كما تكونوا يُولَّى عليكم بقلم:د.أمل الكردفاني

كما تكونوا يُولَّى عليكم بقلم:د.أمل الكردفاني


10-10-2020, 04:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1602342473&rn=0


Post: #1
Title: كما تكونوا يُولَّى عليكم بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 10-10-2020, 04:07 PM

04:07 PM October, 10 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




إذا كان الألباني قد ضعف حديث كما تكونوا يولى عليكم، فإن واقع السودان قد أثبت أنه ليس حديثاً عن هوى.
إنني كلما تلقيت اتصالاً من حزب سياسي أو شخصية سياسية لاستقطابي إليها وسمعت جملة "نحن تهمنا مصلحة الوطن"..أشعر بإنقلاب في أمعائي، وأستعد للتقيوء من هذه الأكليشيهات التافهة والكاذبة التي يمضغها سياسيون لا يملكون ذرة من فهم. فالوطنية ليست شعارات يا كذبة، بل ولا أهمية لكلمة (وطن) إن كان المرء بلا حقوق ولا إيمان بحقوق الآخر.
هؤلاء الكذبة الضالون، هم من أكدوا على صحة الحديث "كما تكونوا يولى عليكم". وكما تكونوا كَذَبة يولى عليكم الكذبة، وكما تكونوا لصوصاً يولى عليكم اللصوص.
لماذا؟
لأن أي مجموعة إنسانية لا يتزعمها إلا أقواهم في صفاتهم المشتركة.
فالعصابة الإجرامية لن يتزعمها طبيب، بل أكثرهم إجراما.
والرجال الصالحون سيختارون أكثرهم صلاحاً، أما الشعوب الفاسدة، فلا يتزعمها ولا يقودها إلا أكثرهم قدرة على اللف والدوران والخداع ونصب الشراك والدسائس،والمتاجرة بالمواطنة وبالعنصرية في آن، وتجار الحرب وتجار الأزمات في آن، وتجار الدين وتجار الكفر في آن.
ولذلك فالشعوب الخبيثة لا يتوالاها إلا اكثرهم خبثاً. فالناس لا يأكلون ولائمهم في المراحيض، إنما يفعل ذلك الذباب.
ولقد ضعف الالباني الحديث، وهو تضعيف معنى لا مبنى، ولم أجد في تضعيفه إلا عدم فهم له، أو ضعفَ تأملٍ. فتأمل.
إذاٌ؛ ففساد واقع الدولة لا ربط له بعسكر أو غير عسكر، فالعسكري إن خلع بذته، عاد مدنياً، والمدني إن إرتداها صار عسكريا، ومن العسكر أطباء ومهندسون وقانونيون. ومن المدنيين أميون لا يعلمون الحق إلا أماني، ومنهم لصوص ومرتزقة وقوادون وتجار ممنوعات وخلافه.
ولو تتبعنا واقع دولة مثل السودان، لوجدناها من ضمن الدول الأقل إنتاجاً في العالم، ومع ذلك يغتني فيها غير المنتجين غنى فاحشاً، ويقبع المزارعون -وهم المنتجون حقاً- في حضيض الفقر المدقع.
ولم يتسيد في هذا البلد إلا المدعون، من حملة شهادات الكذب العليا، بعضهم يتيَّسر وبعضهم يتيمَّن، وكثير منهم سفهاء أحلام، وما بدلوا تبديلا.
وقد ماجوا بعضهم فوق بعض، وإن إتفقوا ضد أهليهم، راغ الواحد منهم للآخر كما يروغ الثعلب، مقتنصاً الإنقضاض عليه.
وكنت البارحة أحدث أحد أقاربي، ببعض من أسرار ما يدور خلف الكواليس، مما كنت عليه شهيداً، فما كان منه إلا أن وضع يديه فوق رأسه، وقد أفزعه ما سمع، إذ ادرك ما لم يحط به خُبُرا.
وهذا البلد، فيه من السوء، ما يضن بمثله العدو على عدوه رحمة به من شر عاقبته. فما موئل أهله إلا الخراب، وهم يخربون بيوتهم بأيديهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. فلا رجاء فيه ولا أمل.
إن بؤس الطوية، وشح الانفس، واتضاع الوازعات، واعتماد الشعارات، لا يبني دولة. بل يدمر ما بُني منها. وفي ذلك هم يتنافسون.
ولذلك فإنَّ آخر دعوانا، أن يخرجنا الله منها لا ضالين ولا مضلين، ولا ضارين ولا مُضَرين، وأن يضرب الظالمين بالظالمين، بعد أن يخرجنا منها بإذن الله سالمين.