استرداد الاموال السودانية المُختلَسة من الخارج؛ المعاهدات والصعوبات: بقلم ابومدين وداعة اللة محمد /

استرداد الاموال السودانية المُختلَسة من الخارج؛ المعاهدات والصعوبات: بقلم ابومدين وداعة اللة محمد /


05-21-2020, 09:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1590094165&rn=0


Post: #1
Title: استرداد الاموال السودانية المُختلَسة من الخارج؛ المعاهدات والصعوبات: بقلم ابومدين وداعة اللة محمد /
Author: مقالات سودانيزاونلاين
Date: 05-21-2020, 09:49 PM

09:49 PM May, 21 2020

سودانيز اون لاين
مقالات سودانيزاونلاين-USA
مكتبتى
رابط مختصر





ابومدين وداعة اللة محمد / المحامي
[email protected]
دبي ، 20 مايو 2020.

تعتبر مسألة استرداد الاموال التي استولى عليها مسئولو نظام الإنقاذ المُباد اهم المسائل الملحة بسبب حوجة البلاد لتلك الاموال وتحقيقا لشعار الثورة في إنفاذ العدالة ، فقد كان الفساد المستشري إبان عقود النظام المُباد احد الاسباب التي اقعدت الدولة السودانية عن ركب التقدم والنمو ، ووضعته لفترات طويلة في ذيل قائمة الدول الأكثر فسادا وفقا لمنظمة الشفافية الدولية ، شكَّلت الحكومة الإنتقالية لجنة "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ واسترداد الاموال العامة" لتعقب تصرفات مفسدي النظام المُباد واستعادة الاموال المختلسة ، فقد كشفت تحقيقات لجنة التفكيك والاسترداد أن الاموال التي استحوذ عليها أفراد ومنظمات نظام الانقاذ ضخمة جدا وفوق تصور الجميع ، واصدرت اللجنة العديد من القرارات المتعلقة باسترداد بعض الاموال المختلسة الموجودة داخل السودان إلى حكومة السودان، وقد اهرق القانونيون المؤيدون والمعارضون لتلك القرارات على حد سواء مدادا كثيرا حول سلامة تلك القرارات ، فمنهم من رأى إنتهاكها للمبدأ الدستوري الخاص بحق التملك المضمن في المادة 61 /2 من الوثيقة الدستورية الذي يصون حق الملكية ويمنع المصادرة إلا بموجب حكم قضائي. ولكل طرف حججه واسانيده القانونية التي يتكئ عليها ، لكن الثابت ان اعمال وقرارات لجنة التمكين والاسترداد تستمد شرعيتها من الوثيقة الدستورية التي وقعتها كافة مكونات الثورة ، ومن حيث الشرعة الدولية فإن اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تحوي الكثير من النصوص التي تؤيد اعمال وقرارات لجنة التفكيك والإسترداد فيما سنبيِّنه في هذا البحث القصير ، على صعيد تنفيذ تلك القرارات ربما لا توجد إشكاليات قانونية كبيرة في شأن استرداد الأموال المختلسة الموجودة في داخل السودان طالما ان تنفيذها يقع على اموال داخل السودان لكن ، ربما تواجه لجنة التفكيك والاسترداد صعوبات حال شرعت في فتح ملفات تتعلق باسترداد الاموال التي استحوذ عليها سدنة النظام المُباد وهربوها الى خارج السوادن.
اعمال لجنة التفكيك والاسترداد وفقا للإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد:
تمثل إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 2003 اهم الإتفاقيات الدولية التي توفر شرعة دولية لقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وازالة التمكين وتسند قرارات لجنة التفكيك واسترداد الاموال المشكلة بموجبة فيما يتعلق بإسترداد الاموال التي سرقها زبانية النظام المباد من حيث تعريفه للافعال المجرمة وتضمينه نصوصا تمنح الدول التي عانت من الفساد كامل الغطاء الشرعي لإتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة بسببه اينما وجدت وتعتبر الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان بموج نص المادة ، وقد صادق السودان على الإتفاقية الأممية تلك في 05 سبتمبر 2014 كما صادقت عليها اكثر من 180 دولة.
