قمة العشرين: عالم الجائحة مضطرب بقلم :ناصر السيد النور

قمة العشرين: عالم الجائحة مضطرب بقلم :ناصر السيد النور


11-29-2020, 05:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1606667889&rn=0


Post: #1
Title: قمة العشرين: عالم الجائحة مضطرب بقلم :ناصر السيد النور
Author: ناصر السيد النور
Date: 11-29-2020, 05:38 PM

04:38 PM November, 29 2020

سودانيز اون لاين
ناصر السيد النور-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




اختتمت أعمال قمة مجموعة العشرين G20 الأحد الماضي في دورتها الخامسة عشرة بالعاصمة السعودية الرياض أول دولة عربية تنظم القمة، التي ترأسها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. وقمة مجموعة العشرين تجمع دولي يضم الأقوى عشرين اقتصاداً في الترتيب العالمي لاقتصاديات الدول الكبرى والمهيمنة على الإنتاج وإدارة النظام المالي العالمي بما فيها دول من العالم الثالث كالصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا ومن الدول العربية والمملكة العربية السعودية المترأس والمضيف للقمة كأكبر بلد عربي واسلامي مؤثر في الاقتصاد العالمي، مع مشاركة من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات المهتمة والمؤسسات الأممية المتخصصة في الاقتصاد والزراعة والصحة والبيئة. وتمثل مجموعة العشرين 80% من الناتج الاقتصادي العالمي. وعقدت هذه القمة كغيرها من المنتديات العالمية تحت ظروف جائحة كورونا بشكل افتراضي وكانت أزمة جائحة الكورونا-كوفيد19 قد هيمنت على جدول أعمال القمة بما احدثته من ركود في الاقتصاد العالمي وما ترتب عليه من آثار اقتصادية واجتماعية هددت النظام الاقتصادي العالمي المالي وتوشك بتقويضه.
وخلافاً لمجموعة الدول الصناعية السبع، التي تعرف بمجموعة السبع G7 وهي الدول الأكثر تقدماً التي تتشارك خلفيات ثقافية واقتصادية ونظم الحكم الديمقراطي وسيادة القانون، والموقف من حقوق الإنسان، فإن دول الأقوى عشرين اقتصاداً والتي تضم - بطبيعة الحال – مجموعة السبع في مجموعتها لا تسيطر على المؤسسات العالمية المالية والاقتصادية الكبرى التي تنفرد بها مجموعة السبع. ومقارنة بين آخر بيان لقمة مجموعة العشرين عقدت العام الماضي في اوساكا باليابان وبين قمة الرياض يتضح فارق التحدي وأولوية القضايا المطروحة بين عالمين ما قبل وبعد الجائحة. حيث كانت مخرجات بيان القمة السابقة أكثر تفاؤلاً وركز على تحسين معدلات الأداء والنمو الاقتصادي وتوفير مناخ تجاري واستثماري حر نزيه غير منحاز وشفاف ومستقر. بينما جاءت قمة العشرين في ظروف يواجه فيها عالم اليوم تحدي صحي غير مسبوق اضطربت معه نظم العالم في الاقتصاد، وحركة الطيران والتنقل والأكثر من ذلك ركود اقتصادي غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، وفاقمت الأزمة من التحديات القائمة في المناخ وللامساواة في الدخول وفقدان الوظائف وغيرها، مما يستدعي تعوناً دولياً أكبر مما هو قائم. تأتي الاضطرابات الاقتصادية من داخل النظام الاقتصادي من جمود وتضخم وتناقص الناتج المحلي وازياد معدلات الفقر بفعل الآثار البيئية بحسب مؤشرات البنك الدولي التي من المتوقع أن تدفع بها كوارث الناتجة عن التغير المناخي من 68 إلى 132 مليون شخص إلى حافة الفقر بحلول 2030م.
