ازمة مياه القضارف .. التهميش والمتاجرة السياسية بقلم :جعفر خضر

ازمة مياه القضارف .. التهميش والمتاجرة السياسية بقلم :جعفر خضر


04-07-2021, 11:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1617833815&rn=0


Post: #1
Title: ازمة مياه القضارف .. التهميش والمتاجرة السياسية بقلم :جعفر خضر
Author: جعفر خضر
Date: 04-07-2021, 11:16 PM

11:16 PM April, 07 2021

سودانيز اون لاين
جعفر خضر -السودان
مكتبتى
رابط مختصر




صحيفة الديمقراطي ٧ أبريل ٢٠٢١

كان أحد الولاة السابقين قد ضرب موعدا بأن مشكلة مياه القضارف ستحل في مارس، وعشّم المواطنين أنهم بمنجاة من عطش الصيف المقبل.
سأل مواطن أحد الخواجات العاملين بالسد : هل صحيح أن مشكلة المياه ستحل في مارس؟
رد الخواجة نعم ، ولكن في أي عام؟!!
ظلت أزمة مياه ولاية القضارف مستمرة منذ عهد بعيد في كل أنحاء ولاية الإنتاج الزراعي، وظل الولاة يطلقون الوعود الكاذبة لدغدغة مشاعر المواطنين العطشى للحصول على مكاسب سياسية سريعة.
وتصاعدت آمال المواطنين الظمأى مع تشييد خزان أعالي عطبرة وسيتيت، بالرغم من ان هذا الخيار لم يخضع للنقاش الكافي، بل منع نظام الإنقاذ مناقشة الأمر .
وأذكر أن منتدى شروق الثقافي رتب لتنظيم محاضرة كان من المفترض أن يتحدث فيها المرحوم البروفيسور عبد الله الصديق، والذي كان لب طرحه لحل أزمة المياه أن القضارف ينبغي أن تشرب من النيل الأزرق، ولكن والي القضارف المكلف وقتها مبارك منير هجو منع قيام الفعالية، وحال دون قدوم البروف إلى القضارف، وبالتالي الاستماع إلى وجهة نظره والحيثيات التي استند إليها .
لذلك فإن المعلومات غائبة عن أكثر المواطنين، وهنالك تضخيم ورفع لسقوف التوقع .
فمثلا يتحدث المسئولون عن الحل الجذري لمشكلة المياه، وهو ليس لولاية القضارف كلها وإنما لمدينة القضارف، وحتى لمدينة القضارف هو ليس حلا جذريا، وإنما حل جزئي، إذ انه لن يطال كل أحياء المدينة !! .
كما أن ملف ما يسمى بالحل الجذري تعرض للفساد والإفساد فيما يخص العقودات. وكانت قوى المعارضة السودانية بالقضارف قد اصدرت بيانا قبل الثورة كشفت فيه انعدام النزاهة وازدواجية السلطة وتعارض المصالح، إذ تجد وزيرا هو نفسه مديرا لشركة تنفذ مشاريع بالقضارف ، وتجد عضوا بالمجلس التشريعي هو صاحب شركة في تنفيذ شبكة المياه، وفقا للبيان.
نحن الآن لا ندري حجم الفساد الذي طال مشروع المياه، ولا نستبعد حدوث فساد جديد طالما أنه لم تتم محاسبة أحد بعد. ونتوقع من لجنة إزالة التمكين أن تضطلع بدورها في تصحيح الوضع واسترداد الأموال المنهوبة.
وقد ظل ملف مياه القضارف محلا للتكسب السياسي ولا يزال. وقد سارع البعض قبل نحو أسبوعين إلى مقابلة البرهان، الذي يفتح أبوابه على مصراعيه لكل من هب ودب ، في محاولة يائسة لخلق قاعدة اجتماعية يستند إليها عند القيام بانقلابه، الذي لا زالت نفسه الأمارة بالانقلابات تحدثه به.. جرّب تقرّب جاي .. تلقانا كالهبباي .. في لحظة تلقى الرد .. كل الشوارع سد.