صادق السودان ايضا على الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 في تاريخ 23/10/2012 ، كما صادق السودان في 26/09/2018 على إتفاقية الإتحاد الافريقي لمنع ومكافحة الفساد لسنة 2003 ، وهنالك تطابق كبير بين الإتفاقيات الثلاث في تعريفها الافعال المجرَّمة وما يتعلق باسترداد الدول المتضررة للموجودات المختلسة والمهربة الى دول أخرى ، وسنكتفي باستعراض بعض نصوص إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 بوصفها اشمل وتضم الدول المنضوية تحت الإتفاقيتين العربية والأفريقية الأخريين لتوضيح تعضيدها قرارات لجنة التفكيك والاسترداد..
بينت المادة الأولى من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 أن أغراض الإتفاقية (أ) ترويج وتدعيم التدابير الرامية الى مكافحة الفساد بصورةٍ أكفأ وأنجع ؛ (ب) ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال مكافحة الفساد بما في ذلك مجال استرداد الموجودات.
خصصت الإتفاقية الفصل الثالث لتجريم الافعال التي تعد إفسادا ، إضافة الى إنفاذ القانون في مواجهة مرتكبيها منها على سبيل المثال إختلاس الممتلكات العامة أو تبديدها أو تسريبها والمتاجرة بالنفوذ والرشوة وإساءة إستغلال الوظيفة أو الموقع والإثراء بلا سبب.
تناولت الإتفاقية التجميد والحجز والمصادرة في المادة 31 التي على نصت على أن (تتخذ كل دولة طرف إلى أقصى مدى ممكن ضمن نظامها القانوني الداخلي ما قد يلزم من تدابير للتمكن من مصادرة: (أ) العائدات الإجرامية المتأتِّية من أفعال مجرَّمة وفقا لهذه الإتفاقية أو ممتلكات تعادل قيمة تلك العائدات.)
كما تناولت الإتفاقية الأممية مسائل تسليم المجرمين وآليات استرداد الممتلكات في الفصل الرابع المتعلق بالتعاون الدولي في مجالات مساعدة الدول بعضها البعض في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد ، إذ نصت المادة 54 على ان تقوم كل دولة طرف من اجل تقديم المساعدة القانونية المتبادلة وفقا للمادة 55 من الإتفاقية بــ (إتخاذ ما قد يلزم من تدابير للسماح لسلطاتها بإنفاذ أمر مصادرة صادر من محكمة في دولة طرف أخرى) ، ولسد الطريق امام المفسدين كيلا يجدون ملاذات آمنة لهم وللموجودات التي اختلسوها نصت الإتفاقية الأممية على ضرورة التعاون بين الدول الأطراف في شتى المجالات ذات العلاقة بمكافحة الفساد وأهمها بالطبع حجز وتجميد ومصادرة ورد الموجودات المختلسة الى أصحابها ، فالمادة 55 المعنونة "التعاون الدولي لأغراض المصادرة" تنص على أن (على الدولة الطرف التي تتلقى طلبا من دولة طرف أخرى لها ولاية قضائية على فعل مجرم وفقا لهذه الإتفاقية من أجل مصادرة ما يوجد في إقليمها من عائدات إجرامية او ممتلكات او معدات او أدوات أخرى مشار اليها في الفقرة 1 من المادة 31 من هذه الإتفاقية أن تقوم إلى اقصى مدى ممكن في إطار نظامها القانوني الداخلي بما يلي : (أ) أن تحيل الطلب إلى سلطاتها المختصة لتستصدر منها أمر مصادرة وأن تضع ذلك الأمر موضع النفاذ حال صدوره) ، فالفقرة 1 من المادة 31 تحمل عنوان "التجميد والحجز والمصادرة" تطالب الدول بإتخاذ التدابير اللازمة وإلى اقصى مدى ممكن من اجل مصادرة عائدات الفساد او مصادرة ما يعادل قيمتها ، وتناولت المادة 57 ما يتوجب على الدولة متلقية الطلب فعله فيما يتعلق بإسترداد الممتلكات المتاتِّية عن افعال فساد ، حيث نصت على: (ما تصادره دولة طرف من ممتلكات عملا بالمادة 31 او المادة 55 من هذه الإتفاقية يتصرف فيه بطرائق منها إرجاع تلك الدولة الطرف تلك الممتلكات عملا بالفقرة 3 من هذه المادة إلى مالكيها السابقين وفقا لأحكام هذه الإتفاقية وقانونها الداخلي) فالفقرة 3 من هذ المادة تتناول الاموال المختلسة إذ تنص على أنه: (وفقا للمادتين 46 و55 من هذه الإتفاقية والفقرتين 1 و2 من هذه المادة على الدولة متلقية الطلب: (أ) في حالة إختلاس اموال عمومية أو غسيل اموال عمومية مختلسة على النحو المشار اليه في المادتين 17 و23 من هذه الإتفاقية عندما تنفذ المصادرة وفقا للمادة 55 من هذه الإتفاقية وإستنادا الى حكم نهائي صادر في الدولة الطرف الطالبة ، وهو اشتراط يمكن للدولة الطرف متلقية الطلب ان تستبعده ، أن تُرجع الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة) فشرط تعاون الدولة في ارجاع الموجودات إلى الدولة الطالبة أن يكون أمر المصادرة صادرا من محكمة الدولة الطالبة ومع ذلك يجوز أن تستبعد الدولة متلقية الطلب خيار الحكم القضائي النهائي ، أي يجوز أن يكون حكما وإن لم يكن نهائيا ، فإتاحة التنازل عن اشتراط الحكم القضائي النهائي يتطابق مع احد الأهداف الجوهرية للإتفاقية المتمثلة في أن تتخذ إي دولة طرف الى أقصى مدى ممكن التدابير اللازمة للتمكن من مصادرة العائدات المتأتية من افعال الفساد ، وهذا هو ما تسعى الدول إلى تحقيقه في هذه الإتفاقية .
فيمكن القول بكل إطمئنان أن في النص على التنازل عن اشتراط الحكم القضائي النهائي ما يوفر غطاء شرعيا لقرارات لجنة التفكيك والإسترداد السودانية ، على اساس أنه طالما اتيح التنازل عن قبول طلبات الاسترداد الدولية غيرالمسنودة بأحكام قضائية نهائية فمن باب أولى ان تستصدر الدولة المتضررة نفسها قرارات استرداد دون أحكام قضائية نهائية كالتي تصدرها لجنة التفكيك والاسترداد في السودان ، بما أن قانون التفكيك قد منح الطرف المتضرر مرحلتين للطعن بالإستئناف ضد قرارات لجنة التفكيك والاسترداد أحداهما دائرة قضائية مشكلة بواسطة رئيس القضاء فإلإفتراض ان القرارات الصادرة مقبولة وعادلة للأطراف طالما لم يستعملا حقهما في الطعن ضدها ، لا يمكننا إفتراض الحيف في تلك القرارات دون اللجوء الى حكم القضاء المتاح وفقا للقانون ، فالقضاء ابوابه مفتوحة للمتظلم من تلك القرارات ، فالمادة 8 من قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو تعديل ابريل 2020 تُقرأ :
(1. تنشأ لجنة من خمسة اشخاص تسمى " لجنة الإستئنافات" يكونها مجلسا السيادة والوزراء للنظر والفصل في الإستئنافات المقدمة ضد القرارات الصادرة من اللجنة ؛ 2. يجوز إستئناف اي من القرارات الصادرة عن اللجنة لدى لجنة الإستئنافات خلال اسسبوعين من تاريخ الاعلان عنها ... 3. يجوز الطعن في القرارات الصادرة عن لجنة الإستئنافات خلال اسبوعين من صدور القرار امام دائرة يشكلها رئيس القضاء ويكون حكمها نهائي) ، فتدخل القضاء مكفولا بموجب هذا التعديل الذي يتيح للطرف المتضرر حقه القانوني في اللجوء إلى القضاء طلبا للإنصاف إن كانت لديه من الأدلة ما يناهض بها قرارات لجنة التفكيك والاسترداد الصادرة ضده ، هذا فضلا عن حقه السابق في ان يُعلن ويمثُل أمام لجنة التفكيك والاسترداد أو اي من لجان التحقيق المشكلة من النائب العام لتقديم دفوعه لمناهضة الإتهامات الموجهة إليه .
