ولاتحينَ مندم: شكراً بقلم خلود دفع الله الحسن

ولاتحينَ مندم: شكراً بقلم خلود دفع الله الحسن


06-08-2021, 12:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623153310&rn=0


Post: #1
Title: ولاتحينَ مندم: شكراً بقلم خلود دفع الله الحسن
Author: خلود دفع الله الحسن
Date: 06-08-2021, 12:55 PM

12:55 PM June, 08 2021

سودانيز اون لاين
خلود دفع الله الحسن-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




يقول التاريخ البشري وتقول أمثال العرب إنك لا تجني من الشوك العنب...
ولن يحصد الزارع إلا ما زرع.
ومنذ قيام ثورة ديسمبر... تعاهد الجميع على التمّسُك بالسلمية مهما بلغ
بطش جند النظام وعنفهم.
وهذا ما تمّسكت به الأحزاب ونشطاؤها, والتزم به صغار الشّبان الذين
مّثلوا وقود الثورة, واحترقوا لتشتعل وتضيء.
وصل الثوار ساحة الاعتصام في محيط القيادة العامة, وهناك أغرقت أحزاب
الحرية والتغيير عقول الثوار بسيول من الأحلام الوردية بالمستقبل الزاهر,
والعدالة الكاملة, والدولة الفاضلة التي لا يُفلت فيها مجرمٌ من العقاب.
وقبل أن يستفيق الثوار من غمرة تلك الأحلام, وقعت مجازر القيادة, وشاهد
أولئك الشّبان بأم أعينهم جرائم لم تكن في حسبانهم, ولم تخطر ببال أحدهم
في أكثر كوابيس الأحلام رعبًا.
قُتل رفاقُهم أمام أعيُنهم, واغتُصب بعضهم, وأُلقي بعضهم أحياءًا في
النيل, وقبل أن يستفيقوا من الصدمة, إذا بهم يتفاجؤون بذات الأحزاب التي
كانت تحّدثهم عن دولة العدالة وقد وضعت يدها فوق يد قاتليهم.
حاولوا امتصاص ذلك الألَم الثقيل, متعّزين بمواكبهم التي تصغر أحيانًا وتكبر,
يتواصل الاستهداف, فيُقتَل أحدهم غدرًا, ثم يختفي آخر, وبعد فترة يُعثَر
على جثته قتيلاً, ويُقتل آخر, ويختفي آخر, ثم يختفي آخر,
وفوق هذا لا ينالهم من تلك القوى التي انتزعتهم من حياتهم البسيطة,
وأشبعتهم بأحلام الثورة والتغيير, سوى عبارات السخرية والتسفيه, بل
والتخوين في أسوأ الأحوال..

اليوم وهم لا يزالون يعتصرون ألَم فقدِ الرفاق, واحتمال البطش والتهديد
والأذى, ويرون فوق ذلك عدّوهم وهو يتسّلط على رقابهم ويصنع مزيدًا من
البؤس في واقعهم, وأحزاب قحت تصب زيت تناحُرها وفشلها فوق جراحاتهم
الملتهبة....
ينفرط ثوب الحكمة التي ارتداها هؤلاء الثوار الصغار لثلاثة أعوام من
الألم المتواصل, وينمو الغضب على كل شيء.
على القاتل الذي يتسّيد المشهد بكل وقاحة الدنيا دون أن يستحيي من جرائمه.
وعلى المتخاذل الذي وعدهم بالحرية والعدالة, فنكث عن كل الوعود, واضعًا
يده بولاء فوق يد القاتل.
وعلى بعض الرفاق الذين تفّرقوا عنهم واختاروا الاستكانة إلى الواقع الجديد.
وربما على أنفسهم إذ منحوا ثقتهم وولاءهم لمن لا يستحق.
لتحمل الأنباء المفجعة, نبأ مقتل أحد الثوار على يد رفيقه, في أكثر
أنبائنا سوداويةً على الإطلاق.
وقد كان على أحزاب قحت التي تهافتت على اقتسام فتات ما منحها بقايا نظام
البشير من سلطة, أن تكون عند وعدها للثوار؛ مثلما أخرجتهم من بيوتهم,
وعّبأتهم بالأحلام التي تعلم أنها ليست أهلاً لتحقيقها.
أو مواساتهم ومشاركتهم أحزانهم ومداواة جراحهم.
كان عليها مكاشفتهم بشجاعة أنها ستصالح من قتَل.
كان عليها أن تكُّف عن تضليل الناس بحديث العدالة المكذوبة, في ظل حكم القاتل.
أو كان عليها على الأقَل أن تكُّف أذاها عن أولئك المكلومين رفاق
الشهداء, وتكُّف عن السخرية من أحلامهم, ووصفِهم بالطيش.
اليوم على الجميع أن يعلم, أن حكمة الثوار وسلميتهم على المحّك.. وأن
لصبرهم وحكمتهم حدود.
وأن مواصلة الظلم لن تأتي إلا بتطّرُفٍ آخر ربما لم يكُن في حسبان أحد.
وأن الخطء يومها لن يكون خطأ الثوار الذين أتتهم سهام الغدر والظلم من كل
مكان... لكنه سيكون خطأ الذين انتزعوهم من واقعهم وأغرقوهم بالأحلام, ثم
جبنوا عن حمايتهم, كما جبنوا عن تحقيق ما وعدوا به.