د. عبدالله علي ابراهيم: "لقد جرعتم الناس الفقر فكفوا عن التسلي بهم"

د. عبدالله علي ابراهيم: "لقد جرعتم الناس الفقر فكفوا عن التسلي بهم"


06-15-2021, 00:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623714538&rn=0


Post: #1
Title: د. عبدالله علي ابراهيم: "لقد جرعتم الناس الفقر فكفوا عن التسلي بهم"
Author: مازن سخاروف
Date: 06-15-2021, 00:48 AM

00:48 AM June, 14 2021

سودانيز اون لاين
مازن سخاروف-UK
مكتبتى
رابط مختصر



د. عبدالله علي ابراهيم: "لقد جرعتم الناس الفقر فكفوا عن التسلي بهم" (1)

شاعر بريطانيا وليَم بليك لديه بيت شعر شهير:

And charity shall be no more
If we don't make somebody poor

ثقافة الفقر (دفع الناس إلى الحوجة) في العقلية المؤسسية الأنقلوساكسونية ظاهرة تستحق الوقوف. ويبدو أن ظل بريطانيا على أرض المليون مثل "رهيو" نازل بشجرة وحالف بدينو ما يفوت.
الحكومة البريطانية بعد أن جففت القطاع الأوسط في الإدارة, ما يسمى بالـ middle management
في سياسات نفذت منذ عقد من الزمان بإبداع وصولا إلى تقليص "هامش رأس المال" عند اللفقراء والطبقات الأقل دخلا, ويشمل ذلك:
- إقفال العشرات من نقاط الشرطة والمكتبات العامة ودور النشاط الإجتماعي
- إجبار الكليات قبل الجامعية على "الإندماج": عمليا يعني هذا تسريح عدد من المدرسين, وبيع المباني إلى "مستثمرين" والمعدات الفنية يحصل عليها "بتراب الفلوس"
- رفع تكاليف الحياة اليومية بطرق مختلفة: تعريفة المواصلات, السماح للشركات الخاصة بزيادة الفواتير بحرية أكبر

وقبل سنوات توصلت الحكومة بشغف ودأب كبيرين لتعقب "كل مليم أحمر" يمكن أن يدخل جيوب الناس ويخفف قليلا من الضغط المعيشي, فكان أن تفتق ذهن الحكومة عن أن تلغي المساعدات الإجتماعية المختلفة وتستبدلها بمساعدة واحدة إسمها نظام الدفع للجميع Universal Credit System
وهذا يعني ان الأسر الفقيرة التي كانت تآخذ مساعدة منصرفات شخصية, وبدل إيجار, وبدل علاج, أصبحت تآخذ "صرفة" واحدة. وعندما "تُحسب الملاليم" تجد أن البيعة الجديدة "بالخسارة". وإذا حدث للأسرة أو الشخص ظروف شخصية, مثل التآخر عن موعد مع مكتب التوظيف مثلا, يمكن أن تفقد كل شيئ, إذ يقومون بقفل حسابك وتكون أنت آخر من يعلم. مرّ عليّ من طلابي الذين كنت أدرسهم أوضاع بمقاييس بريطانية تعتبر مأساوية. هناك طلاب لا يستطيعون المجيئ إلى المدرسة بالقطار, لأن تذكرة القطار غالية فيضطرون إلى خيار البص, فيصلون متآخرين إلى المدرسة ساعة أو ساعتين.
وهذا طبعا غير الشد النفسي الذي يحدث عن إقفال الحساب. وعندي شخصيا طالب سوداني في لندن أقفلوا حسابه و"فكوه عكس الهوا" غتاتة كدة بس.
طبعا بعد الكورونا وتحول حوالي خمس السكان إلى فئة غير منتجة بالإحصاءات الرسمية, نجد ان حكومة "السجم" البريطانية تتحدث عن "مشكلة" البطالة.

أستاذنا الراحل سمير أمين قال بملئ الفم :
"فقدان الوظيفة شيئ جيد بالنسبة للدولة الرأسمالية كوسيلة لتدمير مكتسبات الطبقة العاملة"
ثم مضى ليقول, لا يوجد أي سبب لدينا يجعلنا نصدق دموع التماسيح التي يذرفها أولئك المتباكون على فقدان الناس لوظائفهم. (2)

لقد رأينا في أزمة الكورونا بملئ أعيننا تخلي الحكومات الغربية عن وظائف "أخلاقية" أساسية تجاه رعاياها, مثل التكفل بتكاليف نقلهم إلى بلادهم. هل هي مرحلة "بقر" الرإسمالية
Implosion of Capitalism
التي تحدث عنها سمير أمين؟

---------------
(1) مقال بصفحة الرأي لـ د. عبدالله علي ابراهيم بتاريخ الأمس 14 يونيو 2021 (جزء من المقال الذي سبق نشره كما ذكر كاتبه في عام 2013)

(2) د. سمير أمين Capitalism in the Age of Globalization, 2012