4 أشياء عسيرة الهضم على المجتمع السوداني بقلم نوري حمدون

4 أشياء عسيرة الهضم على المجتمع السوداني بقلم نوري حمدون


07-28-2020, 08:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1595964566&rn=0


Post: #1
Title: 4 أشياء عسيرة الهضم على المجتمع السوداني بقلم نوري حمدون
Author: نوري حمدون
Date: 07-28-2020, 08:29 PM

08:29 PM July, 28 2020

سودانيز اون لاين
نوري حمدون-الابيض-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




= هناك اربعة اشياء لم يستطع المجتمع السوداني حتى تاريخ اليوم هضمها من ناحية , و من ناحية أخرى لم يستطيع القضاء التام عليها .. و هي : الولاية العامة للمرأة و الشيوعية و الجمهورية و العلمانية . و عدم الهضم في كل حالة يقف وراءه سبب ديني . يعتقد المجتمع السوداني ان الولاية العامة للمرأة مستحيلة لأن الرجال قوامون على النساء . و الشيوعية عند المجتمع السوداني مرفوضة لأن الشيوعية تقول : لا اله و الحياة مادة . و الفكرة الجمهورية منبوذة لأنها قالت ان الشريعة لا تصلح للقرن العشرين . و العلمانية مكروهة لأنها تنادي بفصل الدين عن الدولة . و في اعتقادي ان حالة عدم الانسجام بين هذه الافكار و المجتمع السوداني ستبقى قائمة لعدة اجيال قادمة اذا لم يبذل اصحاب هذه الافكار و المؤمنون بها الجهد المناسب لتوضيح الحقائق و تقريب المفاهيم و تحقيق الانسجام . و في اعتقادي ايضا ان النقاش محصور سلفا و بصورة رئيسة في منطقة المفاهيم الدينية التي أوجدت اسباب المواقف الرافضة . و فيما يلي احاول ان ادلي بدلوي في هذا النقاش .
=اولا= الولاية العامة للمرأة:
= يقول الله تعالى ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) النساء (34) . يقول ابن كثير (يقول تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي : الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة) . و يقول الطبري القول في تأويل قوله تعالى : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض } يعني الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن , فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم ; { بما فضل الله بعضهم على بعض } يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن , وإنفاقهم عليهن أموالهم , وكفايتهم إياهن مؤنهن.) . و يقول القرطبي (قوله تعالى : وبما أنفقوا من أموالهم أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها ، وإذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد ؛ لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح .) . و يقول البغوي (قوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي : مسلطون على تأديبهن ، ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) يعني : فضل الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية) . و يقول السعدي (يخبر تعالى أن الرِّجَال { قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، ، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: { بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي: بسبب فضل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع. وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله.) .
= ما تفضل بذكره المفسرون الاجلاء من توضيح للمقصود بالقوامة و الافضلية هو ما يسمى التأويل الذي هو في النهاية نوع من انواع الاجتهاد . فالاية الكريمة مثل كثير من آيات القرآن من النوع الذي يوصف بأنه غير واضح الدلالة . و فقهيا هناك اتفاق على ان كل نص من نوع الغير واضح الدلالة يجوز فيه التأويل و الاجتهاد . لكن .. الدلالة المستنبطة عبر التاويل و الاجتهاد لا يجب بأي حال من الاحوال ان تشير الى حكم الايجاب او التحريم . أي ان المجتهد باجتهاده لا يمكنه ان يقول ان هذا الشئ حرام و هذا الشئ واجب . فأقصى ما يشير اليه الاجتهاد هو حكم الكراهة أو حكم الندب . أي ان المجتهد باجتهاده يمكنه فقط ان يقول ان هذا الشئ مكروه و هذا الشئ مندوب . و من المعلوم فقهيا ان الكراهة و الندب يثاب من اخد بهما و لا يؤاخذ من لم يأخذ بهما بأي وجه من الوجوه . و على هذا الاساس .. فاننا .. و فجأة نجد انفسنا وجها لوجه مع حقيقة لم تخطر من قبل على بال الكثيرين من البسطاء و هي ان قوامة الرجال على النساء ليست سببا شرعيا و لا ملزما يدعونا لرفض الولاية العامة للمرأة طالما ان النص القرآني نفسه لا يحتوي على تفسير محدد لمعنى القوامة . و في السنة القولية نجد الحديث النبوي الشريف الذي يقول (((مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ ، وَمَا حَرَّمَ فَهوَ حَرَامٌ ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهُوَ عَفْوٌ ، فَاقبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَه ( وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيَّا ) .. (أخرجه الدارقطني في سننه ))) و نحن قطعا نريد حكم الله و ليس حكم الفقهاء .
