ما فعله أردول ليس خطيراً بقلم:أمل الكردفاني

ما فعله أردول ليس خطيراً بقلم:أمل الكردفاني


08-04-2021, 08:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1628105782&rn=0


Post: #1
Title: ما فعله أردول ليس خطيراً بقلم:أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-04-2021, 08:36 PM

07:36 PM August, 04 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




يظن البعض أن حديثي عن الهامش هو دفاع عن الهامش أو هجوم على الشمال، وهذه مشكلة العقل الشمالي الذي لا يعرف لغة الحق بل يجب أن تكون دائما (شايت في مصلحة من تنتمي لهم). فحديثنا لا دفاع ولا هجوم بل هو حديث حقوق، لو تم التأسيس لها من قِبل حكم الشمال لما (حدس ما حدس).
هذه الأيام نسمع هجوماً مركزاً ضد الهامش، وضد أردول، وأنا لا أعرف أردول لكنني مندهش من هذا التركيز على وقائع مضحكة وترك وقائع الفساد الذي استشرى منذ الإستقلال وامتد لما بعد الثورة. لا أحد من هؤلاء يفتح فمه ضد ابراهيم الشيخ واولاده (بتاعين البنزين)، ولا سمسم ابو نجمة، الذي ظل يلبع مليارات من دولارات السودان باحتكار استيراد السلع الاستراتيجية، وغيرهم كثير، لكن الإنسان الأعور يرى من جهة واحدة. ولذلك فالبعض يظن أن المسيح الدجال كائن متجسد، في الحقيقة المسيح الدجال الأعور رمز لاستشراء الظلم بأن لا يتساوى الناس في الحساب والعقاب.
إن ما فعله أردول هو مسألة انعدام وجود مؤسسات تضبط العمل العام، وتحدد ما يجب وما لا يجب على المسؤول ان يفعله، كما تنعدم المؤسسات المحاسبية، لأن الدولة انعدم فيها (رجال دولة) منذ الاستقلال يفضلون الفوضى لكي لا يغلقوا أبواب الرزق على أنفسهم.
بدلاً عن السخرية من أردول، على الشعب أن يسخر من دولته الفاشلة، وأن يتوقف عن تفاهة تمجيد كل منتفعين بمصدر مأكلتهم، فهذا يمجد حمدوك وذاك يمجد البرهان وثالث ورابع، متصيداً عثرات هذا وذاك.
نعم..
ليست مشكلة الدولة في أردول، بل في أكبر من أردول، وهو إنسانها الحقود، الذي يعميه حقده عن بناء دولته كما يفعل الرجال في دول العالم الأخرى. إن هذه الروح المحتشدة بضباب من ريح الخنازير، لن تستطع تحرير نفسها قبل دولتها من البؤس، بل سيكون من يأتي اسوأ ممن يذهب، وهذا هو الحال منذ الإستقلال وحتى اللحظة الراهنة.
إن هذا الشعب مسطح الفكر، أحادي الرؤية، دوغمائي التفكر، والأسوأ انه شعب كذوب. ليس على الآخرين، بل يكذب على نفسه، ولذلك يغوص حد الغرق في وحل الخطأ والخطيئة، ولا يرعوي حتى بعد فوات الأوان. هذا عقل متيبس كمستحاثة من قبل التاريخ.
القضية أكبر من أردول، القضية هو اللا مؤسسية التي ترتع فيها الدولة، واللا نظام بل الفوضى. لو كان هؤلاء (الموجَّهين) ركزوا بصرهم في جوهر المشكل لعرفوا أن المعضلة أكبر من أردول، فهي معضلة (دولة) كاملة، ولكنهم لا يعرفون معنى (دولة)، فهؤلاء جاءوا بثقافة بدائية، تماما كما حدث ودخل البريطانيون هذه الرقعة فلم يجدوا سوى قبائل بدائية بائسة تحيا فيها كل قبيلة داخل غيتو خاص بها، ولا تكترث بغير نفسها. فالإنسان السوداني متمركز حول نفسه self centered، وهذه مصيبة، لذلك فكل الخطابات توجه من أشخاص ضد أشخاص ويغيب مفهوم الدولة كشخصية اعتبارية تتكون من مجموع الشعب. التمركز حول الذات، لا يوجد حتى في أعتى الدول ليبرالية كأمريكا. توجد فقط هنا. فحتى في أمريكا التي تشكل تاريخها على الفردانية، لم يصل فيها الشعب الأمريكي إلى هذه الدرجة من الأنانية الوقحة المتوحشة. هذه كارثة، لن يصدقها هذا الشعب لأنه لا يعي في الأصل بكونها أزمة.
المشكلة ليست في اردول ولا غيره ممن لا يحبون ذكرهم، بل المشكلة في أن أردول وجد نفسه في مجتمع من أفراد يتمركزون حول ذواتهم فقط، ويقصون كل ما عداهم، ويهمشون كل من لا ينتمي لهم.
إن أردول حين تحدث عن العنصرية، يريد أن يقول ما قلته أنا لكنه لا يعرف كيف يقوله فقط. فالقضية في الواقع ليست عنصرية مجردة، بل مسألة ثقافية تتضمن داخلها ذلك التمحور حول النفس وعدم رؤية أي شيء آخر خارج الذات. فالموضوعات (بمافيهم الآخر) يجب أن يخدم هذه الذات وإلا فليذهب إلى الجحيم.
لذلك ففي كل حكم يغتني أشخاص وتظهر أسر لها دوائرها الإقتصادية ونفوذها، وهكذا دواليك في حلقة جهنمية بلا نهاية.
المشكلة أكبر من تفاهة الحديث عن أردول...أنتم تقتلون المروءة والإنسانية في أبنائكم كما قتلها آباؤكم فيكم.