حكاوي الجبهجية (3) بقلم د. محمد قسم الله محمد ابراهيم

حكاوي الجبهجية (3) بقلم د. محمد قسم الله محمد ابراهيم


06-29-2020, 05:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1593449575&rn=0


Post: #1
Title: حكاوي الجبهجية (3) بقلم د. محمد قسم الله محمد ابراهيم
Author: محمد قسم الله محمد إبراهيم
Date: 06-29-2020, 05:52 PM

05:52 PM June, 29 2020

سودانيز اون لاين
محمد قسم الله محمد إبراهيم-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




من نافلة القول إنّ الشارع كان مشحوناً تماماً ضد النظام السابق، ولذلك اشتعلت الثورة منذ يومها الأول بقوة ولم تخمد حتى تهاوى النظام كما تتهاوى بيوت الرمال، واختبأ كل منسوبوه بين ليلة وضحاها، فالآلاف الذين كانوا يدَّعون أنهم (مؤتمر وطني) وتنعَّموا بالمال العام تلاشوا فجأة كما تتلاشى (حلاوة قطن) في أفواه الصغار، وكما قلنا في المقال السابق إنّ النظام البائد حفر قبره بيده حين فتح الباب لكل من هبّ ودبّ من الفاقد التربوي والانتهازيين الذين قفزوا بالزانة فوق الجماجم بحثاً عن مصالحهم الذاتية وتراكمت الأخطاء والفشل والفساد على النحو الذي أدخل البلاد في عنق زجاجة لم تخرج منه حتى اليوم.

الشاهد أنّ أوكازيون الإنضمام للنظام البائد الذي فتحته الحكومة السابقة في بواكير عهدها بالحكم جعل الناس يتهافتون عليها ودون تمحيص رأينا الحكومة توزع المناصب العامة والمال العام هنا وهنالك والمنظمات ذات الطابع العقائدي تتناسل لأجل التمكين وبلغ الغرور ببعض هذا الفاقد التربوي فظنوا انهم ظل الله في الأرض ورسل آخر الزمان. وهذا معروف في إدعاء التديُّن الزائف الذي سرعان ما انكشف، وقد رأينا فيما رأينا من الأعاجيب والألاعيب بعضهم من فاقدي التأهيل والاخلاق وقد امتطى الفارهات. بل إنّ أحدهم قفز من عامل يوميه إلى موظف حكومي بسلطات فوق العادة حين اخترعت الحكومة جهازها الاخطبوطي الذي أسمته أسواق المحاصيل فمنحت البعض صلاحيات شبه نظامية وحماية جعلت هذا البعض يستغلها لمصلحته الذاتية ويفعل في المال العام الأفاعيل ومنهم ذلك الانتهازي مرزوق الذي امتطى سيارة فارهة وصار يرتدي عمامة تضاهي عمامة ترباس بينما يتعمّد أن يترك (شاله المطرز) خلف ظهره إلى الأرض وكأنّه أبن زيدون في زمن ولَّادة بنت المستكفي.
أسوأ ما فعلته الحكومة البائدة هو تسويقها للنفاق المجتمعي بين الناس ولذلك استشرت ظواهر ما كانت مألوفة في مجتمعنا ومن ذلك البحث عن الثراء كيفما اتفق وحيثما اتفق والنماذج ماثلة.

وحكايات الجبهجية على (قفا من يشيل) يعرفها الناس طولاً وعرضاً من الذي استدارتْ لحيته فجأة ومن الذي كان (سدنة مايو) ثم تأسلم فصار (جبهجياً) كامل الدسم، ومن الذي خدع الناس بالدين ومن الذي كان (كحياناً) فصار من أثرياء زمن الغفلة والقائمة طويلة. لقد استباح هؤلاء الأدعياء بفسادهم مقدرات بلادنا حتى تركوها فريسة للغلاء والعناء ولا بد من المحاسبة وإن طال السفر.

اخيراً لن نبارح هذا العمود قبل أن نذكر قصة ذلك الوزير في إحدى الولايات المكلومة الذي كان يحرص على لحيته الدائرية الحليقة وصوته الخفيض مثلما كان يحرص على استخراج مبالغ نقدية يسميها عهدة مكتب ثم حين تصفيتها وفق الإجراءات المالية تجدها وقد تفرق دمها بين الموز واللحمة المفرومة لمنزله وشتان بين هذا المستوزر والوزير حافظ الشريف الذي جاء ممثلاً للحركة الشعبية في الحكومة أوانذاك والذي ذكرنا قصته مع المال العام في هذا العمود ذات مرة حيث كان يحرص الشريف في وزارته على عهدة مكتبه طوال الشهر بحيث لا تتعدى فقط مئتين وخمسين جنيها فقط لضيافة زوار مكتبه، قياساً لذلك الوزير منتفخ الأوداج الذي كان يوزع عهدته ذات الخمسة ملايين جنيه المتكررة شهرياً وقتذاك بين الموز واللحمة المفرومة والسمك الهامور لمنزله إلى أن عثروا عليه ذات يوم في وضع غير لائق مع إحدى الفتيات فغادر منصبه خجلاً غير مأسوف عليه.