= الشيوعية:
= المجتمع السوداني يعتبر ان الشيوعيين كفار و ملاحدة بسبب انكارهم وجود الله , و انه مطالب شرعا بأن لا يقبل بوجود اولئك الشيوعيين الملاحدة الكافرين في حياته . و يذكرون ان الاسلام يمنع بذل المودة و المحبة و الموالاة للكافرين . اما الشيوعيون انفسهم فالبعض منهم يقر بانكاره لوجود الله جملة و تفصيلا , بينما البعض الآخر يصرح بأنه ليس فقط مؤمن بوجود الله بل هو أيضا مسلم صحيح الاسلام . و اعتقد ان ثمة امر في المسألة الشيوعية يجب توضيحه و هو ضرورة التفريق بين الشيوعية كعقيدة و منهج حياة و الشيوعية كحزب سياسي . و المجتمع السوداني انما اصدر حكمه بناء على الشيوعية التي قدمت نفسها اليه كحزب سياسي . انه نفس الموقف الذي وقفه المجتمع السوداني ازاء المؤتمر الوطني الذي رسم ملامح برنامجه الحزبي من مرجعيات اسلامية . و قد قام الشعب السوداني برفض المؤتمر الوطني الحزب و برامجه البائسة و لم يخلط بينه و بين الاسلام الدين و العقيدة .
= و الواقع ان الناس البسطاء يصعب عليهم الفصل بين ما يصدر من الشخص من معاملات و اعمال و ما ينطوي عليه ضمير ذلك الشخص و قلبه من عقائد و ايمانيات . و نحن نؤكد ان الموالاة المرفوضة فقهيا هي متابعة صاحب العقيدة الفاسدة في عقيدته و فسادها . و العقائد في العادة لا تكون فاسدة في كل تفاصيلها . فالفساد في عقيدة كفار مكة كان في فكرة الشرك بالله . و الفساد في عقيدة النصارى كانت في جعلهم لله ابنا . و رغم ذلك فقد كانت اعمالهم محل تقدير على نحو ما حصل من عم الرسول (ابوطالب) مثلا الذي اعتصم مع الرسول (ص) في محنته و اكل معه ورق الشجر , وقد خاطر ابو طالب بحياة اولاده عندما جعل محمد (ص) ينام بينهم , و آنذاك كان الكفار يجدون في طلب الرسول (ص) لقتله . الذي جمع بين ابوطالب و محمد (ص) كان المعاملة على الارض و ليس العقيدة في الضمائر . و معلوم ان نصارى الحبشة هم الذين آووا المسلمين الاوائل الفارين من اذى زعماء قريش حين اشار لهم الرسول (ص) بالخروج الى أرض الحبشة مادحا لهم ملكها بانه لا يظلم عنده أحد . و مرة اخرى الذي جمع بين الرسول (ص) و ملك الحبشة كانت المعاملات و ليس العقائد .
= الشيوعية كحزب قدمت في منعطفات تاريخية مهمة برامج و خطط ساهمت في تكوين الحلول للكثير من المسائل . و برهنت التجربة ان الشيوعيين كأفراد نجحوا في تقلد مناصب متعددة و اثبتوا قدرات و كفاءات مشهودة . و ما نقوله عن الحزب الشيوعي يصدق على الاحزاب الاخرى مثل الاحزاب الطائفية . فقد عانى قادة حزب الامة مثلا معاناة طويلة من ان الناس , حتى من منسوبيهم , يتعاملون معهم تعاملا يخلط بين الامة كحزب و الامة كفكرة و عقيدة و منهج ديني اسمها المهدية لدرجة انهم حتى يومنا هذا لم يتحقق لهم الانعتاق من ضرورة تمحور القيادة في بيت و اسرة المهدي . فمشكلة الشيوعية اذن ليست في الشيوعيين و لكنها في المسلمين من البسطاء الذين يخلطون عند التعامل مع الناس في امور الحياة العامة بين العقيدة و المعاملة . و لا يعلمون ان الدين الحق عند الله عنوانه العمل الصالح .
