العاطفة سلاح فتاك.. بقلم خليل محمد سليمان

العاطفة سلاح فتاك.. بقلم خليل محمد سليمان


07-28-2020, 05:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1595954880&rn=0


Post: #1
Title: العاطفة سلاح فتاك.. بقلم خليل محمد سليمان
Author: خليل محمد سليمان
Date: 07-28-2020, 05:48 PM

05:48 PM July, 28 2020

سودانيز اون لاين
خليل محمد سليمان-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




من حق القارئ الكريم ان يعرف هوية من يجلس خلف الكيبورد حتي تستوي الاشياء.

انا رجل مسلم مُعتدل من اسرة متدينة "متصوفة" يعني صوفي حتي النخاع " وسطي". الدين عندي منهج حياة في حدود حياتي الخاصة من عبادات، و تعاملات.

إحترام الصغير و توقير الكبير سنة اطبقها بكل حب، وجهي مكسي بالحياء، لا فاحش، و لا بذيئ، و لا بطعان، و لا لعان.

عند التعاطي مع السياسة تجدني و كأني مُنفصم، و في الحقيقة اني اتجرد من العاطفة تماماً، و هنا يكمن شكل الإختلاف.

مثلاً عاطفة الابوة عندما تمنعك و تحجب عنك رؤية الاخطاء فأنت تصنع إبن فاشل بالبلدي " الدلع ببوظ العيال" فدلع الآباء للابنا مصدره الحب، و العاطقة الجارفة.

عندما تقودنا العاطفة الدينية لنتبنى آراء سياسية، فبالضرورة انها تمنع الرؤيا، و تحجبنا عن الاخطاء، و ذلك لقداسة الدين، و بالتالي يُعتبر النقد قلة ادب في احسن الاحوال، و الاسوأ خروج عن الدين، و المعتقد، و الملة.

عندنا في السودان تُستغل العاطفة الدينية في السياسة بشكل بشع، و تتم قيادة الناس بشكل اعمى، و نتج عن ذلك هذا الواقع المرير المعاش في كل ربوع بلادنا الحبيبة.

اتحدي اي عضو في الاحزاب الدينية من الكيزان إبتداءً ان يكون له كفرد رأي، او فكر يمكنه الإدلاء به في الجماعة، او المجتمع.

المنهج هو ما يقوله المرشد او المراقب، او الامير، فالفرد عليه السمع، و الطاعة، تتنزل عليه الآراء، و المواقف معلبات جاهزة، فعليه تبنيها دون نقاش.

بذات القدر يأتي الإمام، و زعيم السجادة، او الشيخ عندما يتبنى امر السياسة، فتُصادر آراء الناس، و واجب عليهم ان ينطقوا بما ينطق القائد، و الإمام، و المخلص، و الشيخ، و ينطبق هذا حتي علي الاحزاب و الكيانات اليسارية التي تتخذ من العقائد منهج.

حتي المنظومة اليسارية التي ينظر إليها البعض بأنها طليعة تقدمية هي غارقة في ذات المستنقع، و ما قاله د. الشفيع خضر في آخر لقاء له يثبت ان لا مجال لرأي الفرد في هذه المنظومة التي ضاقت به، و لجأت الي إبعاده بالفصل.

حتي يستوي امر السياسة عندنا يجب ان نرفع الحرج، و قصة العاطفة الابوية المضرة مثل شيخ، او إمام، او، امير ، او زعيم سجادة، او بالبلدي " زول كبير قدر ابوك".

لو جلس ابي و عمي، و خالي في بيته، دون ان يتبنى امر عام "سياسي" فله كل الحب، و الإحترام، و تغمره العاطفة من رأسه إلي اخمض قدميه، و إن جلس الإمام او زعيم السجادة، او الشيخ في سجادته، و خلوته، و تقابته، سيجدني تلميذ و حوار مُطيع تحركه انغام الذكر، و ترعش جوارحه طبول النوبة، و الطار.

اما من يرضى طائعاً ليتولى امر السياسة، و هو امر عام، فعليه ان يخلع ثوب الدين، و كبرياءه، و وقار الإبوة، و عاطفتها، و علينا ان ننظر لأفعاله، الصغير منها، و الكبير، و نضعه علي ميزان النقد، و التقويم الذي تحرم علينا العاطفة الدينية، و الابوية إستخدامه.

يجب ان نضع العواطف بمختلف مسمياتها جانباً، عندما يتعلق الامر بالسياسة، و إلا سنصنع آلهة، و اصنام في حياتنا السياسية، و المشهد الذي نعيشه يشرح نفسه.

اخيراً .. دائماً اضرب مثل بسيدة امريكية إعترضت موكب الرئيس الامريكي، و رفعت في وجهه اصبعها الوسطى مرددة عبارة "#### you" فلم يرى احد، و حتي الرئيس نفسه انها تجاوزت حد اللياقة، لطالما هو شخصية عامة، و قبل بذلك، و حرية التعبير مكفولة بالقانون، بل ذهب البعض لأبعد من ذلك، فتم ترشيحها لمجلس بلدي في الولاية، و فازت به لتصبح مسؤولة.

يجب ان نواجه السياسيين بأشد العبارات، و اقساها، حتي يخلعوا عباءة الدين، و نضع و قار، و عاطفة الابوة في حدودها المعروفة، لأن امر السياسة يتعلق بارواح الناس، و مستقبلهم.

كل الذي يدور من قتل في السودان، و عدم تنفيذ للعدالة، هو بفعل اخطاء سياسية متراكمة، فالنقد مهما بلغ من قسوة لهو اهون من قتل الناس، و حرق قراهم، و إمتهان كرامتهم.

فالواجب ان نقدس حياة الإنسان لأنه بنيان الله، فبالعاطفة الدينية، و الابوية العمياء سنساعد علي هدم بنيان الله، و ما اسهله من فعل في بلادنا الجريحة!

أللهم احفظ السودان، و اهله.