تعديل القوابين بين الرفض والقبول .. والالتفاف حول الازمات بقلم د.زاهد زيد

تعديل القوابين بين الرفض والقبول .. والالتفاف حول الازمات بقلم د.زاهد زيد


08-01-2020, 06:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1596303088&rn=0


Post: #1
Title: تعديل القوابين بين الرفض والقبول .. والالتفاف حول الازمات بقلم د.زاهد زيد
Author: زاهد زيد
Date: 08-01-2020, 06:31 PM

06:31 PM August, 01 2020

سودانيز اون لاين
زاهد زيد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




شغلتنا الحكومة بمسألتين لا تمثلان الأولوية في ظل تردي أحوال المعيشة والخطر الماثل أمامها والذي صرحت به بعض المنظمات الدولية من أن البلاد مواجهة بخطر مجاعة حقيقية ، قد تماثل مجاعات سبقت أو تكون أشد ضراوة منها .
المسألة الأولى هي تعيين الولاة وما تبعه من زوابع مقصودة أثارتها فئات نسوية حول تعيين السيدات وتمثيلهن في حكومات الولايات ، القصد منها واضح وضوح الشمس وهي التغطية على عجز رئيس الوزراء في الايفاء بوعود هوائية ليلة الثلاثين من يونيو والتي قصد منها تحويل زخم المليونية وتخدير الناس قبلها في انتظار ما وعدهم حمدوك به . والدليل هو استمرار الزوبعة بعد تعيين الولاة "ولا حس ولا خبر" لوعوده .
والثانية هي مسألة تعديل القوانين وهي ليست أولى من أزمة المعيشة ومعاناة الناس في خبزهم ومواصلاتهم وعلاجهم والكهرباء في بيوتهم .
هذا التعديل لم يخطئ أحد في التوقيت لإعلانه ولكنه توقيت مقصود يصب بنفس الطريقة لصرف أنظار الناس عن قضايا معاشهم ، وأنا هنا لا أناقش صحة التعديلات من عدمها ، ولكني أرى أن التوقيت الذي أعلنت فيه كان مفضوحا .
ما أسقط النميري وما تسببت وتعللت الانقاذ به للاستيلاء على السلطة وما أخرج الناس لاسقاط حكم الكيزان ، هو أمر واحد فقط ، وهو معاش الناس ، وهذا ما فشلت فيه هذه الحكومة بجدارة .
لا يهم الناس الآن تعيين الدكتور فلان ولا تعديل القانون الفلاني هذا كله لا يجد من الجائع والمريض أدني استجابة ، ولا يعني إلا السياسيين فقط في صالوناتهم المغلقة ، ولكن ما يعني الناس هو أن يجدوا خبزا يطعمهم و مواصلات ميسرة ، وطلمبات من غير صفوف ومستشفيات تعالجهم وسوقا مستقرة الأسعار ، ثم تأتي الأشياء الاخرى .
الحكومة لا نتهمها بما كنا نتهم به حكومات الإنقاذ في الثلاثين سنة الماضية ، من سرقة ونهب ، وتفريط في معاش الناس ، الحكومة برئية من كل هذا فهي ورئيسها فوق هذه الشبهات .
وتختلف أسباب معارضتنا للكيزان من أسباب معارضتنا لحمدوك وحكومته ، فأولئك كانوا لصوصا ، وتجار دين ، استخدموا الدين للنهب والسرقة وعرضوا البلاد للتمزق والضياع بسبب شهوتهم للمال الذي كانوا محرومين منه .
أما السيد حمدوك فأمره مختلف تماما ، فالرجل ومن هم حوله ، خزلونا وتسببوا في كثير من الاحباطات لآمال وتطلعات الناس ، وقدموا لنا ما كنا لنحلم به حتى في أسوأ كوابيسنا .
هللنا لحمدوك وفرحنا به ، وكتبت مدافعا عنه وعن وزرائه ، وأعترف الآن أنني تسرعت يوم أن دافعت عن حكومته في أشهرها الأولى ، وتسرعت في مدح مدني عباس مدني ودفاعي عن تعيينه الذي تخطى مواثيق قحت وتجمع المهنيين ، وعندي الشجاعة أن أعترف بذلك وأن الشخص الوحيد في تلك الحكومة الذي لم أندم في مدحي له هو الدكتور أكرم خاصة بعد موقفه الرافض للاستقالة .
خزل الدكتور حمدوك الناس وللاسف الرجل وقع ولايزال ضحية لعبة الساسيين الفاشلين ، ومشى في الطريق الذي لا يؤدي إلا للفشل ، وكانت هناك أسباب ومؤشرات تنبئ بأن الرجل ليس لديه أدني خطة للعمل ولا يملك أي رؤيا لكيفية إدارة الفترة الانتقالية .