يسعى البرهان لدعم وجوده السياسي عبر التصرف في الأموال التي يسيطر عليها باسم المؤسسة العسكرية، والتي يمانع في أيلولتها لوزارة المالية.
وبالأمس القريب زار البرهان ولاية نهر النيل بغرض الوقوف على مشروع تنموي هنالك، من غير أن يدخل عبر بوابتها والية نهر النيل آمنة المكي، وهو ما يندرج في ما يمكن تسميته بقلة الأدب ، وكسر للبروتوكول مقصود لتقوية وجوده وأنصاره بنهر النيل، وللتقليل من شأن والية الولاية والثوار.
إن بعض المواطنين يرون أن مقابلة البرهان أو حميدتي شيئا عاديا، طالما أن الحكومة المدنية تجلس معهم في اجتماعات السيادة والوزراء أو مجلس الشركاء . وهذا ليس صحيحا لأن الوثيقة الدستورية الزمت الحكومة المدنية بتبعات الشراكة، ولكنها لم تلزم الشعب، الذي من واجبه مواجهة العسكر القتلة، بل ومواجهة المدنيين إن استدعى الأمر.
عليه ينبغي على الثوار التعامل مع المكون العسكري بوصفهم الحقيقي كقاتل للشهداء. لذلك لا يستقيم أن نفصل قضايانا المعاشية عن قضايا الثورة الكبرى.
فمن غير المقبول أن نشتري الماء مقابل دماء الشهداء. لذلك فإن الذين يهرعون لمقابلة البرهان وحميدتي للحصول على المال لمياه القضارف أو لغيرها، إنما يرتكبون خطأين، اولهما تناسي الشهداء، وثانيهما مساعدة العسكر على المزيد من التغول على الوثيقة الدستورية التي لم تعطهم سلطات تنفيذية.
إن تكوين "تجمع مبادرات حل مشكلة مياه القضارف" من أجسام عديدة، خطوة في الاتجاه الصحيح.
وقد قدر التجمع تكلفة الحل الاسعافي بمبلغ (١٩٧) مليون جنيه سوداني .. تكفل ديوان الزكاة ولاية القضارف بدفع مبلغ (٩٠) مليون جنيه سوداني وتكفلت وزارة المالية بدفع مبلغ (١٠٧) مليون جنيه بتصديق من والي الولاية . ويجب أن تتضافر الجهود الشعبية مع الجهود الرسمية المدنية لحل المشكلة.
وقد أعلن تجمع المبادرات أن وفدا سيتجه إلى الخرطوم للجلوس مع الشركات والمقاول ووزارة السدود للضغط وتقريب وجهات النظر والمساهمة في حل بعض الإشكاليات من أجل استئناف العمل في الحل "الجذري" .
وهذا توجه جيد من التجمع الذي نتوقع منه ألا يسمح للمغرضين بالانحراف بمسار الوفد تجاه البرهان لتحقيق مآرب سياسية وضيعة.
ولكن يلاحظ أن التجمع يقتصر على مبادرات من مدينة القضارف، باستثناء "تيار البطانة القومي"، ولأن مشكلة مياه القضارف مشكلة ولائية، ينبغي إضافة مبادرات من محليات الولاية الأخرى، حتى يكونوا شركاء في وضع الحلول الكلية، لأن الجمرة بتحرق الواطيها.
إن أي رؤية لا تنظر لحل مشكلة المياه بالولاية ككل، تعتبر رؤية قاصرة ستؤدي لتفاقم المشكلة مستقبلا؛ لأن توفر الخدمات في مدينة القضارف دون الريف، سيعني مزيدا من الهجرة من الريف إلى المدينة، مما يؤدي إلى مخاطر اقتصادية واجتماعية وأمنية، ومن ثم تتجدد مشكلة المياه بالمدينة مرة أخرى جراء ضغط الكثافة السكانية المتزايد .