= الجمهورية:
= نفور الناس من الفكرة الجمهورية سببه ان الجمهورية تقول ان الشريعة لا تصلح للقرن العشرين . و اعتقد ان كثير من الناس لم يكلفوا انفسهم عناء استقاء المعلومات في هذه المسألة من مصادر الفكرة نفسها مثل العودة لكتابهم المعنون ((الإسلام برسالته الأولي لا يصلح لإنسانية القرن العشرين)) . فأول ما يخرج به القارئ لهذا الكتاب و امثاله ان الجمهوريين لم يقولوا بان الشريعة بكل تفاصيلها لا تصلح . اسمع قول محمود محمد طه الوارد في الكتاب اعلاه: ((اذن الإنسان البيعرف الدين، يعرف أنو، في الحقيقة، في مستويين، وفي شريعتين .. الشريعة العالية، الأصلية، نسميها ((سنة النبي)) والشريعة الفرعية، هي البنسميها ((شريعتنا.)) الشريعة دي، فيها صور، بتحتاج إلى تطوير، وفيها صور ثابتة .. الصور الثابتة هي القصاص، والحدود، والعبادة. ما يدخلها من التطوير يسير جدا، لكنو ما بياخد صورها ولا محتوياتها.)) .
= فالحقيقة المخبوءة هي ان الجمهورية تعمل على تطوير الشريعة الاسلامية لتلائم المستجدات الحديثة . و التطوير عمل تقوم به كل الجماعات الاسلامية المختلفة في السعودية و تركيا و تونس على سبيل المثال . و لذلك اقترحت الجمهورية العودة للنصوص القرآنية التي يقول عنها الفقهاء انها منسوخة من القرآن المكي للاستفادة من دلالاتها في التطوير . و يقول الجمهوريون ان هذه العودة تضيف الى الشريعة الاسلامية كثير من القيم الفاضلة مثل السلام و الاشتراكية و الديمقراطية و قبول المختلف . كما ان العودة للنصوص القرآنية المكية تمكن من تطوير تشريعات الزكاة و الاحوال الشخصية في مسائل التعدد و الولي و القوامة تاسيا بالمستجدات الحديثة مثل حقوق الانسان و حقوق الطفل و القضاء على التمييز ضد المراة و مبادئ الدولة المدنية . و كل هذه و تلك صارت افكار تتحدث بها و عنها ادبيات الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني في السودان و غير السودان . كما تم تثبيت هذه الافكار في الوثيقة الدستورية المعبرة عن افكار و قيم و قناعات ثورة ديسمبر المجيدة . فلماذا الجمهورية فقط هي من تتوجه لها السهام السامة؟
= الواقع هو ان الجمهورية تعرضت للتشويه المتعمد و الممارسات العدائية ضمن منهج المتاجرة بالدين الذي تتبناه بعض الجماعات الاسلامية رغبة في السيطرة عبره على مصائر و رغبات الجماهير . و قد زاد من احتدام العداوة مناداة الجمهورية بالعودة كما قلنا للقرآن المكي . فالآيات التي وقع اختيارهم عليها من القرآن المكي هي نفس المجموعة التي تعتبرها الجماعات الاسلامية السلفية و غير السلفية آيات منسوخة بالآية المدنية المعروفة باسم اية السيف : ((وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) - البقرة - )) و يقولون ان هذه الايات نسخت ما يزيد على مائة اية من ايات التسامح في القرآن المكي و التي هي نفس الآيات التي تعتمد عليها الجمهورية في استنباط عناصر التجديد في الشريعة مما ذكرنا اعلاه . لقد زعزعت الجمهورية الافكار الثابتة منذ 14 قرن عن الناسخ و المنسوخ و قلبت أهم اوضاع ما يسمونه المعلوم من الدين بالضرورة . و كشفت الجمهورية ان القول بالناسخ و المنسوخ هو مجرد اجتهاد فقهاء و ليس توجيها نبويا او الهيا . و مثل هذا الانقلاب الصارخ غير مقبول بتاتا عند علماء السلفية و عوام الناس و لا ينتج الا الحرب الفتاكة . و بالفعل لقي الشهيد محمود محمد طه حتفه في يناير 1985 جراء النفور غير المبرر و الذي ترسخ في وجدان المجتمع السوداني تجاه الجمهورية منذ ظهورها كحزب سوداني عام 1945 .
