المجلس التشريعى: من سيصنع القانون و من سيطيع؟ بقلم:عبدالرحمن صالح أحمد (أبوعفيف)

المجلس التشريعى: من سيصنع القانون و من سيطيع؟ بقلم:عبدالرحمن صالح أحمد (أبوعفيف)


10-17-2020, 03:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1602945103&rn=0


Post: #1
Title: المجلس التشريعى: من سيصنع القانون و من سيطيع؟ بقلم:عبدالرحمن صالح أحمد (أبوعفيف)
Author: عبدالرحمن صالح احمد( ابو عفيف)
Date: 10-17-2020, 03:31 PM

03:31 PM October, 17 2020

سودانيز اون لاين
عبدالرحمن صالح احمد( ابو عفيف)-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




عالم اليوم لم يعد كما كان بالأمس , منذ الربع الأول من القرن العشرين كان العالم عبارة عن منتوج كلى للحراك القائم ما بين المؤسسة السياسية المؤدجلة و المؤسسة التجارية ( الراسمالية), كان هناك توجه من قبل الدولة الإيديولوجية إلى بسط سيطرتها على الموارد بغرض فرض سيادتها على الأمم الأخرى, بينما تحاول الشركات الكبرى بسط سيطرها على الموارد بغرض زيادة الأرباح والسيطرة على الحاجات الضرورية للشعوب, هكذا قد تطورت هذه الظاهرة إلى كونسورتيوم ما بين الدولة و الشركة و التى ظهرت جلياً فى أنشطة القطب الغربى الراسمالى و الشرقى الإشتراكى و ظهرت معها صراعات من أجل السيطرة على الموارد و منها جاءت و أستشرت " لعنة الموارد" حيث الموت من الجوع و التخمة معاً فى حقول البترول ومزارع الموز, لكن منذ منتصف القرن السابق كانت هناك قوى توازن بدأت تعمل لصالح الشعوب, و ظلت تنمو بثبات أمام صراع المصالح المقنع ما بين الشركات العابرة للقارات و التنظيمات الإيديولوجية , ألا و هى منظمات المجتمع المدنى وحلفائها من المؤسسات الأكاديمية ,هى الآن أستطاعت أن تضع يدها على أكبر القضايا, مثل قضايا البيئة , حيث أستطاعت حمل الدول على توقيع البرتوكولات الخاصة بتنظيم الأنشطة البشرية إتجاه البيئة و الأجيال القادمة و التى كانت تستغلها الشركات و البيوتات التجارية فى تحالف مع المؤسسات السياسية التى تسيطر عليها الدولة للمصالح الخاصة دون مراعاة لحقوق الشعوب, أستطاعت هذه المنظمات تغليب إرادة بعض الشعوب على مصالح تحالف الأيديولوجيا و إقتصاد السوق عن طريق منابر نشطة و مجالس تشريعية فاعلة.
للأسف هناك بعض الشعوب ما زالت بعيد عن مقاصد منظمات المجتمع المدنى بسبب الشمولية و الدكتاتورية التى سيطر عليها أو ما زالت, من الأمثلة الحية , ما يجرى فى ليبيا من فظائع هو مشروع الإستمرار فى " تكميم الأفواه" و الإبقاء على الوعى المُغيّب, إذ يعلم الجمع أنّ بعض الأقطاب التى تدخلت فى ليبيا بشعارات إسلامية إنّما تريد بسط أيديولوجية ذات صبغة دينية فحسب, فأن الشعب الليبى مسلم بطبيعته الفطرية , و هناك أقطاب أخرى تدخلت بدعوى حماية الليبيين ,لكن الأمر غير ذلك, فإن الشعب الليبي غنىٌ بموارده النفطية لا يريد أحداً لتقويمه, لكن هذا هو صراع الأيديولوجيا و الموارد, و كذلك تسير سوريا و اليمن , و هكذا ظلت كثير من الشعوب تعانى بسبب طموحات الساسة و الرأسمالية.
من نعم الله على السودان أن شبابه قام بفرض سلميته على مشروع الفوضى الذى خطط له القراصنة فى محاولتهم للإنقلاب على حليفهم الجنرال عمر البشير و تأسيس دولة ذات طابع " كنغولى" تديرها شركات عابرة للقارات , وكاد ذلك أن يؤدى الى ظاهرتى ليبيا و سوريا فى السودان , لولا أن الثورة تميّزت بـ " السطوة و الرونق" ما بين الإحتجاج و السلمية كما قال الشاعر :" للسيف حدٌ حين يسطو و رونقٌ". رغم ضنك العيش الذى يعيشه الشعب هذه الأيام بسبب فشل الحكومة الإنتقالية فى تحقيق كثير من المطالب الضرورية ,رغم ذلك كله نحمد الله أن نجانا من حالة سوريا و ليبيا بفضل السلمية التى أصرّ الثوّار أن تكون هى التكتيك الأساسى لمسار الثورة .
