عنـــف حكـــومــة الثـــــورة؟!

عنـــف حكـــومــة الثـــــورة؟!


10-26-2020, 02:32 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1603719144&rn=0


Post: #1
Title: عنـــف حكـــومــة الثـــــورة؟!
Author: طه داوود
Date: 10-26-2020, 02:32 PM

02:32 PM October, 26 2020

سودانيز اون لاين
طه داوود-
مكتبتى
رابط مختصر



عنـف حكـومـــة الثــــورة؟!
بقلم / طـه داوود
[email protected]
هل تغيرت مقولة (الشرطة في خدمة الشعب) إلى (الشرطة في إرهاب الشعب)؟ في هذا العهد، عهد حكومة الثورة والحريات والعدالة؟

كان الظن السائد لدى الناس أن ثورة ديسمبر اقتلعت رأس النظام، كما قال عوض بن عوف في بيانه الانقلابي الالتفافي الشهير عشية سقوط نظام الانقاذ، إلا أن الثوار لم يمهلوه فاقتلعوه خلال أربع وعشرون ساعة من محاولة جلوسه على كرسي المخلوع.

كان الظن السائد أن هذا الاقتلاع شمل الاشخاص والأدوات والافكار المرتبطة بجبروت النظام البائد وعنفه وولعه بسفك دماء المواطنين، إلا أن تعامل الأجهزة الأمنية لحكومتنا الانتقالية مع المسيرات والمظاهرات الأخيرة في الخرطوم وكسلا وبورتسودان وغيرها من مدن البلاد أثبت لنا أن عقلية الأنظمة الشمولية مازالت مهيمنة على عقول رجال الشرطة، وأن لغة السلاح ما زالت مستوطنة في رؤوس الكثير من منسوبي الأجهزة الأمنية.

خرجت جماهير الشعب في ٢١ اكتوبر ٢٠٢٠م احتفاء بذكرى ثورة اكتوبر ١٩٦٤م، فتصدت لها حكومتنا (الثورية) بقفل الكبارى والطرق المؤدية الى القصر الجمهوري والى مجلس الوزراء! ثم أكملت الشرطة باقي الخطوات القمعية باستخدام العصي والبمبان والذخيرة الحية لتقتل أحد الشباب بطلقة مميتة في الرأس، لتكرر ما فعلته في اكتوبر ١٩٦٤م حينما اقتحمت داخليات طلاب جامعة الخرطوم وقتلت الطالب الشهيد القرشي!

هل فات الأوان لتدرك أجهزتنا الأمنية أنه لم يعد مقبولاً للمواطن أن يُعامَل بنفس العقلية الدفتردارية الاستبدادية التي أرهبت الناس وقتلت عشرات الألوف منهم إبان عهد التركية السابقة؟

تنبع أهمية هذا التساؤل من الواقع المأساوي الذي تشهده مدن البلاد من إزهاق لأرواح الأبرياء العزّل بالذخيرة الحية كما حدث في كسلا وبورتسودان وجنوب دارفور حيث قُتل نحو ١٢ شخصاً رمياً بالرصاص وأُحرقت مجموعة من القرى والمعسكرات بمحلية قريضة بولاية جنوب درافور، وأشارت المصادر إلى مسئولية قوات الدعم السريع عن مجزرة محلية قريضة (٢٣/١٠/٢٠٢٠م).

وفي محاولة للتعامل مع هذه الأحداث الدموية أعلن والي الخرطوم أيمن نمر عن تحمله لكامل المسئولية في أحداث الخرطوم مع دعوته لفتح تحقيق!

إن إعلان الوالي تحمله كامل المسئولية وتكوينه للجنة تحقيق لن يجدي نفعاً ولن يضمن عدم تكرار وحشية رجال الشرطة في قتل المتظاهرين السلميين رمياً بالرصاص طالما أن ابوابهم وعقولهم مازالت موصدة أمام رياح التغيير التي عمّت سائر أرجاء البلاد منذ ديسمبر ٢٠١٨م.

في ظني أن موضوع العنف الصادر من القوى الأمنية تجاه المواطنين أكبر من بيان الوالي وأكبر من لجان التحقيق التي لن تزيد الأمور إلا غموضاً بالتسويف والتأجيل والمؤتمرات الصحفية الخالية من أي مضمون كما هو الحال مع لجنة مولانا نبيل أديب المختصة بجريمة فض اعتصام القيادة العامة في ٣/٦/٢٠١٩ وهي الجريمة التي أودت بحياة المئات في آخر ليلة من شهر رمضان المعظم من ذلك العام.

لكي لا تُزهق المزيد من أرواح المواطنين على أيدي القوات النظامية، أعتقد أن حكومتنا الانتقالية بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في أدائها خلال الفترة الماضية لمعالجة الأخطاء والخطايا.

على الحكومة فتح ملف القوات الأمنية وعلى رأسها قوات الشرطة وقوات الدعم السريع وتقويم سلوكها. ليس عيباً أن يتم إعادة تأهيل القوات الأمنية حتى لا تلجأ إلى إطلاق النار على المظاهرات الاحتجاجية، فحق التظاهر وحرية الرأي والتعبير حقوق مكفولة للجميع، وفي حالة حدوث تجاوزات تقوم الشرطة بمنع تلك التجاوزات بالتحذير عبر مكبرات الصوت وعبر خراطيم المياه وعبر القنابل المطاطية، على سبيل المثال، أما قتلهم رمياً بالرصاص في وضح النار فهذا ما لا يمكن السكوت عليه.

على حكومة الدكتور حمدوك إعادة قراءة الوثيقة الدستورية، والالتزام بما ورد فيها من نصوص واضحة وضوح الشمس في كبد السماء عن حقوق المواطنين وحرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم. على سلطتنا الانتقالية أن تتذكر أنها مدينة لهؤلاء الشباب والكنداكات الذين كان لهم الفضل بعد توفيق الله في إحداث هذا التغيير الذي عمت خيراته الجميع.

التحية،،