السودان والحاجة الي صناعة الدستور الثوري الدائم في الميدان بقلم آدم تيراب أحمد

السودان والحاجة الي صناعة الدستور الثوري الدائم في الميدان بقلم آدم تيراب أحمد


07-05-2020, 04:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1593961324&rn=0


Post: #1
Title: السودان والحاجة الي صناعة الدستور الثوري الدائم في الميدان بقلم آدم تيراب أحمد
Author: آدم تيراب أحمد
Date: 07-05-2020, 04:02 PM

04:02 PM July, 05 2020

سودانيز اون لاين
آدم تيراب أحمد-UK
مكتبتى
رابط مختصر




تحليل ازمة سعر الصرف




آدم تيراب أحمد
باحث ومحلل اقتصادي



آدم تيراب أحمد
باحث ومحلل اقتصادي
[email protected]

السودان والحاجة الي صناعة الدستور الثوري الدائم في الميدان

يجب أن لا تتوقف ثورة ديسمبر ٢٠١٩ عند هذا الحد . فعلي الشعب أن ينتفض ويواصل مده الثوري لصناعة دستوره الثوري الدائم وإصلاح المؤسسات . و يجب أن لا تُفهم الثورة علي إنها مجردة واجب خفيف و تنحصر أهدافها فقط في إسقاط نظام الإنقاذ و تفكيك مؤسساته الخراب او حذف سياساته الهدامة عن الوجود . بل يجب أن يتجاوز مفهومها كثورة تلك النقاط ليشمل العمل المتواصل و الهادف لإصلاح وضبط عمل و إعادة توجيه مسارات كل مؤسسات المجتمع الهشة التَكويّن .
نَعم ، علي الشعب السوداني أن يواصل جهوده و يثور و يخرج ليملأ كل الشوارع و الميادين و يقف و يصمد ليدعم حكومته الإنتقالية و يؤكد لتلك المؤسسات قوته و سلطته و إمكانية تحكيم ولايته و رقابته عليها ، وليكمل مشواره الثوري بفرض عملية الإصلاح وإعادة التأهيل علي كل المؤسسات السياسية منها والأمنية ، و الدينية وعلي رأسها الأحزاب السياسية .
ويقرر بصورة مباشرة و يحدد خياراته العليا بنفسه في الميدان ويضع لتلك المؤسسات الغير مسئولة حدود وضوابط حاسمة و مُلزّمة تقيد حرياتها المطلقة وتضعها في مواقع المسئولية والإنضباط في حضرته، و الخوف من المُسأءلة والمحاسبة أمامه . لأن هذة الحريات المطلقة التي تتتمتع بها هذه المؤسسات وتُسيئ إستخدامها بلا حسيب ولارقيب , منذ إستقلال البلاد في العام ١٩٥٦ ، كانت وما زالت تشكل الأسباب الأساسية لإجهاض كل النظم والتجارب الديمقراطية و توليد الأنظمة الديكتاتورية التي أنهكت مقدرات هذا الشعب و البلاد . وهي السبب الأساسي للإستهتار الدائم والتلاعب بمصير هذا الشعب وإرادته و العبث بخياراته السامية لأكثر من نصف قرن من الزمان . فلابد للشعب من أن يثور و يحجم تلك الحريات المطلقة التي أساءتها تلك المؤسسات ويصنع ويجُيز (( دستوره الثوري الدائم )) في الميدان .
أثبتت كل تجارب الحكم التي مرت علي السودان و حتي الديمقراطية منها عدم جِدوى و فعالية كل تجاربنا التشريعية و فشلها في تحديد و إنجاز الأهداف والخيارات الكلية لهذا الشعب العظيم ( The ultimate objectives ) التي تتمثل في رسم ملامح هُويته و ضمانة أمنه و سلامته و تحقيق رفاهيته و إستقراره . فشلت كل التجارب التشريعية علي إمتداد تاريخ السودان الحديث من تحقيق تلك الأهداف لأن - المجالس التشريعية -التي تعاقبت علي السودان بغض النظر عن شرعيتها من عدمه و بصفة عامة كانت تعتمد في عملية تصعيد نوابها علي أحزاب سياسية هشة في بنيتها و تنظيمها ,و ضعيفة في فكرها و برامجها ، و في كثير من الأحيان تعتمد هذه -المجالس -علي مؤسسات أهلية و دينية غير مؤهلة تنظيميًا لترفِدها بنواب ليمثلوا هذا الشعب علي جهلهم بأهدافه الكلية و بعدهم عنها . الشيء الذي قادها إلي الفشل الذريع في إنجاز و صناعة الدستور الدائم في البلاد ، القادر علي تعريف تلك الأهداف و تفصيلها و ترتيبها علي النحو الذي يُرضي و يخدم جميع أفراد و قطاعات المجتمع و يضمن للجميع المشاركة في صناعة وإتخاذ القرار و التمتع بكل الحقوق وأداء الواجبات بطرق عادلة و مُنصفة مبنية علي أساس المساواة ما بين الجميع، ليضع حداً لظروف الإستغلال والإختلال في توزيع الدخل و الموارد .