= العلمانية:
= تعتقد العلمانية ان الأنشطةَ البشريّة والقراراتِ -وخصوصًا السّياسيّة منها- يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المُؤسّسات الدّينيّة. كما تعتقد العلمانية بضرورة عدم قيام الحكومة أو الدّولة بإجبار أيّ أحدٍ على اعتناق وتبنّي معتقدٍ أو دينٍ أو تقليدٍ معينٍ لأسباب ذاتيّة غير موضوعيّة , و بالتالي العلمانية لا تقوم بتحديد دين رسمي للدولة . و هذا الذي قلناه في السطور القليلة السابقة هو ما ينفر الكثيرين في المجتمع السوداني من العلمانية . فأيهم على صواب ياترى ؟
= و مرة اخرى نجد ان المشكلة ليست في العلمانية بل في الفهم السائد لدي افراد المجتمع المدني عن الدين و الشريعة . فقد استقر في غور عميق باذهانهم ان الاسلام دين ودولة , و ان تطبيق الشريعة لا يحتاج لمشاورة و موافقة الناس . و استقر ايضا في اذهانهم ان العلمانية تقف ضد الدين . ثم ان المجتمع السوداني يعلل رفضه للعلمانية بالقول انها فكرة مستوردة من الغرب . و بالفعل العلمانية فكرة مستوردة من الغرب . و لكن .. اليس الاسلام ايضا عقيدة مستوردة من عرب الجزيرة العربية , و المسيحية مستوردة من يهود الناصرة و اورشليم , و اليهودية من شعوب ارض كنعان الواقعة قبالة نهر الاردن ؟ اما القول بان العلمانية فكرة تقف ضد الدين فيكذبها ان المنادين بها انما يعتبرون من المسلمين او المسيحين الملتزمين الذين يصلون و يصومون , و القادرون منهم يدفعون الزكاة , و المستطيعون منهم يسافرون للسعودية لاداء الحج او العمرة .
= اما الحجة الكبرى في رفض العلمانية فهي القول بان الاسلام دين و دولة . و هذا القول راجع للخلط في فهم مدلولات الايات التي تتحدث عن تحكيم شرع الله مثل قوله تعالى : ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ – المائدة (44))) نعم .. المطلوب كان و ما يزال هو الحكم بما انزل الله . و نعم .. المطلوب كان و ما يزال هو تطبيق شرع الله في كافة مفاصل حياتنا . و لكن التوضيح الذي نريد ايصاله هو ان المقصود هو قيام كل فرد بتطبيق احكام الله في نفسه بنفسه لأن احكام الله مقصود بها في الاساس الفرد المكلف و هو المسلم المؤمن برسالة الاسلام , و لأن الاسلام ليس فيه وصاية و لا كهنوت . يشهد على هذا الفهم ان الرسول نفسه عندما كان يأتيه المسلمون مستفتين كان يملكهم الحكم الشرعي فينصرفوا دون ان يتعقبهم بالعسس او الجواسيس ليتحقق من تطبيقهم للشريعة . و لنفترض ان المسلمين وجدوا انفسهم في دولة لا تطبق شرع الله و لا ترعاه فهل سيهجرون الشريعة و ينبذون الاسلام ؟ فليس المطلوب اذن قيام دولة دينية لتطبيق الشريعة الاسلامية .
= و عموما , تختلف حدّة تطبيق العلمانية ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيّات في مختلف مناطق العالم. و يبدو ان السودان سيتبنى نموذج المزاوجة بين دولة العلمانية و دولة الشريعة و ذلك بعدم الاشارة الى دين رسمي للدولة و في نفس الوقت تضمين لائحة القوانين مجموعة الاحكام الاساسية للشريعة (الاحكام القائمة على النصوص الصحيحة الصريحة و ليس الاجتهاد) مثل احكام القصاص و الحدود و الزواج و الميراث . و فعلا .. ها هو القانون الجنائي لسنة 1991 يتحدث عن (السرقة الحدية) و يشير الى عقوبة قطع اليد . ثم يتحدث عن (السرقة) و يشير الى عقوبة السجن . و كل تشريع ليس من مجموعة الاحكام الاساسية للشريعة لا يتم ايراده في مدونة القانون . و قد حدث هذا في مسالة الردة التي استقر الرأي على انها ليست ضمن مجموعة الاحكام الاساسية للشريعة . نموذج المزاوجة بين العلمانية و الشريعة ان دل انما يدل على ان العلمانية السودانية مثل الشيوعية السودانية انما تراعي خصوصية المجتمع السوداني الذي يريد ان يتمسك باصوله الدينية و في نفس الوقت يمسك بافكار الحداثة . فالمؤمنون بالعلمانية هم أيضا مسلمون .. فمن يزايد على من .
4 أشياء عسيرة الهضم على المجتمع السوداني
بقلم/ نوري حمدون