الخليج بين الاستثمار السياسى والاقتصادى(2) بقلم عبدالمنعم عثمان

الخليج بين الاستثمار السياسى والاقتصادى(2) بقلم عبدالمنعم عثمان


05-23-2020, 00:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1590191635&rn=0


Post: #1
Title: الخليج بين الاستثمار السياسى والاقتصادى(2) بقلم عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 05-23-2020, 00:53 AM

00:53 AM May, 22 2020

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




تحدثت فى المقال السابق عن خيار دول الخليج بين الأستثمار السياسى والأقتصادي فى السودان وغيره من البلدان التى تتاح فيها فرص مماثلة مجدية . وخلصت من خلال بعض الأسباب الى تفضيل الأستثمار الأقتصادى وانتهيت الى انى ساواصل الكتابة لتبيان الجدوى الأقتصادية لذلك الاستثمار .
تكفى تقارير منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة ،التى تصنف السودان من ضمن ثلاث دول لها من الموارد ما يمكن ان يساهم فى توفير الغذاء للعالم ، تكفى عن مزيد من الحديث عن هذه الامكانيات . وقد وضحت هذه الأمكانية من خلال تجارب بسيطة وغير مكتملة الأركان فى استثمارات الراجحى لأنتاج القمح وكذلك الموسم الشتوى الماضى الذى انتج نصف احتياجات البلاد فى منطقة ظلت انتاجية القمح فيها ضعيفة طوال عقود الأنقاذ !
هذا من ناحية الأمكانيات ، التى أظهرتها بصورة متكاملة ومبهرة الدراسة التى قامت بها مجموعة من الأقتصاديين العرب تحت ادارة الصندوق العربى للتنمية الأقتصادية والأجتماعية ، ومقره دولة الكويت الشقيقة، فى بداية سبعينات القرن الماضى . تلك الدراسة التى أنشات على اساسها الهيئة العربية للاستثمار والأنماء الزراعى . لقد أظهرت تلك الدراسة الجدوى الأقتصادية لأنشاء مشروعات زراعية وصناعية\ زراعية تتمكن فى ظرف أقل من عقدين أكفاء السودان من السلع الزراعية كخطوة أولى ضرورية ، ومن ثم التصديرلكفاية الدول العربية وغيرها. لم تنس الدراسة ضرورة الخدمات الأساسية من طرق ووسائل ترحيل وتخزين ..الخ وكذلك ضرورة توطين الصناعات الزراعية المرتبطة الى الأمام والخلف بالزراعة .
ولعل نموذج التعاون الكويتى السودانى على السنوات الأولى للنظام المايوى مايكمل الصورة لضرورة الأستثمار الأقتصادى غير المرتبط بخيوط عنكبوتية سياسية . وهنا اسمحوا لى بأيراد تجربة كان لى فيها مساهمة شخصية من خلال بيت الخبرة السودانى "تنمية ". فقد عهد لذلك البيت عمل الدراسات والتصميمات الهندسية والأشراف على تنفيذ المشروع الزراعى الواقع شرق ولاية الخرطوم " مشروع الواحة ". نشا ذلك المشروع بشراكة كويتية\ سودانية ساهم فيها كلا القطاعين العام والخاص فى البلدين . وقد أوفت الكويت- كعادتها- بألتزاماتها المالية عند بدايات العمل ، لكنها تلكأت ثم توقفت بعد ان ظهر داء الفساد فى الأمر ومعها توقف دور بيت الخبرة بعد ان انجز الدراسة وتصميمات الرى ، بل واشرف على تنفيذها . كان هدف المشروع هو انتاج الخضر والفاكهة للتصدير على مساحة اربعين ألف فدان : فتصور لو انه قد تم انجازه بالكامل فى ذلك التاريخ، السنوات الأولى من عقد ثمانينات القرن الماضى ؟! قصدت من هذا المثال تبيان الأمكانية الكبيرة للتنمية الزراعية بالسودان بشرط عدم ربط الاستثمار بأى شروط غير اقتصادية ، مع توفر المناخ الملائم للاستثمار . والحمد لله الذى أزال عن سوداننا انقاذ الفساد ، وفى هذا وحده مايكفى لأقناع المسثمر الحقيقى بتوفر المناخ ! ولم تكن مساهمة الكويت فى هذا المشروع هى الوحيدة فى ذلك التاريخ ، فهى ايضا من أنشات جامعة جوبا ، التى ساهمت ولاتزال فى توفير الكوادر فى جنوب وشمال السودان وبدرجة عالية من التأهيل . وبالطبع فان هناك نماذج خليجية اخرى معروفة لدى الجميع ، تبين الصنف الأخر من الأستثمار ، الذى بينت فى مقالى السابق استحالة تكراره فى سودان مابعد ديسمبر !
وليكفى المؤمنون شر القتال ، فان الحل يكمن فى اعادة الحياة للهيئة العربية ، كما كان يراد لها عند الأنشاء ، وذلك بتوفير الأموال اللازمة لذلك ، وهى متوفرة بحمد الله ، ولكنها تصرف حاليا فى محاولات سياسية بائسة تفيد الكبار الذين يدفعون اليها من خلف الستار كعادتهم وينتظرون عائداتها المؤكدة ، بل وفى اسوا من ذلك تروح هباء منثورا وهى تقبع فى بنوك الغرب "المستهبل"، نتيجة لأزماته ومؤمراته . وكذلك اختيار ادارة للهيئة اعتمادا على الكفاءة وليس المحاصصة وغيرها من الاساليب العربية المعروفة .
لقد كانت التكلفة الكلية المقدرة لمشروعات الهيئة بالسودان وعلى مدة ثلاث خطط سداسية ، اى ما مجموع مداه الزمنى أقل من عقدين ، هو ثمانية عشر مليار دولار فقط . ولو افترضنا ان هذه التكلفة قد تضاعفت لخمس أضعاف ، فان جملتها كان من الممكن توفيرها من عائدات البترول والذهب والقروض التى حصلت عليها الأنقاذ . وفى اعتقادى انه ، ومع هذا الظرف الصعب الذى يعيشه الأقتصاد السودانى ، فانه يمكن توفيرها حاليا من اعمال لجنة تفكيك الأنقاذ واسترداد أموال الفساد ، خصوصا بتعاون الجهات التى تقبع فى بنوكها جل هذه الأموال "الصعبة "! اما من الطرف الخليجى فانه يمكن توفيرها من الجيب الخلفى لأى من دوله ودون ان يحس الجيب الأمامى ، "لو سخوا" على تعبير المناضل خالد الذكر نقد!
فهل ننتظر استثمارات الخليج المفيدة لكل الأطراف ، بما فى ذلك الطرف العالمى ، الذى لايعلم غير الله ، سبحانه ، مدى تأثره بنتائج كورونا فى الختام غير المنظور ، أم نشد من عضد لجنة التفكيك ليصبح " زيتنا فى بيتنا " وعندئذ ياسفون؟! الا هل بلغت ؟