الجود والجحود..الغيث والحطام بقلم محمد سمنّور

الجود والجحود..الغيث والحطام بقلم محمد سمنّور


10-26-2020, 00:31 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1603668664&rn=0


Post: #1
Title: الجود والجحود..الغيث والحطام بقلم محمد سمنّور
Author: محمد سمنّور
Date: 10-26-2020, 00:31 AM

00:31 AM October, 25 2020

سودانيز اون لاين
محمد سمنّور-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



كان الرفيقان يعبران احد مزارع بحري لكي يقطعا النيل بالمركب الي امدرمان،
اول ما بدأ حظر التنقل عبر الكباري بسبب الكورونا.
اضطرا ان يسدا انفيهما تجنبا للرائحة النتنة:
-"لماذا يتركون الطماطم هكذا حتي تعفّن وهي تباع بثلاثمائة جنيه للكيلو؟"
–"هم اعتادوا علي ذلك، اما ان يبيعوا بالغالي او يتركوها تعفّن هكذا".

نفس الأمر ينطبق علي الخضروات والفواكه مثل المانجو والجوافة،
ومثل التمر والبصل اللذين يُخزنان حتي يتلف معظم الانتاج.
الآن يشتري الناس البصل باضعاف ثمنه
ونصفه مسود بسبب التخزين،
هذا الاسوداد اولي مراحل التعفن،
وهو مادة مسرطنة ينبغي التحرز منها.

لقد اصاب اصحاب المزارع جشع غير مبرر ،
ومن قبل غالي اصاب اصحاب البهائم في اسعار الاضاحي،
حتي لقد رأينا ان اعداد الخراف رابع ايام العيد تكاد تساوي اعدادها قبل
ايام من العيد.
ولعل هؤلاء واولئك يتعظون بما حل من دمار لمزارعهم وبيوتهم بسبب الفيضان،
وما يحدث من حرائق متكررة لاشجار النخيل،
ومن نفوق للماشية وارجاع صادرها مرة بعد مرة بسبب نقص المناعة.
لقد توعد الله الجاحدين الذين يكفرون بنعمه بالعقاب الشديد،
وقد جاءت عدة قصص للاعتبار منها في سورة القلم:
(انا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين(17) ولا
يستثنون(18)
فقد عزم اصحاب البستان على حرمان المساكين من حقهم،
بقطف ثماره في الصباح قبل أن يراهم أحد،
فعاقبهم الله: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون(19) فأصبحت كالصريم(20)
ففي الصباح وجدوا بستانهم النضير استحال الي سواد مُدْلَهِم،
انه غضب الله على كفران النعمة،
بما أقسموا على منع الخير وقبض أيديهم عن العطاء.

وفي سورة سبأ قصة قوم سبأ:
(لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم
واشكروا له)(15)؛
فقد كان هؤلاء يأتيهم الماء من بين جبلين،
تتجمع اليهما سيول الأمطار والأودية،
فبنوا بين الجبلين سدا عظيما محكما،
حتى ارتفع الماء الي حافات ذينك الجبلين؛
وبقية القصة: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم
وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل(16)
و(العَرِم) هو السد،
فقد بعث الله دابة نقبت السد فانهار،
فانساب الماء في أسفل الوادي وخرب الأبنية والأشجار،
ثم نضب الماء عن الأشجار،
فيبست وتحطمت،
ولم يعد ينبت الا بعض اشجار النبق والأراك.
لقد ذكرنا من قبل هذه القصة،
حينما تطرقنا الي اشارة القرآن
الي الدمار الذي يسببه سيل ينتج عن انهيار سدّ،
وقلنا ان الزمان والمكان غير مؤكدين.

ان عقاب الله ازاء جحود نعمه سنة كونية تتكرر علي مدار التاريخ.
لقد اساء البعض فهم سياسة التحرير،
وظنوا ان الزارع والتاجر له مطلق الحق في وضع السعر الذي يريد،
وان له ان يبيع او لا يبيع،
يزرع او لا يزرع،
طالما ان المال ماله والارض ارضه والزرع زرعه.
إن كل ما يتعلق بالارزاق اسبابه من الله،
وفي الانتاج الزراعي يظهر ذلك بوضوح،
فانزال الغيث وانبات الزرع،
وإخراج الثمرات المختلفة من الأرض كل ذلك مما يجود به الله علي عباده من نعم ظاهرة،
والقرآن دائما ما يذكرنا بذلك، فيقول في سورة النمل:
(وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن
تنبتوا شجرها)(60)؛
وفي سورة الواقعة:
(أفرأيتم ما تحرثون(63)
أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون(64)
لو نشاء لجعلناه حطاما(65).