لماذا تتردد الشخصية السودانية في اتخاذ القرار؟ بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري

لماذا تتردد الشخصية السودانية في اتخاذ القرار؟ بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري


01-28-2021, 11:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1611871814&rn=0


Post: #1
Title: لماذا تتردد الشخصية السودانية في اتخاذ القرار؟ بقلم :د.فراج الشيخ الفزاري
Author: د.فراج الشيخ الفزاري
Date: 01-28-2021, 11:10 PM

10:10 PM January, 28 2021

سودانيز اون لاين
د.فراج الشيخ الفزاري-قطر
مكتبتى
رابط مختصر




نعم..لماذا تتردد الشخصية السودانية، علي مستوي الأفراد والجماعات والحكومات في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟ هل نحن كسالي...مترددين أم هل لنا طبيعة مغايرة لبقية خلق الله ؟وسأحكي لكم هنا قصة أطول فترة ( تفكير) حكومي حدث في
السودان...بدأ في 1958 ولم يكتب له اتخاذ القرار الا في نهاية 2020 م.
ويحتاج الأمر منا الي مقدمة لابد من الأخذ بها بعين الاعتبار...عن الشخصية السودانية بعيدا عن التنميط والمقاييس السايكولوجية فالأمر يمكن ملاحظته ...ولكن دراسة هذه الشخصية وفهم مكوناتها وآليات تفكيرها...دراسة اكاديمية معمقة قد يساعد أيضا في الحصول علي اهم مفاتيحها والتغلب علي مشاكلها ومشاكل السودان.فلا يعقل ان تكون كل الحكومات فاشلة...ولا كل الخطط والبرامج فاشلة...ولا كل الرموز السياسية فاشلة...ورغم ذلك يوجد الفشل في حياتنا ومعاشنا وتربيتنا ومدارسنا وتفكيرنا الكسول.وتحتاج المكتبة السودانية لسد هذا النقص حيث تعاني كثيرا من نقص شديد في مجال الدراسات النفسية للشخصية السودانية خاصة في محدداتها والعوامل اامؤثرة فيها..خاصة مقاييس القلق والتوتر الدائم والتردد في اتخاذ القرار...ويشترك في ذلك كل أفراد المجتمع السوداني وحتي الحكومات وأبسط مثال يمكن الاشارة اليه مشكلة استبدال العملة الوطنية التي أصابها الضمور والهزال بسبب التزوير الذي طال بعض مؤسسات
الدولة في سبيل الحصول علي العملة الصعبة.
وقصة المعونة الامريكية ، مثال أخر لبطء التفكير لدي المسئولين..فقد رفضنا المشروع عام 1958 ...وبعد ستة عقود او تزيد من التفكير عدنا وقبلنا به طائعين.
وتبدأ القصة عندما عرضت الولايات المتحدة الامريكية في ذلك الوقت مساعداتها المالية والفنية للدولة الوليدة السودان...ولكن المشروع قدسلك طريقا تراجيديا طويلا حتي يتم قبوله..فقد رفض في بدايته من حزبي الحكومة( الأمة والشعب الديمقراطي) وخرجت مظاهرات عنيفة ضد المشروع الأمريكي في عدة مدن سودانية ، كانت أبرزها في مدينة الابيض التي قادتها ( الجبهة اامعادية للاستعمار) وهي تحمل اللافتات ( لا نريد المعونة الامريكية)،( المعونة الامريكية استعمار جديد).. وكان لقادة الحزب الشيوعي السوداني دورا في تأجيج الجماهير التي خاطبها( حسن الطاهر زروق) و ( الحاج الطاهر ) حيث اكدا بان اتفاقية المساعدة تحمل بنودا سرية!..
وفي أمدرمان وصفها الزعيم الازهري بأنها أسوأ من الاستعمار البريطاني!!
ثم جاءت حكومة عبود وقبلت بالمعونة الامريكية وزار عبود الولايات المتحدة الامريكية واكرم وفادته..
بعد ذلك...مرت العلاقات والمساعدات الامريكية بالعديد من التوتر والمطبات وبالمواجهة والاحتواء حتي انتهي بها الامر الي المقاطعة ووضع اسم السودان في قائمة الدول راعية الارهاب في عهد (الانقاذ ) المباد.
وها نحن...وبعد ثلاثة وستين عاما من تقديم ( مشروع المعونة الامريكية) نحسم امرنا وتفكيرنا ونقبل بالمساعدات الامريكية...ولكنها هذه المرة بدون احتجاجات ولا مظاهرات بل نحن من خطب ودها وطلب المساعدة وتم في نهاية العام الماضي علي مذكرة التفاهم مع برنامج المعونة الامريكية لتنهمر بعدها كل أشكال المساعدات بما فيها حماية النظام الديمقراطي وتحصينه ضد الانقلابات العسكرية.
تري...نحن فعلا سالبي التفكير لهذه الدرجة من البطء والكسل ، أم أن طبيعة الشخصية السودانية هي هكذا مسكونة بالريبة والشك في نوايا الآخرين للدرجة التي تجعلها تفكر ستة عقود من السنين لتمرير مشروع كهذا قد لا يحتاج لبضعة ايام عند أناس وشعوب آخرين؟
د.فراج الشيخ الفزاري
[email protected]