يمكن ان نستنتج مما سبق أن الإجراءات التي تتبعها لجنة التفكيك والاسترداد حتى إصدار قراراتها ودرجتي الطعن التي أتاحها القانون تعتبر ضمانات عادلة للمتهمين ، وتمثل إنسجاما تاما بين مبادئ العدالة التي تقتضي كفالة حق المظلوم في اللجوء إلى القضاء لإنصافه في مواجهة قرارت لجنة التفكيك والاسترداد وفي ذات الوقت تحقق اهداف ومقاصد قانون إزالة تمكين الثلاثين من يونيو التي تجد تعضيدا دوليا في الإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد لسنة 2003 . تطالب هذه الإتفاقية الدول بتطبيق اي تدابير لازمة لمكافحة الفساد وإلى اقصى مدى ممكن ، فنقرأ في نصوصها عبارات الحزم وفتح الباب للدول بإتخاذ أي تدابير والتي من بينها سن التشريعات وتشكيل اللجان وتشديد العقوبات القاسية لمحاربة الفساد وإستئصاله كونه اهم الأسباب لتخلف الدول وأقوى دواعي الإحتراب والإقتتال حتى بين أبناء الوطن الواحد ، فالمعلوم فقها ان النصوص تفسر ضمن السياق الخاص بالغرض من الإتفاقية وموضوعها الإتفاقية ، فكل دول العالم المحترمة تأنف من الفساد وتَسُن القوانين وتشكِّل اللجان الخاصة وتعقد الإتفافيات المتنوعة لإستئصاله ومحاربة مرتكبية بكافة الطرق ، يمثل تشريع قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وازالة التمكين وتشكيل لجنة التفكيك والاسترداد لأغراض محاربة واستئصال فساد النظام المُباد يمثلان – في إعتقادي - الحد الإدنى لحالة سودان ما بعد الثورة التي تسعى لتثبيت اركان دولة حديثة تقوم على مبادئ النزاهة والعدالة والتي لابد لها من الحزم في محاربة الفساد واسترداد المال المنهوب ، فحناجر الثائرون هتفت "سلمية سلمية ضد الحرامية" وأرض السودان تطهرت بدماء الشهداء لأجل الحرية والعدالة ، فضلا عن أن الفطرة والوجدان السليم يُقرّان بأن لا يستمتع المفسدون بالاموال التي نهبوها اينما وجدت ، بل لابد من إتخاذ كافة التدابير لإعادتها الى اصحابها المعوَزين في دولهم.
فيما يتعلق باسترداد الموجودات السودانية المنهوبة والموجودة بالخارج وعلى الرغم من وجود خيارعدم اشتراط الأحكام القضائية النهائية إلا أن استصدار الأحكام القضائية النهائية وفق اشتراطات إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد يبقى هو الخيار الناجع والسليم لتفادي الطعن في طلبات الاسترداد ولتجنب تعريضها للرفض بحجة عدم استنادها الى أحكام قضائية نهائية ، فلابد من تحريك ملفات الفساد ذات الصلة بالاموال المختلسة الموجودة خارج السودان وتقديمها للمحاكم للبت فيها.
