تعقيب على مقالات الاحتيال السياسي بمظلة المجتمع المدني (٤ - ٤) بقلم:جعفر خضر

تعقيب على مقالات الاحتيال السياسي بمظلة المجتمع المدني (٤ - ٤) بقلم:جعفر خضر


06-14-2021, 08:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623698591&rn=0


Post: #1
Title: تعقيب على مقالات الاحتيال السياسي بمظلة المجتمع المدني (٤ - ٤) بقلم:جعفر خضر
Author: جعفر خضر
Date: 06-14-2021, 08:23 PM

08:23 PM June, 14 2021

سودانيز اون لاين
جعفر خضر -السودان
مكتبتى
رابط مختصر




صحيفة الديمقراطي ١٤ يونيو ٢٠٢١

أختم اليوم تعقيبي على مقالات الأستاذ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ بصحيفة "الديمقراطي" التي جاءت تحت عنوان (ﻧﻤﻮﺫﺟﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻤﻈﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ‏"ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﻭﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ"). وأرجو أن يبدأ المنشغلين بالمجتمع المدني حوارا موضوعيا شفافا للمساهمة في إصلاح المجتمع المدني.
إن هنالك أهمية عظمى لبناء مجتمع مدني قوي يكون ملاذا للسودانيين كخيار بديل للانتماءات الأولية، وهذا شرط ضروري لترسيخ مفهوم المواطنة وإنجاح الانتقال الديمقراطي، الذي تكتنفه الكثير من المخاطر .
إن ديكتاتوريات السودان المتطاولة أعاقت النمو الطبيعي للمجتمع المدني، وآن الأوان لبذل الجهود المخططة لبناء منظمات المجتمع المدني بصورة مؤسسية .
هنالك الكثير من العاملين في المجتمع المدني الراغبين في إصلاحه، وقد تفوت على بعضهم البديهيات، وتطش أعينهم عن الصواب، من فرط استقرار الممارسات الخاطئة التي تتم تحت بصر رموز المجتمع المدني ومنظماته الوطنية والإقليمية والدولية.
ولك أن تتوقع أن عدم عقد الجمعية العمومية لمبادرة المجتمع المدني، لم يؤرق أيا من المنظمات المكونة للمبادرة ، إن كانت لا تزال هنالك ثمة منظمات.
وشخصيا لم أسمع بأي لائحة تنظم عمل تجمع القوى المدنية وتبين حقوق وواجبات المنظمات المنضوية تحت لوائه.
إن انعدام المؤسسية في مبادرة المجتمع المدني وتجمع القوى المدنية، تقف وراءه بدرجة من الدرجات ضعف المؤسسية وربما انعدامها في كثير من المنظمات المكونة لهذه التحالفات نفسها ، وهذا يفتح الباب للشلليات على مصراعيه! .
ولذلك ليس من المستغرب أن تنحرف ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻭﺗتحول إلى منظمات شللية أو ﺃﺳﺮﻳﺔ، ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺗﻤﺎﺭﺱ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺑﻤﻈﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺍﻟﻄﻮﻋﻲ ، وتفتح لها طريقا قصيرا للوصول ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ.
وإن كنت أختلف مع كاتب المقالات في رفضه القاطع لتمثيل المجتمع المدني في تولي المواقع السياسية. وأرى ألا مانع من ذلك في الفترات الانتقالية، شريطة أن يتم ذلك عبر تحالف مؤسسي للقوى المدنية، يضم منظمات حقيقية، وأن تتم العملية بمشاركة ديمقراطية وشفافية.
ويرى الكاتب أنه قد ﺃﺗﻴﺤﺖ لعناصر المجتمع المدني ﻓﺮﺹ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﻭﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺃﻗﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻇﻔﺖ.
