ما تضرب لي بوري، ناس البيت بقومو، يقومو يعلو سوري، وأنا دايراك ضروري، يشيلو حالي ويلومو

ما تضرب لي بوري، ناس البيت بقومو، يقومو يعلو سوري، وأنا دايراك ضروري، يشيلو حالي ويلومو


12-29-2020, 12:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1609242631&rn=0


Post: #1
Title: ما تضرب لي بوري، ناس البيت بقومو، يقومو يعلو سوري، وأنا دايراك ضروري، يشيلو حالي ويلومو
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 12-29-2020, 12:50 PM

11:50 AM December, 29 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




حزنت جد لأسرة أحمد أدم عبد الله وبنته إحسان التي عَثرت في بلد لا يَقيل العثرة. فما طرأ للأسرة من جفوة مما تحتويه عادة الثقافة التي هي دماثة. ولكنا تجردنا منها. وصار ما يعتري الأسر من غضاضة، في زمن التحولات الاجتماعية الجسيمة التي يمر بها مجتمعنا، في قلم الصفوة الكاتبة إعطاء "للنقارة عصا وللحلة عيطة". فلا نأخذ عثرات الأسر في كتاباتنا كجبر اجتماعي يخضع له مجتمعنا منذ عقود يلزمنا بترقية الحساسية به، وإحسان العلم به، والتشريع له. خلافاً لذلك هو عندنا سانحة لإزعاجنا ب"أهواء الذكورة" ووطأتها المغلظة، في قول حسن الترابي، في كتابه "المرأة بين تعاليم الإسلام وتقاليد المجتمع" وإقامة الحجة لها.
والثقافة تاريخ. ونزاع كالذي وقع بين إحسان وأسرتها قديم. وكان أول وعينا به في الخمسينات. فتفاقم في ذلك العقد انتحار البنات حرقاً لرفضهن الزواج ممن انتخبته الأسر لهن. ونهض الاتحاد النسائي بحملة احتجاج على حرائق تلك الفراشات. واستجاب القضاء الشرعي للحملة شفقة بالضحايا فأصدر المنشور الشرعي رقم ٥٢ لعام ١٩٦٠ الذي ألزم المأذون بأخذ موافقة الفتاة قبل كتابة العقد. ولربما تعذر تطبيق القانون على حرفه ولكنه، في قول دينا شيخ الدين، ربما جعل الآباء يتحسبون لخروج بناتهم عليهم والقانون في صفهن متى غصبوهن على الزواج ممن لم يرغبن فيهم. وحيّا توفيق صالح جبريل، شاعر كسلا أشرقت شمس وجدي، نبل القانون بقصيدة نشرتها مجلة صوت المرأة. وكان تفهم القضاء الشرعي لمحنة البنات تلك في قبضة الذكورية من أقباس تطوير الشريعة التي نهض بها الإمام محمد عبدة وبعث لتطبيقها تلاميذه مثل القاضي محمد شاكر ليكون قاضي قضاة السودان. فقَدرّ الإمام أن ذلك الإصلاح ميسور في السودان الذي خلا من مشيخية متمكنة كالتي في مصر. وحفل التقليد الشرعي السوداني حتى ١٩٨٣ بتحديث شيق أكرم المرأة بوجوه عديدة ليس أقلها تعيين زولة قاضية شرعية.
ولم تخل ثقافتنا التقليدية نفسها من مخارج لمن استبد بهم الحب وطلبوا الاقتران بوجه معارضة الأسر. وبدء ذلك اعتراف هذه الثقافة بأن الحب غلّاب ومن غالبه غلبه. فالرجل الذي لا يغطى ماعونه، أي الزواج من خاصة أهله، متمرداً سموه "شاق" من الانشقاق على العصبة. وكلمنا مولانا أحمد كمال الدين عن عرف في الغرب السوداني اسمه الجابّونقا يقوم فيه الخطيب المرفوض من الأسرة باختطاف حبيبته والهرب بها خارج الدار للزواج منها بعيداً عن الأهل. فالذكورية الريفية المستفحلة غفرت بالسماح للعاشقين بهذه "السكة غير اللاعب" بينما كفرت ذكورية المدن كما نرى.
لم استسخف من أهواء الذكورية، وعند شباب شهدتهم يزبدون في تقريع إحسان، سوي سخريتهم من قولها "الإمام الحنفي" لأبي حنيفة النعمان. وكثيرهم لا يحسن مع ذلك تمييز الزاي من الذال. ولكن إحسان أحسنت تقعيد شرعها الأنثوي. فوقعت على الفقه الحنفي الذي جوّز لها بلا منازع الزواج بغير ولي. فعلى خلاف من الأئمة الثلاثة ذهب أبو حنيفة إلى "عدم اشتراط الولي إذا كانت المرأة رشيدة ولو بكراً، قال صاحب الهداية الحنفي: وينعقد نكاح المرأة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكرا كانت أو ثيباً عن أبي حنيفة وأبي يوسف". وسبقتها إلى دعوتها للبنات أن يأخذن حقهن في الزواج بمن أردن بقوة تلك الفتاة في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم. فكان اشتكت له من وليها غصبها على زواج ممن لم ترض. فهاداها أن تقبل به لخاطر الأب. فامتنعت. فأجازها. فعادت وقبلت لتقول إنها إنما أرادت من ذلك الحديث إلى المصطفى أن تعلم النساء أن "ليس للآباء من الأمر شيء". قبل النبي واستغشى ناس قريعتي راحت.
قالت المغنية "يمه براي بجيب الزول". لقد تداعي مجتمعنا التقليدي حيث عرفت كل بنت فيه مسبقاً عريسها المنتظر. فلم نعد نغطى الماعون إلا من رحم. وصار على البنات البحث عن الزول براهن. وحضرت أعراس لم يكن دور الأسرة فيها سوى البصم على اختيار البنت. ولعل فقيرات البنات أكثر من تضرر من انكشاف ظهرهن بعد تلاشى مغطو الماعون. فالحظوظ في الأسرة الواحدة تباينت. ومرت بي عن كثب حادثة أخ رفض تزويج ابنه لبنت أخته الفقيرة يريد له زواج الكفاءة من الغير. بل صار الزواج نفسه سبباً يتوسل به أبناء الأسر الفقيرة، ممن كسبوا جاههم بالتعليم، إلى الترقي في السلم الطبقي بالزواج من عُمار. ويلغلغ الكثيرون منا عن العنوسة بينما لم نفتح كتابها لنرى العذابات من ورائها والأشواق.
حزنت جد لأحمد عبد الله آدم. وحزنت لإحسان. وتمنيت من قلبي أن لو انعقد أمرهما بالحسنى. وربما علمت الأسر الآن أنها إن لم تتواص خيراً بنفسها فتحت أبواب الهرج على نفسها.