ثم ماذا بعد إقحام مصر السودان في تدمير سد النهضة وبعده السدود السودانية ؟ بقلم:ثروت قاسم

06:37 PM April, 08 2021

سودانيز اون لاين
ثروت قاسم-
مكتبتى
رابط مختصر

[email protected]

+ مفاوضات كنشاسا حول سد النهضة وما بعدها ؟
هذه الحلقة الثانية من مقالة من اربعة حلقات ، نحاول فيها إستعراض خلفيات وتداعيات ومآلات المفاوضات بين مصر والسودان واثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة الاثيوبي .
في يناير 2021 ، انتهت المفاوضات بين الدول الثلاثة إلى طريق مسدود ، ووصلت الى طريق مسدود ثان في يوم الاثنين 5 ابريل 2021.
معادلة إيجاد حل لحدوتة سد النهضة ، مقبول لكل الاطراف ، صعبة بالتأكيد، ولكن من قال ، وفقا للتاريخ ، إن هكذا حلول من لطائف الأمور البسيطة ، التى تمر سهلة بلا ألم ولا وجيعة.
في يوم الثلاثاء 6 ابريل 2021، نشرت اثيوبيا بياناً للناس اوضحت فيه إن مصر والسودان رفضتا في يوم الاثنين 5 ابريل 2021 ، التوقيع على مسودة الاتفاق الذي صاغته الوساطة الافريقية - الكنغولية ، بدعوى إنه لم يحول الوساطة الى وساطة رباعية يرأسها الاتحاد الافريقي بعضوية الاتحاد الاوروبي ، والامم المتحدة ، والولايات المتحدة .
نواصل إستعراضنا لحدوتة سد النهضة في النقاط التالية :
+ التفكير خارج الصندوق ؟
وصلت مفاوضات كنشاسا إلى طريق مسدود برفض اثيوبيا فكرة الوساطة الرباعية ، والاصرار على عملية التفاوض في إطار الإتحاد الافريقي .
اهم واول بند في عملية الوساطة ، اي وساطة ، قبول الاطراف المتنازعة على الوسيط ، لانك لا تستطيع إرغام اثيوبيا على قبول إملاءتك ، وفرض الوساطة الرباعية عليها ، وهي ترفضها ، وتصر على إستمرار عملية وساطة الاتحاد الافريقي . خصوصاً ولم يناقش مجلس الامن الشكوى التي قدمتها مصر ، في مايو 2020 ، ضد تعنت اثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة ، وحولها دون مناقشة الى الاتحاد الافريقي .
في هذا السياق ، نُذكر بان رئيس فريق الوساطة الافريقية هو رئيس جمهورية الكنغو الديمقراطية ، ورئيس الدورة الحالية للإتحاد الأفريقي .
تحتاج الوساطة لخيال واسع يتمتع به الوسيط ليبتكر حلولاً جديدة خارج الصندوق . ولو كان السيد رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية يتمتع بهذا الخيال ، لما سمح لاكثر من 27 مليون من مواطنيه العذاب في براثن مجاعة طاحنة، حسب تقرير تم نشره يوم الاربعاء 7 ابريل 2021 ، بواسطة منظمة الفاو الاممية ، وبرنامج الغذاء العالمي .
جيناك تعين ، لقيناك عاوز تتعان ؟
إذن دعنا نفكر في تغيير الفكر ، والتفكير في حلول جديدة خارج الصندوق ، بل دعنا نجدع الصندوق بعيداً ، حتى لا نعطي فرصة لإثيوبيا فرض الأمر الواقع علينا ، ونحن مكتوفي الايدي .
واول هذه الافكار خارج الصندوق ، ما قال به في يوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 ، السيد هايلي مريام ديسالين رئيس الوزراء الاثيوبي ، وما سبق ان صرح به سلفه ملس زيناوي قبل وفاته في اغسطس 2012 ، وما صرح به الرئيس حمدوك يوم الاربعاء 7 ابريل 2021 ، من ان سد النهضة سوف يمثل فوائد جمة لمصر والسودان ، وبالأخص للسودان .
كيف يا حبيب ؟
نختزل ادناه مثالاً وتدليلاً وليس حصراً ، اربعة فوائد يمكن ان يجنيها السودان من سد النهضة :
واحد :
يفعل السودان خيراً بقبول الاقتراح الاثيوبي بإستعمال سد النهضة للري والزراعة في السودان ، بمد ترع من اعلى السد لتروى الاراضي الزراعية الخصبة في السودان في مشاريع زراعية مشتركة بين اثيوبيا والسودان ، خصوصاً والسد يبعد بمسافة حوالي 15 كيلومتر من الحدود السودانية .
ويضرب السودان عصفورين بحجر واحد ، فيستفيد من 12 مليار متر مكعب من حصته السنوية في مياه النيل ، حسب اتفاقية 1959 بينه ومصر ، تضيع منه هباء منثوراً كسلفة غير مُستردة لمصر كل سنة ، بالإستفادة من هذه الحصة المهدرة في ري وزراعة اراضيه اسفل سد النهضة .