مع صعوبة قياس ذلك، ولكني أظن أن التدريب الذي توفر اقتصر على عدد قليل من الفاعلين، وذلك لسببين أولهما أن الاتجاه العام ذهب في اتجاه إقامة دورات قليلة بتكاليف باهظة، بدلا من إقامة دورات كثيرة، فقد أقيمت الكثير من الورش في نيروبي وكمبالا وأديس أببا والقاهرة، وغيرها؛ مما يعني تذاكر طيران وإقامة فندقية. وثانيهما أن الدعوات للدورات والورش كانت تعتمد على العلاقات الشخصية أكثر من المؤسسية. ولقد أصبح من الطبيعي أن يُطلب من شخص أن يأتي للمشاركة في ورشة باسم منظمة من غير أن يلزمونه بموافقة المنظمة التي سيمثلها!!
هذه الأساليب أدت إلى تجاوزات كبرى في المنظمات، وسبق أن قال الدكتور حيدر إبراهيم غالباً ما تتحول ديمقراطية المنظمات إلى تحكم شلة نافذة تستولي على فائض القيمة المتمثلة في المال والسفر والعلاقات العامة.
ويقول عبد العزيز حسين الصاوي منتقدا العناصر "التي تمارس تشويها لهيئات المجتمع المدني لا يقل عما تمارسه الأوساط الرسمية يتمثل في احتكار المواقع القيادية أو/ و استخدامها للاسترزاق الإعاشي والاستمتاع بامتيازات السفر وغيره .
إن المنظمات الدولية الممولة لها دور كبير في تخريب المؤسسية في منظمات المجتمع المدني. من أجل التمويل فقد تكتفي المنظمات الممولة بشهادة تسجيل المنظمة وبإعداد ميزانية بكامل فواتير صرفها لتبرئة ذمة المنظمة المحلية. وعادة لا تهتم المنظمات الممولة بمؤسسية المنظمة المحلية من حيث التزامها بعقد جمعياتها العمومية وتجذير للشفافية بين عضويتها، ناهيك عن شفافيتها للمجتمع المحلي والشعب السوداني .
وكثير من المنظمات لا تستطيع العمل إلا في ظل وجود التمويل من المنظمات الكبرى، لذلك عندما أوقفت المجموعة السودانية للديمقراطية أولا تمويل مبادرة المجتمع المدني لم تستطع عقد ورشة واحدة أو منتدى واحد، أو لقاء، أو حتى اجتماع لعضويتها، حسب الكاتب، وصارت عبارة عن شنطة يحملها الزعيم، وقد استعاضت المبادرة عن ذلك بوجودها المؤثر في الحرية والتغيير والتقارب من المكون العسكري، الذي يستحوذ على مال يفوق مال المنظمات المانحة.
إن قول كاتب المقالات بأن مبادرة المجتمع المدني تحولت لشنطة يحملها الزعيم!! يذكر بما أورده كمال الجزولي في مقاله القيم
المعنون ب(الجُّرحُ والقَوْس: منظمات المجتمع المدني السوداني والفضاء المعنوي للتغيير!) إذ قال أن بعض المنظمات أو الجَّمعيَّات أو المراكز ليست، في حقيقتها، غير حقيبة صغيرة تحت إبط "المالك" الذي يكون، عادة، لغفلته، آخر من يعلم أنه، بهذا، إنما يجعل من نفسه هدفاً لسخرية المانحين، أنفسهم، قبل غيرهم، فيطلقون على مؤسَّسته، تندُّراً، ما يُعرف، في دوائرهـم، بالـ "Brief Case NGO"، ويا له من وصف مُهين!
فإذا تحول تحالف (مبادرة المجتمع المدني) إلى حقيبة في إبط الزعيم، فإن المنظمات المكونة لهذا التحالف لا يعدو الواحد منها إلا أن يكون محفظة نقود صغيرة!!
ويرى كاتب المقالات أن تجمع القوى المدنية ، الذي وصفه بأنه أقرب للشلة، ولكنه مقارنة بالمبادرة، به شخصيات معتبرة، ولغالبية الأعضاء منظمات مدنية ومقار، كما لهم علاقات مع منظمات دولية ممولة. ولكن يبقى المعيار المهم هو إلى أي مدى تلتزم هذه المنظمات، ذات المقار، بعقد جمعياتها العمومية؟ وإلى أي مدى تتسم بالشفافية؟
رغم هذا الخراب الكبير ليس المقام مقام تشاؤم ، وأرى أن الفرصة لا زالت مواتية أمام الصادقين بتجمع القوى المدنية ومبادرة المجتمع المدني وكل المنظمات لإجراء إصلاحات كبرى داخل المنظمات، بحيث تكون تنظيم الجمعيات العمومية هو مهمة شبه مقدسة، إن صح التعبير، لا نؤخرها عن موعدها البتة، وأن تكون الشفافية هي عنوان المرحلة القادمة، ليس لأعضاء المنظمة فحسب، بل وللشعب السوداني بأسره. إنه واجب الساعة الذي لا ينبغي التقاعس عنه، سيسألنا التاريخ وستسألنا الأجيال القادمة!!