ماذا؟ حكم حد حرابة على زعيم النيقرز؟ بقلم سعيد محمد عدنان

ماذا؟ حكم حد حرابة على زعيم النيقرز؟ بقلم سعيد محمد عدنان


06-24-2021, 10:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1624571435&rn=0


Post: #1
Title: ماذا؟ حكم حد حرابة على زعيم النيقرز؟ بقلم سعيد محمد عدنان
Author: سعيد محمد عدنان
Date: 06-24-2021, 10:50 PM

10:50 PM June, 24 2021

سودانيز اون لاين
سعيد محمد عدنان-UK
مكتبتى
رابط مختصر



– لندن – بريطانيا

يا للهول يا للهول...
أولاً: ظنّي أن الوثيقة الدستورية، رغم أنها لا تركب في هياكل العدالة، كان المقصود بها "مغامرة خجلى لدستورٍ مؤقّت ريثما يتم تنقية الدستور المعمول به الآن من نصوصه المنافية للحريات وحقوق الإنسان، مع أني كتبت، وكنت من أوّل الكاتبين في ذلك الشأن، كنت كتبت كثيراً قبل إصدار تلك الوثيقة (راجع المقال " حذار …. وعاجل… الجزء الثاني، بتأريخ 16 أبريل 2019")
في الرابط:
حذار .... وعاجل... الجزء الثاني بقلم سعيد محمد عدنانحذار .... وعاجل... الجزء الثاني بقلم سعيد محمد عدنان
بأن العقل ينادي باعتماد دستور 1956 الذي فُصِّل على دولة السودان التي وُلِدت حينها، قبل تشويه بالحكومات الشمولية والدكتاتورية التي توارثت الحكم بعدها.
لعل تساؤلاً يكاد يخنق القارئ: ما القصد بالحريات وحقوق الإنسان؟
لا، لا أعني حقوق الإنسان بعدم قطع يده ورجله على أساس أنها غير إنسانية، لا.
أولاً: لأنما الشريعة الإسلامية لا تأمر بالقطع من خلاف، ولكنه حدٌّ، أي نقطةٌ لا يجوز تجاوزها. وهذا ما يختلط على الفقهيين مثلما اختلط عليهم أشراك الرسول (ص) مع الله تعالى في نص "سنة الله ورسوله"، ورفض فهم أن رسوله هنا تشير إلى مرسوله، أي، رسالته، وأن السُّنّة هي رسالة الله أي القرآن.
ثانياً: بما أنها حدٌّ، فمعناها الوصول إليها يجب أن يتم برأي القوم أصحاب الأمانة (الأمة التي أئتمنت الحاكم على الأمانة المقتسمة بين أفرادها، وهي الهوية وما معها من حريات وحقوق). ونحن حتى الآن لم نصل للإتفاق على من هم أصحاب الأمانة قبل الأمانة نفسها والتي لا ندري كيف نقيّمها.
ثالثاً: والآن، وأنا أتمنى أن يكون الإلتباس في الحدود أنها عقاباً قد تبدد، أشير إلى أن الجزاء من عقابٍ أو ثواب، أساساً هو عند الله تعالى والذي آل على نفسه أن يجزي فيه يوم الحساب بالثواب والعقاب ولديه العفو إن أراد. أما لدينا هنا في هذه الدنيا، فالجزاء يكون ثواباً لو كان فيه تحفيز لمزيدٍ من عمل الخير، أو عقاباً للردع، علماً بأن القصاص حكمته مختلفة فهو درء الفتنة ومنع الإنتقام.
وفي العقاب يقرر المجتمع صاحب الأمانة كيف تكون العقوبة بحيث لا تكون عقوبةً على أنفسهم أيضاً.
وأشير هنا إلى تجربة المستعمرين في ذلك، فبعد بدأ الإستعمار في استكشاف الأراضي الجديدة وبوابات الملاحة بواسطة إسبانيا والبرتغال، وأمريكا الشمالية بالحجيج المسيحيين، تلا ذاك الإستعمار البريطاني والفرنسي والبلجيكي.
قام ملك البلجيك باستعمار الكونجو من أجل إستعمال الأهالي كعبيد بعد أن أوقفت تجارة العبيد حيث لا يستطيع ترحيلهم لبلجيكا، ولما ظهرت تجارة المطاط في شرق آسيا قرر زراعته في الكونجو لتكثيف مكسب رقيقه من المواطنين، حيث كانت فلاحة المطاط قاسية جداً ولكنها مربحة. ولما تهرّب المواطنون من ذلك الحمل الثقيل، عاقبهم الملك بالبتر حتى بتر منهم 2 مليون مواطن.
