الثورات السودانية وأدمان الفشل بقلم:محمد الربيع

الثورات السودانية وأدمان الفشل بقلم:محمد الربيع


01-07-2021, 02:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1610025711&rn=0


Post: #1
Title: الثورات السودانية وأدمان الفشل بقلم:محمد الربيع
Author: محمد الربيع
Date: 01-07-2021, 02:21 PM

01:21 PM January, 07 2021

سودانيز اون لاين
محمد الربيع-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




لا يصلح الناس فوضي لا سراة لهم - ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
تُقضَي الأمور بأهل الرأي ما صلحت - فإن تولوا فبالأشرار تنقادُ
فينا معاشر لم يبنوا لقومهِمُ - وأن بني قومهم ما أفسدوا عادوا
لا يرشدون ولن يرعُوا لمرشدهم - فالغي منهم معاً والجهل ميعادُ
،،،، الأفوه الأودي ،،،،

✍️لا توجد دولة في هذا الكوكب عرفت الثورات العامة في أرضها أكثر من السودان! ولم يعرف شعب في وجه البسيطة تنظيم الثورات وإدارتها عبر مراحل وخطط وتكتيكات حتي إسقاط الانظمة مهما كانت جبروتها ووحشيتها وكلها بالطرق السلمية كما عرفها الشعب السوداني الذي أستحق عن جدارة وأستحقاق بلا نظير لقب (الشعب المعلم)! ففي كل مرة يبتكر السودانيون طرقاً وأساليباً جديدة في فن المقاومة والنضال يحتار معها أي نظام مهما كانت قوته وعنف أجهزته القمعية وعقليته البوليسية ،،،،

🔅فإذا نظرنا إلي كل النمازج الثورية في العالم نجدها قامت مرة واحدة وحققت مبتغاها ووصلت إلي غاياتها ورسمت المستقبل بشكلٍ واضح لأنها تمكنت من معالجة جذور الأزمة بلا هوادة وإستأصلت الفساد بلا رحمة وسحقت المفسدين بالشرعية الثورية التي لا تعرف أنصاف الحلول ولا مسك العصا من المنتصف ولم يترك للنظام البائد وأنصاره وسدنته وحارقي بخوره اي ثانية لألتقاط الأنفاس أو سرقة الثورة من خلال الأذرع النائمة أو المتماهين معه في الماضي، لذلك حصل التغيير المنشود وتغيّر وجه الدولة بل وجه قارة بأكملها وصارت نبراساً ونموزجاً يهتدي ويضرب بها الأمثال!! فإذا نظرنا إلي الثورة الفرنسية والتي تعتبر أعظم الثورات الأنسانية في التاريخ التي غيّرت وجه أوروبا كلها فضلاً عن الجمهورية الفرنسية واصبحت الخط الفاصل بين الرجعية والإستنارة وبين عصر التخلف ومحاكم التفتيش وعصر النهضة ودولة القانون !! بين الخرافة والدجل عند رجال الدين في الكنيسة وبين العلم وإستعمال العقل في الوصول للحقيقة ،،، كل هذا تم لأن قادة الثورة الفرنسية نفذوا مطالب الثوار بلا مهادنة حين شنقوا الفاسدين وزمرتهم حتي الموت وعلقوهم في ساحة ميدان الباستيل وسط العاصمة باريس ليكونوا عظة وعبرة لأي فاسدٍ في المستقبل!! ثم جلسوا وكتبوا الدستور الذي ينظم الحكم وصاغوا القوانين التي تحفظ الحقوق والواجبات وشرعوا في بناء الجمهورية بأسس جديدة مع إستقلال تام للاجهزة خاصة العدلية والنظامية والتي تؤدي دورها في حفظ حقوق المواطن والدولة وليست مجرد أدوات في يد الحاكم (المطلق) !!! لذلك أنطلقت فرنسا سياسياً وإقتصادياً وثقافياً وعلمياً وقادت معها اوروبا ،،،،،،

🔥الثورة الصينية نفسها أعدمت كل المفسدين في النظام البائد وعالجت جذور الأزمة والخلل ورسمت الطريق لأنطلاق المارد الإسيوي من قمقمه وعلي الرغم من سيطرة الحزب الواحد ك (حزب ديكتاتوري) لكنه يوصف بالديكتاتورية المستنيرة حيث لا مجال لتقدم الفاشلين في مراقي الدولة العليا ولا مجال كذلك للفاسدين، والويل لمن يرتكب شبهة فساد!! لذلك نري بأن التنين أصبح بعبعاً عالمياً في كل المجالات!! وفعلت مثلها الثورة البلشفية في (الإتحاد السوفييتي) السابق والثورة الكوبية بقيادة فيدل كاسترو والثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني، نجد في كل هذه الدول حصلت الثورة مرة واحدة وكذلك التغيير المنشود لأن التغيير السليم تم في ظل الشرعية الثورية أما المفسدين السابقين فذهبوا خلف الشمس كما يستحقون.

