مُؤانسات الجمعة بقلم د. محمد حسن فرج الله

مُؤانسات الجمعة بقلم د. محمد حسن فرج الله


06-05-2020, 02:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1591364350&rn=0


Post: #1
Title: مُؤانسات الجمعة بقلم د. محمد حسن فرج الله
Author: محمد حسن فرج الله
Date: 06-05-2020, 02:39 PM

02:39 PM June, 05 2020

سودانيز اون لاين
محمد حسن فرج الله- السعوديه
مكتبتى
رابط مختصر




( ١) الذي ننجوا منه كل يوم .. يومياً .!
كتبتُ في مرّة متسائلاً عن جدوي الحياة إذا كان الموت هو ما ينتظرنا علي الباب ، كتبت ذلك بأصابع دامية بسبب إختطاف الموت المفاجئ لأحد اصدقائي الاعزاء ، ولم تنتشلني من هذه الهوّة السوداء سوي عبارة ارسلها لي أستاذي الذي يعيش في بلدة باردة علي الطرف الغربي من جبال جرامبيان البعيدة " عِش حياتك و لا تجعل الموت شغلك الشاغل ، أنا الآن أخطو نحو التسعين و السرطان هو صديقي اللدود الذي أنجو منه كلُ يوم يومياً .. و رغم ذلك أكاد لا أتذكر الموت إلا لماماً و أشغل وقتي بالأهتمام بتربية الزهور لأنني أعرف أن الموت و الحياة من أمر الله ، و الله يعرف جيداً كيف يعتني بهذا الأمر ..”

(٢) عمر ( الغتيت )
كنا نسميه عمر (الغتيت) و الغتاتة تعبير سوداني عجيب من فصيلة ( الحلو مر ) ، فهو يجمع بين الإستنكار و الإعجاب في آٍن واحد بالمقدرة الغريبة علي إخفاء المشاعر والأسرار و الانتقام بصورة باردة و لكنها مدوية ، و قد وجدت ان التراث النفسي و اللُغوي الانجليزي يحتوي تعبيرا بدا لي مشابها لمصطلح ( الغتاتة ) السوداني و هو مصطلح ال :
Passive aggression
المهم أن أبرز ما كان يميز عمر هو (الغتاتة) و سخطه علي ( الفنانين ) الشباب و الاغاني الهابطة ، الذين أتاحت له الحياة في سانحة من سوانح كرمها النادر أن يُشنِّع بأحدهم شر تشنيع ، و قد جرت القصة في القاهرة عندما وجد عمر الفنان الشاب (ش ، ع ) يرغي و يزبد مستنكراً علي موظف استقبال البناية التي ينزل فيها منعه من الدخول بدون ابراز بطاقة الشقة او هويته الشخصية التي نسي حملها ، وكان سبب الغضب ان ( الفنان ) لا يتصور ان موظف الاستقبال لم يسمع باسم الفنان الشهير ، و لك ان تتخيل فرحة ( الفنان ) بدخول سوداني الي الاستقبال ليثبت صحة إدعاء الشهرة ..! ، كان كل ذلك جيداً سوي أن القادم لم يكن سوي ( عمر الغتيت )..!
لاحقاً أخبرني عمر عن امتقاع وجه الفنان بكل الالوان عندما هز عمر راسه نافياً ( بغتاتة ) مجيباً علي سؤال موظف الإستقبال : " تعرف الفنان ده يا سعادة الباشا ؟"
كان عمر يعرف الفنان كما يعرف أبناءه ، و لكن ألم أقل أنها كانت سانحة من سوانح كرم الحياة النادرة ...!


د. محمد حسن فرج الله
إستشاري الطب النفسي
مستشفي الامل للطب النفسي – دبي
قسم خدمات علاج الادمان
بروفيسور الطب النفسي المساعد
جامعة محمد بن راشد للطب و العلوم الصحية