الإخوان الجمهوريون في ميزان التعامل مع الخصوم و الإخلاق قمة لا تبارى 
بقلم:د.زاهد زيد

الإخوان الجمهوريون في ميزان التعامل مع الخصوم و الإخلاق قمة لا تبارى 
بقلم:د.زاهد زيد


09-08-2020, 06:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1599584852&rn=0


Post: #1
Title: الإخوان الجمهوريون في ميزان التعامل مع الخصوم و الإخلاق قمة لا تبارى 
بقلم:د.زاهد زيد
Author: زاهد زيد
Date: 09-08-2020, 06:07 PM

06:07 PM September, 08 2020

سودانيز اون لاين
زاهد زيد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




في صبيحة يوم جمعة لا يشبه الأيام العادية من شهر يناير عام 1985م ، استقيظت على أصوات بكاء وصراخ ينبعث من الشارع وكنت عادة أستيقظ متـأخرا أيام الاجازات والجمعة ، فانطلقت خارجا لأعرف ما الخبر ، فوجدت مجموعة من النسوة وبينهن أم صديقي ، كانت النساء يمسحن دموعهن بأطراف أثوابهن بينما تصرخ وتبكي أم صديقي . تجمع بعض رجال الحى عند أطراف الشارع .
كان ذلك الصباح لا يشبه بقية الأيام فقد تم نتفيذ حكم الإعدام في الأستاذ محمود محمد طه .
لم تكن لي علاقة بالجمهوريين ، وكل ما هناك علاقة الزمالة التي جمعتني ببعضهم في جامعة الخرطوم ، وحضور بعض أركان النقاش للأستاذ الدالي في شارع النشاط .
كنت ولا أزال نَفُورا جدا من الانتماء الحزبي وغير الحزبي للجماعات الدينية وما يماثلها من تجمعات ، وربما هذا ما سمح لي أن أتجول بحرية في أوساط هؤلاء وألئك دون حرج ولا مانع .
في أول عهدي بجامعة الخرطوم تعرفت عن قرب بمختلف التيارات السياسية والفكرية التي كانت محرمة في خارجها .
تعرفت على الشيوعيين من خلال ندواتهم ، واتصالاتهم الفردية عبر الزمالة أو بغرض التجنيد .
وتعرفت على الإخوان المسلمين بنفس الطريقة السابقة . وكذلك البعثيين والناصريين على قلتهم .
ولكن كان تعرفي على الإخوان الجمهوريين من خلال الزمالة في الكلية ، وقد صادف أن كان منهم ثلاثة في دفعتنا . وكنت أحضر أركان النقاش الخاص بهم والذي يبدأ ظهرا ، خاصة مع الأستاذ الدالي . تماما كما أحضر أركان نقاشات أخرى لمجموعات أخرى . فلم يكن عندي ما يمنع من الحضور لهؤلاء أو هؤلاء .
من خلال هذا الاحتكاك المباشر ، استطعت أن أكون فكرة عن كل مجموعة ، وربما كثرة المشاكسات وطبعي غير الميال للتحزب جعلاني في مأمن من الانضواء تحت أي مجموعة . وربما الذي أراه صوابا قد يكون نقصا عند غيري ، لكني ظللت عليه ولا زلت مما مكنني أن أحكم على الجميع وفق ما أراه من غير عصبية .
وبعيدا عن أفكار الإخوان الجمهوريين وأفكار الإخوان المسلمين وما بينهما من تباعد ، هناك جانب يلفت النظر ، وهو ألا مقارنة البتة بين معاملة وأخلاق الإخوان الجمهوريين والإخوان المسلمين .
فما رأيت أحدا من الإخوان الجمهوريين يسئ بالقول أوالفعل لخصم من خصومهم ، ولعل في هذا تتزاحم الصور التي تخبرك بمدى ترفع هؤلاء الناس عن العنف أيا كان ، لفظي أو جسدي .
فمقتل الأستاذ محمود محمد طه ، في ميزان الجمهوريين أمر جلل وهزة عصفت بركنهم الركين ، وإن تعجب فالعجب كل العجب أن تراهم بعد كل هذا متماسكين لم يفقدوا وقارهم ولا انزلق فكرهم وخطابهم الدعوي إلى مهاوي الإنتقام أو النيل والأذية من خصومهم .
وقد شهدت مواقف كثيرة تشهد لهم بالأناة والصبر على الأذى ، كحادثة الاعتداء على جناحهم في معرض الخرطوم الدولي .
هذا الرقي والسمو الإخلاقي ، تفتقده معظم الأحزاب والجماعات الفكرية في بلادنا ، خاصة الإخوان المسلمين ، الذين عرفوا بالعنف الممنهج والمنظم بمختلف أنواعه . وكذلك أحزاب وجماعات أخرى لها نصيبها من ممارسة العنف ضد خصومهم .
وحقيقة لو أن أحزابنا انتهجت النهج التصالحي مع الخصوم ، بنفس الطريقة التي يتمثل بها الجمهوريون لتغير المشهد السياسي كثيرا .
لا ينحصر التوصيف فيما ذكرت ، ولكن لم يعرف الجمهوريون كحزب بأنهم تحالفوا مع أي حكومة أو عملوا معها ، ربما وجدوا مساحة من الحرية للعمل في عهد من العهود ، ولكن ذلك لم يدفعهم للانخراط في تحالف سياسي مع حكام ذلك العهد .
النموذج الذي يقدمه الجمهوريون للاحزاب الأخرى ، لم يقابله أي نوع من الاحترام أو التقدير ، بل تمادى خصومهم في ايذائهم ووصفهم بالكفر والخروج عن الملة ، والذي بلغ قمته في إعدام قائدهم ومرشدهم .
اعتقد ان على الجميع ان يفهموا الفرق بين الفكر وممارسة الفكر ، وفي هذا المقال ليس دعوة للفكر الجمهوري فأنا لست منهم بل اخالف طرحهم في اغلب إن لم يكن في كل جوانبه ، ولكن أحلل ظاهرة مماسة ذلك والدعوة إليه بسلوك فريد ، لا يتوفر لمعظم أحزابنا السياسية وجماعاتنا الفكرية .
في هذا الجو السياسي الملبد بالغيوم تماما كسماء بلادنا الخريفية ، نحتاج للرقي والسمو في العمل السياسي خاصة بعد ان تلوث بممارسات الكيزان الفاسدة ، وعلى الاحزاب والجماعات الفكرية أن تتعلم من الإخوان الجمهوريين .
لعلي لا أختم كلامي هذا دون أن أنبه ، الغافلين والذين يبهتون الناس ، ويقفون بالمرصاد لكل كلمة حق تقال إلى حقيقة أن المقصود بالمقال هو لفت نظر هؤلاء قبل غيرهم إلى تعديل نهجهم وأسلوبهم في التعامل مع خصومهم .
وما العيب في ذلك والمسلم مأمور بالأخذ بالحق و هو الأولى به من أي مصدر أتى ، ليس مهما مادام هو الحق .