فاجتمع المستعمرون في مؤتمر برلين حيث عاقبوه وعاقبوا فرنسا أيضاً والتي سببت حادث فشودة في محاولتها سرقة السودان من بريطانيا، وانتزعت منهما الكونجو من كلٍ منهما ليكون في وصايتها حتى منحتهما للسودان كجزء من جنوب السودان في مؤتمر جوبا عام 1947.
إحترام الأمانة هي أهم مكارم الأخلاق في الديمقراطية، وحملها، كما قال جل وعلا، حمل ثقيل حمله الإنسان بظلمه وجهله، رغم أن أمرهم شورى بينهم. فما هي شورى هذه القوانين التي بها تحكمون؟ هي قطعاً ليست قوانين الله تعالى للثواب والعقاب، إنما هي نقطة التوقف وعدم التعدي. إذاً من شرّعها داخل القوانين؟ أليست العصابات التي كانت تحكم هذا البلد وقامت هذه الثورة لاجتثاث فسادها ونجاستها؟
وهذا المتهم هو زعيم عصابة عرقية، ومن تسميتها ليست عرقية لكرهها من اعتدت عليه، ولكن ربما يكون للإنتقام منه، فمن تسميتها بال "نقرز"، فهذا تعبير كان يستعمله تجار الرقيق الأطلسي تحقيراً لفصيلة البش السوداء، ولا يرغب فصيل أسود البشرة بتلك التسمية التي انعدمت من كل إنسانية وفاضت بالإحتقار ليمارس بها احتقاراً آخر يكون سبباً لتسميته بالحرابة. إنها أقرب ألى صرخة مظلومٍ أو صيحة عذاب، قطعاً لم يتسبب فيه هو ولا عشيرته.
هنا تكمن الأمانة حتى لا يحل الغضب والسوْرة والزهو بالنفس، حتى لا يحل محل العدالة وضبط النفس من خيانة الأمانة.
ثم إنه، ألم ترَوْا كيف انزلق قبلك مجرمو الإنقاذ البائد، في تقتيل المواطنين في الجنوب وفي الغرب فقط لأنهم في نظرهم هم في حرابة معهم؟ ألم يشرع المخلوع في قبول التقتيل لنصف المواطنين بتدريجه للقناعة بفتوى الإمام مالك؟ أين ذلك من توبة ولي العهد السعودي الذي أراق حكام دولته من أسلافه دماءاً كثيرة بنفس الجنون الفقهي البعيد عن القرآن وآياته البينات؟ ولا يعتقدنّ أحداً أن الغرض هنا في التشكيك في الإسلام، بل العكس هو التمسك بالأديان ومكارم أخلاقها ونصوص راعيها وربها جلّ وعلا، وذلك بالأمانة وبعدم إتخاذ القرآن مهجوراً.
وبهذه المناسبة فلقد شهدت تحرّكاً واسعاً في الغرب لإقامة الحجة بأن محمداً (ص) أكذوبة وعليه فإن الإسلام أكذوبة أيضاً علماً بأن حججهم كلها من كتب الإسلام التي يسير بها الفقه لدى المسلمين، وأنا أقوم بدراستها لتفنيد تأويل كاتبيها، مما يجعل منها تحدياً ليس بالسهل لأن تغذيته من فقهنا. وسأقوم بنشره ومتابعته فور اكتمال أيّ جزءْ منه.
إن الإنزلاق في القانون بدون تروٍّ، من أخطر الهنّات التي تدير الدائرة سريعاً إلى الوراء وتجلب الفشل والفتنة.
إنّ السودان اليوم يجاهد لرأب صدْع الهوية التي تمزّق بالفتنة العرقية والدينية والطبقيًة، وفي ظروفٍ أقل ما يقال عنها إنها صعبة وخطرة، وفي امتحانٍ أمام العالم الذي، ولحسن الحظ، قد استوعب رفعة قومنا وأمانتهم وجدّيتهم في الخروج من هذه الهاوية، فبرقت أعينهم وعداً وعهداً بالمناصرة، وفوق ذلك نحن في شقاق مدني وتهدّدٍ عسكري، بينما الشق العسكري لدينا يقف موقفاً أفضل من الشق المدني لدينا، ولكن رئيس الوزراء الدكتور حمدوك يمتصّ سوءة ذلك المكون المدني ببطولةٍ وثباتٍ وعقلٍ راسخ.
والفلول تسعى لهزّ ذلك التوازن الصعب.
مثل هذه الأخطاء تكون بمثابة منافذ لتلك الفلول للوصول لإخلال ثبات تلك السواعد القوية التي تمسك بمعبد شمشون من الإنهيار على الجميع.