30 يونيو زلزلال بين الردة والإرتدادات بقلم مهيلم ابراهيم

03:37 PM July, 03 2020

سودانيز اون لاين
مهيلم ابراهيم موسي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

فرضت دعوة أسر شهداء الثورة السودانية ولجان المقاومة علي أطراف عملية السلام والوساطة أن تأتي إلي الخرطوم محملة بحقائب خالية من جوبا، وستملأ في الخرطوم عن طريق محاصصات توزيع جديد للوزارات الإتحادية والمجلس التشريعي بعد أن وضعت الجبهة الثورية نفسها كطرف مستقل عن قحت وقوي نداء السودان، وبالتالي تعتقد أنها تستحق وضع حسب وزن أهمية السلام للشعب السوداني في مقايضة الخاسر فيها عملية السلام نفسها.
جيش السودان أكثر قوي الدولة في السودان من حيث التنظيم الإداري يستقيل منه العسكريين في الولايات، ولا أجد تفسيراً سوي أن هنالك أوامر عليا صدرت إليهم لأن مؤسسة الضبط والربط لن تترك المجال لأي منتسب أن يتصرف بمزاجه في التولي والإستقالة، وخصوصاً لوظيفة سياسية كوظيفة والي. غافلت مؤسسة الجيش القوي المتناحرة علي الغنيمة بتقديم إستقالات بعض الولاة، وهذه ( الإستقالات في هذا التوقيت ) ضربة للقوي المدنية التي أخرجت سكاكينها لتقاتل بعضها البعض في القواعد الثورية، وإمتد الصراع حتي الواجهة الرمزية التي سقطت أطرافها في إنتخابات متعجلة وهي تجمع المهنيين ( لم تنتظر قوي الثورة حتي نتيجة الإنتخاب الطبيعي بسبب الكورونا ).
إستقالة ولاة مثل والي البحر الأحمر تفتح باب الترقب وضرورة وضع محاذير الفتنة القبلية التي لا تزال مستيقظة في شرق السودان و كل أنحائه، ويصبح الناس بعد ليلة المواكب لتكتشف بؤس فرعيات القوي السياسية بولاية كسلا، هذا البؤس الذي تمثل في إكتشاف أن مقرر لجنة إزالة التمكين ( كوز )! مكن نفسه أو مكنوه من إستلام زمام اللجنة . أن هذه الأوضاع أمثلة ومؤشرات تشير الي أن الولايات التي لم تكن ضمن أولويات نظام البشير لم تجد حظها من إهتمام القوي السياسية التي إفتقدت ( للرؤية الشاملة ) ستكون من محاور الصراع مع النظام القديم. ولا تزال ( نيرتتي ) تصرخ غرباً، وغريبة عن مشروع السلام والأمن والسلم الإجتماعي، وبعيدة عن نبض المواكب في الخرطوم رغم الإعتصام.
مع إزدحام الأجندة والمطالب السياسية نحو العدالة وترقية الأداء الحكومي تسللت ( سنارات ) بعض القوي لتصطاد في الماء العكِر. معركة إقالات وزراء ( أحزاب قحت ) سيتم تصفيتها داخل قواعد قوي الثورة وما كان ظهور دكتور أكرم التوم وزير الصحة في الشارع مع المواطنين إلا رسالة حزبية مفادها ( علي الأرض إمتداد وعلي الأرض النزال )، ومعركة أخري في الشرطة السودانية يتم تصفيتها بالسيولة الأمنية وأعداد المفقودين من موكب #٣٠يونيو أكثر من كافية لمراجعة الأداء الشرطي واقالة عادل بشائر.
إن الوضع الأمني والسياسي في السودان تأتي تعقيداته من كثرة طباخين المخابرات، وطبخ المخابرات لن يسمن الوطن حتي وإن أتي علي طبق من ذهب ومن يد طباخ واحد . #30يونيو بوابة فتحت نفسها للفرز الثوري وحديث رئيس الوزراء قبلها ووعده بالحلول خلال أربعة عشر يوماً تضغط بعنف تجاه هذا الفرز الثوري، وبإستمرار الدوران داخل متاهة الراهن وفقدان بوصلة الحلول للأزمات الإقتصادية تفرض روشتات وشروط البنك الدولي نفسها، ومستقبل قواعد لجان المقاومة مجهول بسبب عدم وجود المشروع، ويصبح تفتيتها وارد وستفقد ألقها مثلما فقده حادي الثورة وصداحها ( تجمع المهنيين ).
إن لم نكف عن الشيطنة المجردة لقوي الثورة، وإن لم نتقدم لها بالنقد البناء لتصحيح أوضاعها والمساهمة الفاعلة في بناء فكري وإداري وسياسي جديد، ستمتد يد عفاريت التفاصيل لتغرقنا في دوامة ردود الأفعال وتعيدنا إلي الدائرة الشيطانية مجدداً بإنقلاب ( مدني عسكري ) .