✍️لماذا فشلت ثلاث ثورات سودانية ووقفت في منتصف الطريق؟ علي الرغم من نجاحها في أسقاط الأنظمة الشمولية الفاسدة بالطرق السلمية ؟ ثورة إكتوبر ١٩٦٤ اسقطت نظام عبود ثم ثورة أبريل ١٩٨٥ التي أسقطت نظام نميري وأخيراً ثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي اطاحت بالبشير وبأوسخ وأقذر نظام عقدي مرتدياً ثوب الدين زوراً وبهتاناً وأرتكب من الفظائع والجرائم في حق الوطن والمواطن ما لم يحدث في التاريخ البشري كله !! نظام سفّاح دموي، قاتل، مغتصب، منافق، كذّاب وعميل !!! حيث لم يكتفِ بجرائم القتل التي وصلت حتي الأبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق شعبه أنما مزّق الوطن الواحد وباع ما تبقي منه للأجانب واهدر كل الموارد وفرّط في الأرض! فلم يبنوا الدنيا لأحفادهم ولم يعملوا الخير لآخرتهم ثم أكلوا شيخهم وإخوتهم!!
لقد فشلنا في كل ثوراتنا لأننا تعودنا علي التوقف في منتصف الطريق ولم نحاكم المجرمين الفاسدين بالشرعية الثورية ونقطع دابر السدنة والفلول وحارقي البخور الذين يعودون مرة اخري ويسرقون الثورة !!! هذه الأنتكاسة المزمنة بسبب علو القيم الجهوية والمناطقية والقبلية علي حساب القيم الوطنية !! حيث نجد في كل مرة ان الحاكمين الجدد هم من نفس المناطق والجهة والقبائل للحاكمين السابقين !! بل هم إخوتهم وأبناءهم والذين يجمعهم صلة الدم وأواصر القربي في بلد يتجذر فيه القبلية والمناطقية والشخصانية لذلك يعرقلون محاكمة الفاسدين السابقين علماً بان الأجهزة العدلية والقوات النظامية ظلت (مائلة) منذ الإستقلال حيث تسيطر علي رئاستها وإداراتها أبناء مناطق وقبائل معينة "بالتوارث" !!! وهم من يمنعون التغيير الحقيقي علي الأرض "وما القحاتة والكيزان" والمجلس العسكري هم نفس "خدم المخلوع "إلّا مثال !لتظل هناك أقلية حاكمة وهم يتعاورون علي الحكم تحت لافتات مختلفة والهدف واحد هو بقاء ما يسمي ب (الأمتيازات التاريخية) حكراً علي تلك الطائفة دون غيرها!!

✍️الحل الجذري هو إنزال شعار (حرية، سلام وعدالة) علي الأرض بحق ومحاكمة المجرمين بسرعة ثم وضع دستور قوي يتوافق عليه اهل السودان، وسن قوانين وتشريعات ينظم الحقوق والواجبات مع أستقلال تام للأجهزة العدلية والشرطية والجيش والتوزيع العادل للثروة والسلطة والعودة إلي النظام الفيدرالي بأن يحكم كل إقليم نفسه وفقاً لواقعه ( لنمنع الظلم التاريخي ونوقف التمرد في الهوامش ) فلا يمكن أن تعين حاكم من عطبرة لأهل رهيد البردي في حدود أفريقيا الوسطي ولا يمكن ان تعين أحد أبناء كتم معتمداً في سواكن علي البحر الاحمر او تاتي بمدير تنفيذي من أبناء حجر العسل إلي أهل الفولة ولا يمكن تعيين مدير شرطة من أبناء الكاملين في أم كدادة وهكذا !!! ولابد أن يصعد للمنصب العام من هو أكثر أهلية وكفاءة ونذاهة ولا مجال هناك لأي فاشل بإسم الجهة او القبيلة في سودان ما بعد ثورة ديسمبر. ولا نريد الإضطرار لركوب ثورة جديدة .