يصمتون ثم يتأخرون ..! بقلم هيثم الفضل

يصمتون ثم يتأخرون ..! بقلم هيثم الفضل


06-05-2020, 05:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1591331246&rn=0


Post: #1
Title: يصمتون ثم يتأخرون ..! بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 06-05-2020, 05:27 AM

05:27 AM June, 04 2020

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



آخر لحظة - النسخة الإلكترونية

سفينة بَوْح -



قبل أيام معدودة قامت قناة سودانية 24 ببث حلقةً تلفزيونية تحت عنوان (تأخير تقديم مُعتقلي النظام السابق للمحاكمة) ، وذلك عبر محاورة عدد من القانونيين من بينهم الأستاذ / المُعز حضرة عضو اللجنة القانونية لمحاكمة مُنفذي إنقلاب 30 يونيو ، والأستاذ كمال عمر المحامي عن المُتهمين علي الحاج وإبراهيم عمر ، وقد كانت المُحصِّلة الرئيسية لذلك الحوار أن المُتهمين قد لزم أغلبهم (الصمت) عن الإدلاء بالمعلومات لدى هيئة التحقيق والنيابة العامة ، مما أدى وبحسب رأي الأستاذ / المُعز حضرة إلى تأخير تلك المُحاكمات التي ينتظرها الشعب السوداني على أحرَّ من الجمر.

أما الأستاذ كمال عمر فقد إستند إستناداً غير مُستساغ ولا مقبول من حيث المنطق العام والعدلي ، على الحق القانوني المشروع للمُتهم في (الصمت) وعدم الإدلاء بأقواله متى ما شاء ذلك ، وتغافل عمداً أن هذا الحق مرتبط بالساعات الأولى للإعتقال والمُتعلِّق بدائرة الأقوال الأولية التي تستوجبها تحريات الشرطة حول البلاغ الجنائي ، وهذا الحق في الأصل وعلى مستوى العُرف العدلي مُرتبط بقاعدة توفير كافة السُبل القانونية للمتهم حتى يتسنى له الدفاع (الأولي) عن نفسه ، وبذلك فإن أغلب ما يحدث في هذا المضمار على المستوى الواقعي أن بعض المتهمين الجنائيين يستعملون هذا الحق عبر إمتناعهم عن الإدلاء بأقوالهم الأولية حول البلاغ حتى وصول وحضور محامي دفاعهم الموكَّل ووقوفه على إجراءات التحقيق.

أما الإمتناع (المُطلق) عن الإدلاء بالمعلومات والشهادة والتحصُّن بـ (الصمت) المُطبق ، فهو من وجهة نظري ليس إلا محاولة مكشوفة وواضحة المعالم لتضليل العدالة و(تعطيل) و(تأخير) تدُّرج المسار الطبيعي للقضية والذي ينتهي عادةً بتحويلها للمحكمة ، إذن وبكل بساطة فإن المتهمين أنفسهم هم المسئولين الحقيقيين عن تأخير تقديمهم إلى محاكمة عادلة ، وذلك لا يحتاج إلى كثير لغط ولا نقاش إن لم يكُن من الناحية المنطقية (إعتراف ضمني) بما إرتكبوه من جُرم مُشين ، فلو (عجزت) هيئات التحقيق وإجراءات النيابة العامة عن الوصول إلى (نهايات) مهامهم القانونية بخصوص القضايا المطروحة بسبب (صمت) المتهمين و(تذاكيهم) على الجهاز العدلي ، فليس على المحكمة إلا الإنتظار و(التأخير) ريثما يُقرِّر المتهمون ومحاموهم العدول عن الصمت والإستجابة إلى كل ما يوجب إتمام الإجراءات القانونية المُتعلِّقة بالوصول إلى مرحلة المحاكمة العادلة والناجزة .

نعيب على المؤسسات العدلية الإنتقالية إحجامها المُتكرِّر عن تنوير الرأي العام بمثل هذه التفاصيل الهامة والتي طالما فتحت الباب على مصراعيه لأدعياء الحرية وسيادة العدالة أن يتاجروا سياسياً بموضوع تأخير محاكمة رموز النظام البائد ، فعلى المستوى القيِّمي والأخلاقي تظل محاكمة المسئولين عن إنقلاب يونيو 89 ، مطلباً ومحوراً إستراتيجياً هاماً يجب ن تتزيَّن به صفحات السجل العدلي السوداني ، وذلك ترسيخاً لروح الديموقراطية والعدالة والقيَّم السياسية النزيهة ، وتجريماً لا يقبل الشك ولا التخمين لظاهرة الإنقلابات العسكرية التي أقعدت البلاد وقصمت ظهر العباد أزماناً عديدة تم خصمها من حصة السلام والوحدة والعدالة والتنمية المُستدامة.