تستعمل مصر هذه السلفة المجانية في ري وزراعة اراض في سيناء والوادي الجديد ، وهما خارج حوض نهر النيل ؟
اجهل لماذا لم يكنكش السودان في هذا الاقتراح ، وهو صادر من اعلى سلطة تنفيذية في اثيوبيا ، ويعمل على إنفاذه ، ليصبح سد النهضة ، وكانه سداً سودانياً بإمتياز ؟
سؤال كالسعال ؟
اتنين :
سوف يساعد تشغيل سد النهضة في كبح جماح الفيضانات خلال موسم الخريف في السودان .
تلاتة :
سوف يساعد تشغيل سد النهضة في تمكين المزارعين السودانيين على ضفاف النيل الازرق، الذين قدرتهم المنصورة ب 20 مليون ، الاستفادة من الري والزراعة طيلة ايام السنة ، لان سد النهضة سوف يوفر تصرفاً يومياً متساوياً ومُستداماً طيلة ايام السنة ، لضمان توليد الكهرباء طيلة ايام السنة .
اربعة :
سوف يستفيد السودان من كهرباء سد النهضة بسعر التكلفة ، وكانه مالك للسد . قارن بين هذا العرض الاثيوبي المغري ، ورفض مصر مد السودان بكهرباء من السد العالي طيلة الخمسين سنة الماضية ، ومنذ بدء تشغيل السد العالي في عام 1970 ، رغم التضحيات الجسام التي قدمها السودان لمصر لمساعدتها في بناء السد العالي .
لم يلجأ السودان إلى الكواريك عند بناء السد العالي ، كما الكواريك التي نسمعها حالياً من مصر ضد ملء وتشغيل سد النهضة ، مع ان خسائر السودان من بناء السد العالي من عينة لا عين رأت ولا أذن سمعت.
خمسة :
سوف يساعد سد النهضة في تقليل إطماء الخزانات السودانية على النيل الازرق والنيل الرئيسي .
اعلاه يمثل نهجاً جديداً للتفكير خارج الصندوق ، ومجادلة اثيوبيا بالتي هي احسن ، بدلا من تهديدها بشكواها لمجلس الامن .
+ تهديد وزير الري السوداني ؟
في يوم الاربعاء 7 ابريل 2021 ، نسي معالي البروفسور ياسر عباس وزير الري السوداني وهو يهدد اثيوبيا بشكواها لمجلس الامن ، بأن مصر قد سبقته ، وإشتكت اثيوبيا لمجلس الامن في مايو 2020 ، بخصوص سد النهضة ، فماذا كان ردة فعل مجلس الامن ؟
كما ذكرنا أعلاه ، رفرفر مجلس الامن الشكوى المصرية ، حتى اعادتها ادارة ترامب لطاولة المجلس في يونيو 2020 ، بعد اكثر من شهر على تقديم مصر لها .
لم يناقش مجلس الامن الشكوى المصرية ، بل احالها بصمة خشمها للاتحاد الافريقي .
إن كان معالي الوزير قد تجاهل او تناسى هذا الامر فهي مصيبة ، وإن لم يكن على علم به فالمصيبة اكبر .
+ السودانيون من ملاك سد النهضة ؟
في يوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 ، صرح وزير الخارجية السوداني وقتها البروفسور إبراهيم غندور بأن مصر تتخوف من سد النهضة الإثيوبي لأنه :
" يخدم مصالح السودان ، ويمكِّنه من استخدام كامل حصته في مياه نهر النيل التي كانت تمضي لمصر على سبيل /الدين/ منذ عام 1959 . إن سد النهضة من شأنه إعادة حصة السودان من المياه إليه، والتي كانت مصر تحصل عليها من قبيل "السلفة" غير المُسترجعة .
كما إنه سوف يمد السودان بكهرباء بسعر التكلفة ، خصوصاً وقد رفضت مصر مد السودان باي كهرباء من السد العالي منذ بداية تشغيله في عام 1970 ، رغم تضحيات السودان المهولة في بناء السد العالي . كما ان سد النهضة سوف يحجز الطمي ، فيساعد في تقليل اطماء خزاناتنا ، ويمد السودان بتصرفات مائية مُعتبرة طيلة السنة خصوصاً في فترات الجفاف .
وهذا ما يفسر موقف السودان الداعم لأثيوبيا لبناء هذا السد . "
إنتهى الإقتباس.
بعد تصريح البروفسور ابراهيم غندورفي نوفمبر 2017 ، طرحت الحكومة الاثيوبية سندات سد النهضة في البنوك السودانية ، فتسابق السودانيون في صفوف طويلة امام البنوك لشرائها ... ربما تصديقاً لتصريح البروف غندور ، وربما كيتن في مصر ، وربما دعماً لإثيوبيا ، وربما إبتغاء الربح المادي .
يمكن إعتبار السودانيين العاديين من الممولين بل ملاك سد النهضة ، وبالتالي من المدافعين والمنافحين عنه .
نواصل ...