ما بين التِروس والمتاريس ..! بقلم:هيثم الفضل

ما بين التِروس والمتاريس ..! بقلم:هيثم الفضل


08-20-2020, 05:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1597896808&rn=0


Post: #1
Title: ما بين التِروس والمتاريس ..! بقلم:هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 08-20-2020, 05:13 AM

05:13 AM August, 19 2020

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



صحيفة آخر لحظة

سفينة بَوْح –


حتى لا ينطبق علينا المثل القائل (تسوي بي إيدك يغلِب أجاويدَك) أقولُ للصادقين والحادبين والمُشفقين على مسارات الثورة (من منطلقات حيادية وغير سياسية) وفي ذات الوقت يُعمِلون آلة (الهدم غير المقصود) على شخوصها وفعالياتها الإستراتيجية وهُم لا يشعرون ، أنهم بتحميلهم أخطاء وسقطات الحكومة الإنتقالية للثورة وشعاراتها وأهدافها ، إنما يقعون فريسةً (لمؤامرات) الفلول القاصدة لتفكيك مؤسسات وقوى الثورة بما فيها الشارعية وتحويلها إلى آلة تهدم نفسها بنفسها بما يكفيهم شر المخاطر الكامنة في مواجهتها ، ويذكِّرني هذا بمقطع من قصيدة لفقيد الإبداع الثوري حميد (رحمهُ الله) يقولُ فيه (حيطة تتمطىَّ وتفلِّق في قفا الزول البناها).

فإتجاهات النقد التي طالت وزراء ومسئولي الحكومة الإنتقالية بحسب تقديري معظمها كان مُنساقاً نحو محور الإنتقاد الشخصي ، الذي يتنافى ويتناقض مع إدعاء معظم هؤلاء النُقاد (الهدَّامين) إيمانهم المُطلق بمبدأ دعم دولة المؤسسات ومحاربة دولة الشخوص والأفراد ، كلنا نعلم أن أيي منصب ومسئولية هو عبارة عن (تِرسٌ) واحد يدورُ في آلةٍ ضخمة تحتوي أعداداً ضخمة من (التِروس الأخرى) المُساندة ، فإذا توقف واحد من هذه التروس عن الحركة أو أبطأ في الأداء تأثرت كل العمليات والقطاعات وتراجع أيضاً مُجمل الأداء العام .

والبلادُ تُعاني من غياب مؤسسية الدولة وإنهيار البِنيات الأساسية في خدمتها المدنية على المستوى اللائحي والقانوني والإداري والفني ، لن يستطيع أياً كان من أصحاب كفاءتها وخبرتها ، أن يخطو إلى الأمام فيما كُلف به من مهام دون أن تتسِّم خطواته بالبُطء والقليل أو الكثير من العثرات ، فإن نجح في القضاء على المعضلات التي تقع في نطاق سُلطاته وإختصاصاته ستواجههُ مُشكلات وعقبات في قطاعاتٍ أخرى تقع دائرة إختصاصاتها وسلطاتها عند مسئولٍ آخر لا يتناسب إيقاعهُ في الإنجاز مع الآخرين ، لذا من الواجب وحفاظاً على ما يتحقَّق الآن (ببُطء) في مشروع إستعادة دولة المؤسسات من براثن دولة الحزب والشخوص ، أن يهتدي النقد (البنَّاء) بالصبر والتأني والحِكمة والنظر دائما إلى الجزء المُمتليء من الكوب.

أقول ما سبق ليس إنبهاراً ولا رضاً عن حالة أداء الوزراء والمسئولين في الحكومة الإنتقالية ، ولا (تقليلاً) من أهمية الرقابة الرسمية وغير الرسمية عبر النقد والمُناصحة ومحاولات تصحيح المسار بشتى أشكالها ومصادرها بما في ذلك الحِراك الجماهيري ، غير أن كثرة تغيير الشخوص على المناصب من سلبياتها (بتر) الأفكار والمشاريع والمُخططات والبرامج ، ومن شأنها أيضاً إشاعة روح الإحباط عند المسئولين مما يؤثِّر على أدائهم وتفاعلهم مع الكثير من واجباتهم ، وأحياناً إنجازاتهم التي في أغلب الأحيان لا يُمنحون فرصة الوقوف على (نهاياتها) والتشرُّف بجني ثمارها.