و بسذاجة كنا نكذب الواقع ، ونتهم آخريين بتشويه صورة الرجل وخاصة الكيزان . وأصبح كل فشل يعلق على شماعة الدولة العميقة ، وكنا نصدق ما يقال وكلنا أمل في أن حمدوك وحكومته سيعبرون بنا متخطين كل هذه العقبات .
وأخيرا ثبت بالواقع العملي أن كثيرا مما كنا نخافه قد حدث بالفعل ، والسبب هو أننا كنا نعقد أن " تحت القبة فكي "
فالدولة العميقة لا تنجح إلا بضعف السلطة الحاكمة ، فلو استطاعت السلطة الحاكمة ضبط الامور ، بمحاكات فورية وعاجلة لكل من يتسبب في عرقلة عملها واقالة رموز النظام السابق وتنظيف دولاب الخدمة العامة منهم ، ومحاسبة لكل مفسد منهم ، وفرض هيبة الدولة الجديدة لما وصل الحال بنا لشكوى مزلة من سيطرة الدولة العميقة .
لم يشتك مسلم من أنه مضطهد ولا يستطيع الارتداد عن دينه ، ولم يطالب أحد بأنه كغير مسلم لا يستطيع شرب الخمر ، ولا الكلام عن الدعارة وختان الاناث وغيرها من القوانيين ، كل هذا كان من الممكن أن ينتظر حتى تحل الحكومة الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالمواطن وتهدد أمن وسلامة البلاد .
ومن هذا المنبر أتحدى رئيس الوزراء ومن خلفه من المطبلين والذين يحيطون به أن يقدم لنا قراراته المهمة التي طال انتظارنا لها ، وليخرج إلينا بهدوئه وبرودة أعصابه ليقول قرارتي هي : واحد ، أثنين ، ثلاثة ....إلخ
فلينتازل الناس عن طلب مشروع في رؤية برنامج متكامل للحكومة في سنة أو في ثلاثة شهور ، وليقنع الناس بأن يخرج لنا د. حمدوك قرارته التي وعدهم بها .
أقول هذا وأنا على يقين أن د. حمدوك عندما خرج يومها للناس وتعهد بما تعهد به لم يكن عنده ولا قرار واحد لا في ذهنه ولا في أجندته .
وإلا فقد فات الأسبوعان والثلاثة والأربعة ، ولايزال الرجل صامتا ، حتى عندما خرج ليقوم بدور المزيع في إعلان الولاة ، لم يقل كلمة إعتذار واحدة عن تأخره في إعلان قراراته ، ولم يخجل أويستحى وهو يقول إنها تأخرت قليلا .
لسنا يا دكتور حمدوك قطيعا من النعاج تسوقهم بهدوئك القاتل وكلماتك الباردة ، نحن لهيب هذه الثورة وشبابها هم من خرجوا تحت لهيب الشمس وساهروا الليالي في حراسة تروسها ، واستشهدوا عليها ، وضربوا واغتصبت الحرائر بسببها ، وأنت تخرج عليهم لتصب عليهم ماءا باردا وتمنيهم الأماني .
هذا الشعب صبور جدا ، وحليم لآخر مدى ، ولكنه في لحظة تحول تاريخية يتحول لوحش يفترس جلاديه ، ويرمي بهم في سلة مهملات التاريخ ، هكذا لم يستعص عليه عبود ، ولا النميري ولا البشير ، كلهم ذهبوا وكأنهم ما حكموا ليلة .
عليك أن تذكر هذا ، وتذكر أن التحالفات ، وشغل السياسة ، والتذاكي على الشعب والعمل من تحت الطاولات لن تمر على الناس ، فقط يحترم هذا الشعب من يحترم عقله و يصارحه ويعمل في الشمس ويقول الحقيقة ولو مرة .
حزب الأمة الذي لم يستطع أن يحمي نفسه من انقلابات العسكر المتكررة عليه وهو في قمة السلطة بصادقه المهدي ، لن يفيدك غدا إن انقلب الشعب عليك ، والحزب الشيوعي واليسار سيتبرأ منك تماما وقد فعلها من الآن ، والشق العسكري في مجلس السيادة قال كلمته على لسان حميدتي لأنه لا يعرف السياسة وألاعيبها وإعترف بالفشل ، والمحصلة ليس لك إلا أحد أمرين :
أن تستدرك ما فاتك وتعتمد على شباب الثورة الحقيقيين لا المصلحيين ، وهم حماة الثورة والقادرون على التغيير وصنع المستقبل ، ولا أظنك بقادر على أن تسمع لهم ، وحولك هذا السياج من أرزقية السياسة ، وقد يكون قد فاتك القطار ، وضاعت الفرصة ، ولكن حاول فلربما لا يزال هناك أمل ولو بصيص منه ، ليخارجك من ورطاتك ؟
وإما أن تنجو بنفسك مما وطت فيه نفسك ، وتخرج منها كما دخلتها ، حينها سنقول لك " شكرا حمدوك "