه من معتقل ذوي القربى فقال:(أن الاعتماد على الجيوش في حسم المعركة السياسية لا يجدي فتيلا، ولوكان كذلك، لما هُزم القذافي)، أو كما قال.
الترتيبات الأمنية الشماعة التي يعلق عليها قادة المليشيات آمالهم العراض يجب أن يعاد التفكير في صيغتها والطريقة التي يجب ان تتم بها، بعد أن فشل المتقدمون لخوض غمارها في امتحان التعامل مع الجمهور، رأيناهم يقتلون الطلاب باطلاق النار الحي في زالنجي، وقتلوا يوم امس شاب في ريعان الشباب بمدينة الجنينة، وبعد يوم واحد من جريمة القتل هذه ازهقوا روح مواطن يبلغ من العمر عشرون عاماً بمدينة الفاشر، ناهيك عن الاعداد المتزايدة لضحايا هذه المليشيات المنفلتة في مدن الابيض وام درمان والخرطوم، بند الترتيبات الأمنية يجب أن يضع في اولوياته المؤهل الاكاديمي المتحصل عليه من المدارس والجامعات السودانية، والتوزيع الاثني والجغرافي للرتب العسكرية وعدم اعتماد القوائم الجاهزة المقدمة من مكاتب المسلحين القادمين على ظهر حصان جوبا، لقد افاد التأني وعدم الانخراط المباشر في تطبيق هذا البند التراتيبي في كشف السلوك الوحشي للجيوش المراد دمجها في المؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية، وكما يقول المثل كل تأخيرة فيها خيرة.

اسماعيل عبد الله
[email protected]
3 سبتمبر 2021