هذه الإخفاقات التاريخية التي تنحصر أسبابها الأساسية في هشاشة و بنية المؤسسات ،كافية وكفيلة بأن تجعل الشعب السوداني يقف مع نفسه و يقيم وضعه من جديد ويتبنى بشكل مباشر مشروع تحقيق أهدافه بنفسه في الميدان و يواصل مده الثوري ليُكمل ثورتة النوعية التي تؤسس لصناعة (دستوره الثوري الميداني ) ويظهر قوته و يؤكد مسئوليته عن إصلاح كل المؤسسات والأحزاب و لِيُلهِم العالم بتجربته الجديدة في الإنتفاض التي يمكن أن تؤدي إلي إسقاط الحكومات والمؤسسات معاً ما دامت تقف ضد تحقيق أهدافه و تطلعاته نحو النمو والإستقرار .
علي الشعب أن يخرج و يكرر إعتصاماته في الميادين و يُنتقي بنفسة من أبناءه من ذوي الخبرة والإختصاص الذين يؤمنون بتحقيق غاياته النبيلة و يُكلفهم بكتابة مقترح مشروع دستوره الثوري الدائم في الميدان ليُقّدم له ليُعّدل فيه ما يشاء ويجيزه ويصادق عليه و هو واقف في الشوارع ، في خطوة يتجاوز فيها تلاعب النيابة التشريعية المتكررة و الدعوات المتعددة الغير مثمرة للمؤتمرات الدستورية ويضمن بناء دستور دائم يشتمل علي جميع الأُطر القانونية والتنظيمية الضرورية لبناء الدولة والمؤسسات .
لأن السودان في حوجة الي دستور دائم و فاعل يشتمل علي أُطّر و ترتيبات قوية تتحكم في دساتير الأحزاب السياسية وتنظم عمليات بناءها ونشاطها ، و ينص علي إنشاء آليات وأجهزة عدلية خاصة بهذه الأحزاب السياسية لمراقبة أداءها التنظيمي وفرض منهجية ممارسة السلوك الديمقراطي في مؤسساتها من أجل ضمان و سلامة بُناء هياكلها و صياغة أهدافها ، وإلزامها علي تحديد السقوفات الزمنية لإقامة مؤتمراتها و تحديد المعايير العامة للتنافس علي تداول المواقع التنظيمية ما بين أعضاءها . حتي يتمكن هذا الشعب من وضع يده علي مَواطن الإستغلال و التكريس ، ويحرر الأحزاب من أفة التحكم الدائم للأنظمة الطبقة والأسرية والدينية في هياكلها ويضمن بقاءها كمنظومات مؤهلة تُسير في إتجاه تحقيق غاياته وتتبنى و تعكس تطلعاته .
نعم ، إن السودان في حوجة إلي صياغة الدستور الثوري الدائم الذي يضع كل الموسسسات الأمنية والدينية والمدنية والأهلية عند حددوها و أماكنها الطبيعية ، و يؤسس بكل وضوح لبناء القوانين و اللوائح التي تُحدد وتُفصل لكل المنظومات العسكرية (القوات المسلحة والشرطة و الأمن ) واجباتها وحدود مسؤولياتها تجاه الشعب ، حتي لا تتجاوز هذه الواجبات حدود حمايته وحفظ أمنه والعمل معه جنباً إلي جنب متي ما أراد لتحقيق حاجاته وتطلعاته، ومن ثم إعادة تنشئتها وهيكلتها من جديد لتعكس الوجه القومي المشرق لهذا البلد .
وبنفس القدر يوفر هذا الدستور الأُطر القانونية والتنظيمية التي تَحكُم اللوائح التي تضبط و تحدد كيفية عمل ونشاط منظمات المجتمع المدني، و تُؤهل وتُقوّم أنظمة الإداراة الأهلية والطوائف الدينية و تنظف ممارساتها من المعتقدات السالبة و إعادة تحويل مسارات أهدافها لتتماشي مع الخطوط الرامية إلي إنجاز الأهداف و الغايات الكلية لهذا الشعب و شعاراته الثورية التي ينادي بها -حرية -سلام -وعدالة -والثورة خيار الشعب .