وجاء البيان الختامي للقمة بالتركيز على الجائحة وما خلفته من آثار اقتصادية، وما تمثله من تهديد للنظم الصحية، وبهذا القدر الذي أولته القمة لقضايا الصحة والبيئة يكشف عن مدى هشاشة النظم الطبية حتى في أكثر الدول تقدماً، أو ما وصفه البيان بالضعف في إجراءات التأهب والاستجابة. ومع شمول البيان على كل ما يجب أن تفعله الدول بشأن مواجهة فيروس-كوفيد19وإتخاذ التدابير الصحية والبيئية والاقتصادية والاتفاق على الأسس والمبادئ لدفع التعاون الاقتصادي، يظل أبرز ما اتخذته القمة من قرار وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين تمديد مجموعة العشرين لاتفاقية إعفاء الدول الأكثر فقراً من خدمة الدين. وتعد الديون وتوابعها من نسب الفائدة والخدمات التشغيلية أكثر ما يرهق اقتصاديات الدول الفقيرة والتي يكون عادة ما تكون ديونها نهباً لفساد أنظمتها المالية والسياسية. فدولة كالسودان مثقلة بحجم دين خارجي بلغ بالفوائد والجزاءات 60 مليار دولار بما يقارب أكثر من نصف أصل مبلغ الدين.
والاقتصاد كعامل مهم في تشكيل قوة الدول منذ فجر بزوغ الدولة في التأريخ، ولكن أيضا معادلة القوة العسكرية والجيوسياسية لها وزنها بما تشكله من خطر وباتت من مهددات السلم العالمي بما تملكه بعض الدول من أسلحة نووية والرعب الذي تثيره عالميا، ومن بينها دول ترتكن إلى قوتها النووية وايدولوجيتها المناهضة لنظم الرأسمالية في رسم وجودها على خارطة العالم، وخارج منظومة الاقتصاد العالمي ككوريا الجنوبية وغيرها. وما بين التفوق الاقتصادي والهيمنة العسكرية تقع منظومة الاقتصاد في تنازع بين دول الشمال المهيمنة والجنوب المستغَلة وممارسات الدول في عدم مراعاتها للفجوة الهائلة في معدلات النمو. والواقع أن اقتصاد عالم اليوم ليس اقتصاد عالم الحرب الباردة حيث طبيعة التنافس السائد وقتها بين اقتصادياتٍ تقودها مركزية الدول وأخرى تقودها رأسمالية تتوحش بلا حدود، وبقي الاقتصاد الحر وموجهاته الليبيرالية وما عدته انتصاراً الرأسمالية ونهاية للتاريخ لنموذجها العالمي واجب التطبيق وعابراً لحدود الدول. وإذا كانت الصين هي الاستثناء من دول مجموعة العشرين النموذج المتبقي من مركزية اقتصاد الدولة تعيش الآن مرحلة انتقالية في طريقها إلى رأسمالية الدولة. والنظام الرأسمالي الحالي يحتوي على خلل إذا لم يتم إصلاحه كما يجادل الاقتصادي الفرنسي توما بيكيتي فقد يهدد النظام الديمقراطي نفسه، انه اقتصاد العولمة الذ يتراجع الآن بمعدلات مخيفة لأسباب الاغلاق بسبب جائحة كورونا التي لم يقتصر تأثيرها على النظام الصحي فحسب خاصة في الدول الأقل نمواً في افريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية، بل امتد تأثيرها وحجم خسائرها الاقتصادية إلى بلدان متقدمة وغنية.
وتكون اللقاءات التي تعقد على هامش القمم الاقتصادية – غابت في هذه القمة- التي تناقش قضايا عالمية لا تتعلق بالمجال الاقتصادي فتخرج التصريحات على مستوى القادة بشأن قضايا ساخنة. وكما أن هناك نظام اقتصادي، هناك النظام العالمي International Order الذي لديه استراتيجيته ومعادلاته القوة فيه تختلف عن لغة وأرقام وموجهات الاقتصاد. إنه المجال الذي يتداول فيه كبار اللاعبين في السياسة الدولية القضايا التي تهدد نفوذهم كالحرب على الإرهاب وبؤر الصراعات المنتشرة على طول بلدان العالم وقاراته. وبأثر من جائحة الكورونا وتداعياتها الدولية كالانتخابات الأميركية وما شهدته من تفاعلات مثيرة بين الرئيس دونالد ترامب الذي لم يعترف بهزيمته وإدارة جديدة قادمة وكان من ضمن قادة القمة المشاركين رئيس منتهية ولايته لأكبر اقتصاد دولة في التأريخ جاءت مشاركته كما وصفها الكاتب بصحيفة الواشنطن بوست إيشان ثارور لم تتعد ملاحظته العبارات الروتينية ومن ثم مضى إلى ممارسة لعبة الغولف. وتأتي أهمية قمة العشرين الحالية في ترأس دولة عربية لها مما ينقل قضية الاقتصاد العالمي إلى محيط آخر له أهميته على خارطة العالم.
نشر# بصحيفة الديمقراطي_
29/03/2020م