حال المدينة السودانية دائما مكتئبة ومغبرة ولا يسر الناظرين بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري

حال المدينة السودانية دائما مكتئبة ومغبرة ولا يسر الناظرين بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري


02-05-2021, 12:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1612524000&rn=0


Post: #1
Title: حال المدينة السودانية دائما مكتئبة ومغبرة ولا يسر الناظرين بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري
Author: د.فراج الشيخ الفزاري
Date: 02-05-2021, 12:20 PM

11:20 AM February, 05 2021

سودانيز اون لاين
د.فراج الشيخ الفزاري-قطر
مكتبتى
رابط مختصر



عملت في فترة سابقة، مستشارا لجائزة منظمة المدن العربية بالدوحة، ويا ليتني لم افعل! فقد أكتشفت أن المدينة السودانية من أقبح وأتعس مدن العالم ، ان لم تكن هي الأتعس والأقبح .
هي مدينة متربة، متوشحة بالغبار طول فصول السنة، وتنقصها الخدمات، ويغيب عنها الجمال ..تتثأب بكسل قبل حلول الظلام..ولولا
المآذن وأصوات المكبرين لصلاة الفجر ، لأشرقت عليها الشمس وهي لازالت غارقة في خدر الكسل..
وكما ظلم الساسة أهل السودان كلهم، ظلمت كذلك المدن والقري فيه وحرمت من التطوير والعمران فظلت شاحبة الوجه، مكشوفة الجسد بلا قناع او ستار من الخضرة والتشجير ، وكأنما ولدت وهي هرمة ، هزيلة، رثة الثياب.
حال المدينة والقرية السودانية ، كبيرها وصغيرها، في المركز والهامش، لا يشبه مدن الحاضر المتمدن بأي شكل كان..ولا يفكر قاطنوها بأمرها ، لا في الدولة ،كخطة استرتيجية، ولا في البلديات...فقد ورثوها هكذا ، بهذا الحال ، بعد خروج الانجليز من السودان ، ولم يفكر أحد في تطويرها الا بالسكن العشوائي غير المخطط و بتحصيل الرسوم والجبايات...فهم اصلا لا يفكرون في مدينة المستقبل او المدن الذكية كما يخطط بقية خلق الله والعالم يدخل بوابة الألفية الثالثة.
نحن تنقصنا الثقافة الاسكانية والسكانية..والتخطيط والعمران...فكل مدن العالم ونجوعها قد تمردت علي بيئاتها الطببعية وطوعتها لتخلق منها بيئة صناعية مشيدة صديقة للبيئة ذات تواصل اجتماعي يستشرف مستقبلها...الا نحن في السودان...
المدينة والقرية السودانية، ظلت طوال عمرها حبيسة الطين والتراب الذي شيدت معظم بيوتها منه..وحبيسة الكتاحة والرياح والغبار الذي تتنفسه كل صباح ...ومع وجود كل العوامل الطاردة..ظلت محرومة من أبسط ضروريات الحياة، الماء والكهرباء ..وحتي الكلأ الذي كانت تهاجر اليه حيواناتنا في البراري لم يعد متاحا فقد قطعت أشجار الغابات وقلصت مساحات الارض الخضراء ولم يعد للقرية او المدينة حزام يصد عنها الرياح أو يجدد انفاسها من الكاربون.
جريمة المدينة والقرية السودانية وظلمها..وأهمال شأنها، يقع علي عاتق المسئولين وأنظمة الحكم المحلي..فلم أجد في كل قوانين الحكم المحلي ، السابقة والحالية والتي تحت الاعداد، بندا يلزم السلطات بتطوير المدينة وجعلها مدينة للمستقبل والحياة.
نعم هناك ادارات للتخطيط والعمران في بعض الولايات، وليست كلها، ولكنها غير مشغولة بهذا الأمر...فهي مهتمة بتوزيع الاراضي السكنية والزراعية وتحصيل الرسوم وانشاء بعض المرافق التي يفرضها واقع الحال كالجسور والانفاق ...وما عدي ذلك من المتغيرات كالمدن الذكية والرقمية ومدينة المستقبل التي تليق بانسان ذلك الزمان الافتراضي...فهذا ترف ذهني لا يفكرون فيه...
مشكلة المدينة والقرية السودانية ، والتطوير، هي مشكلة المسئولين الذين يديرون شئوونها ..فهم علي الدوام مشغولون بشئوون الحكم والسياسة وتولي المناصب...أما التخطيط والتعمير والعمران فهي ادارات هيكلية موجودة وليست بالضرورة ان يكون لها دورا في قراءة واستشراف المستقبل....فهذا مجال جديد لا علم لهم به..
واختم هذا المقال باقتراح طالما طرحته في كل مقالاتي السابقة عن الحكم الشعبي المحلي في السودان، ان اردنا له الاصلاح ، وهو ضرورة الفصل ، في العمل البلدي، ما بين ماهو خدمي بالدرجة الاولي ومنه تطوير المدينة والريف السوداني عامة، وما هو سياسي...فالاول هو المتغير الرئيسي في منظومة الحكم الشعبي المحلي، بينما تصبح كل المتغيرات الاخري تابعة له وليس العكس...
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@ hotmail.com