أثبت الشارع السودانى بشبابه أنّ الكلمة الأخيرة له و لصالح الشعب رغم محاولة تكتلات بعض الأحزاب السياسية, و فتاوى بعض الطوائف الدينية , و محاولة تنظيم القراصنة من النظام البائد, قد أستقوى المستضعفون بإستلهام ذاكرة الثورة و إبداعات مشعليها منذ قيامها, وسوف يذكر العالم السودان عند المحن كيف أنتفض شعبه فى ديسمبر/2018 عندما طغت إمبراطورية القراصنة الإنقاذية, و سيذكر التاريخ كيف قامت ألف روح فى 30/يونيو/2019 عندما سِيقت الدبابة و مضادات الطائرات لنسف ساحة الإعتصام , و يذكر التاريخ كيف خرج الشعب السودانى من الأقاصى الى الأقاصى فى 30/يونيو الثانية عندما تناست الأحزاب إلتزامتها و خرج بعضها من دائر المسودة الدستورية و حاول الإلتفاف على مستحقات الشعب و ممارسة المعيوعة مع عناصر النظام البائد , إذن للشعب السودانى كلمة حاسمة فيما يخص مستحقاته العامة , و هو يمثل بإعتبار ما سيكون مجلساً تشريعياً إفتراضياً , يفرض به رقابته على الدولة الإنتقالية.
من مهام المجلس التشريعى مراقبة أداء الحكومة و إجازة القاوانين .بالتالى يجب أن تكون الرقابة ذات بصر و بصيرة , ألاّ تكون القوانين تخدم مصالح جهات من دون أخرى , الشعب هو صاحب المصلحة, يجب ألاّ يكون الدستور " صنماً " يعبده الشّعب و ألاّ يكون "شاةً " تتخطفها الكلاب الضالة, بل يجب أن يكون مصدراً يستمد منه الشّعب قوته و هويته و سيادته مستفيداً من إتفاقية السلام كخطوة أولى لتحقيق التعايش السلمى.
حاولت بعض الجهات منذ البداية ضرب الثورة فى عمقها بإجراء إنتخابات مبكرة , لما لم تستطع , قامت بالتحريض على الإنقلابات العسكرية ,و عندما فشلت تبنت سيناريو آخر و هو تخريب الإقتصاد و زعزعة الأمن , لكن أستطاعت الثورة تجاوز كل هذه المحن رغم فشل الحكومة الإنتقالية فى كثير من الأمور , الآن الشعب يعيش فى أهون الحالات و أوضاع معيشية قاسية , مع ذلك يجب الإنتباه ,أن الفعريت ما زال حياً يلملم قوته للدخول إلى البرلمان ( المجلس لتشريعى) و تقمص شخصية الشعب و ضربه من الخلف, عندها يكون الشعب قد فقد آخر ما يمتلك و بعدها سوف تصبح الدولة ملك لشركات أجنبية و يتحول الشعب إلى عمالة رخيصة لتلك الشركات كما الحال فى إفريقيا الوسطى حيث هناك الشعب عبارة عن أجانب بالوجدان , لا يمتلكون دولة حقيقية تعبر عن وجدانهم الوطنى . يرجى الإنتباه حتى لا يكون المجلس التشريعى آلة لتمرير أجندة لا تخدم الشعب .
هذه الظروف الضاغطة التى نعيشها الآن تشكل نداءً عاجلاً لمنظمات المجتمع المدنى و خاصةً التنظيمات القانونية ( المحامون, القضاء, المستشارون القانونيون) للتداعى حول إحدى المكتسبات الشعبية القيّمة و الضخمة و الأخيرة , ألا و هى اتفاقية السلام بالإلتزام بمواثيق التعايش السلمى عبر بنودها, وتكوين مجلس تشريعى يعبّر عن المطالب الحقيقية للشعب و يحميها بالرتق على الثغرات القانونية التى عادةً ما يستغلها الإنتهازيون لصالح مؤسسات أجنبية و مصالح خاصة .
اللذين يطيعون القانون لهم الحقّ المطلق فى إختيار من يصنع القانون , نحن لا نطيع قانوناً لم يكن لنا فيه صوتٌ, أمّا اللذين يصنعون القانون لأغراضهم الخاصة هم أشبه حالاً بشركاء مؤتمر برلين(1884) , يسعون لقتل النّاس جوعاً فى مزارعهم , هذا الزمن قد ولى.
عبدالرحمن صالح أحمد (أبوعفيف)
رسائل الثورة (33) 17/10/2020

[email protected]
facebook:رسائل الثورة