ربما يخضع أمر تنازل الدول متلقية طلبات الاسترداد السودانية عن شرط استصدار أحكام قضائية نهائية لعوامل كثيرة مثل متانة العلاقات السياسية والإقتصادية وتأثير التنظيمات الإسلامية الدولية على الدولة متلقية الطلب إضافة الى جديتها وإلتزامها الدولي بمكافحة الفساد وتعاونها مع السودان بحيث تقتنع - او هكذا يجب - ان لشعب السودان الحق العادل في استرداد امواله التي هربها المفسدون الى الخارج ، ما يعني أن القرارات التي تصدرها لجنة التفكيك والاسترداد بشأن الاموال المختلسة الموجودة بالخارج ربما تواجه معضلة قانونية كونها ليست أحكاما قضائية ، فإن كانت ملفات الفساد داخل السودان تحسب بالمئات كما يصرح المسئولون فهذا يحتم على حكومة الثورة تعجيل فتح ملفات الفساد المتعلقة باسترداد الأموال المنهوبة المهربة خارج السودان وذلك بتكوين لجان إضافية مساعدة للجنة التفكيك والاسترداد الحالية وتشكيل محاكم خاصة للفصل القضائي من أجل استصدار أحكام في تلك الإختلاسات وإن لم تكن نهائية حتى يتقدم السودان بطلبات استرداد معززة ومسنودة بالقانون .
بعض الدول لديها قوانين وأدلة استرشادية تنص على الشروط المتعلقة باسترداد الأموال المتأتية من اعمال فاسدة والمهربة اليها ، فماليزيا على سبيل المثال لديها قانون يسمى قانون التنفيذ التبادلي للأحكام لسنة 1959 مشتملا كافة تعديلاته حتى 01 يناير 2006 (RECIPROCAL ENFORCEMENT OF JUDGEMENT ACT 1959) ، وقد نص هذا القانون في الجزء الثاني في المواد 3 و4 و5 على شروط موضوعية وشكلية لتنفيذ الحكم الأجنبي في ماليزيا منها ان يكون الحكم نهائيا قطعيا متعلقا باموال وصادرا عن محكمة مختصة في دولة تبادلية وأن لايكون مخالفا للنظام العام لدولة ماليزيا، وبمطالعة الدول التبادلية في الجدول الملحق بهذا القانون لم نجد اسم السودان ضمن القائمة التي يشملها القانون الماليزي اعلاه المعدل حتى 2006 ، إذ لا يتصور المرء ان يبرم حكام الإنقاذ إتفاقية كهذه تمكن السودان من استرداد الاموال التي نهبوها من اي مكان ، صادقت ماليزيا على إتفاقية الإمم المتحدة لمكافحة الفساد منذ سبتمبر 2008 ، ويحوي قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري في المواد 379 حتى 383 على شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية في قطر وأهم تلك الشروط المعاملة التبادلية بأن يتم تنفيذ الأحكام القطرية في محاكم البلد الأجنبي طالب التنفيذ وأن تكون الأحكام صادرة من محكمة مختصة وحائزة على الحجية وان لا تخالف النظام العام.
على الرغم من أن إتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 تنص في المادة 27 منها على أن : (لا يجوز لطرف في معاهدة ان يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة) ، إلا أن الواقع العملي يؤكد صعوبة إقتناع قضاة كثير من الدول إعلاء شأن نصوص الإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد فوق نصوص قوانينهم المحلية النافذة[ لتلك الدولة ، لذا فإننا ندعو حكومة الثورة الانتقالية في السودان إلى السعي الجاد لتوقيع اتفاقيات ثنائية مع ماليزيا أو قطر أو أي دولة أخرى تشترط المعاملة التبادلية اساسا لاسترداد الاموال المنهوبة ولتبادل المجرمين لسد الذرائع في هذا المجال ولإغلاق الطريق امام الهاربين حتى لا تتوفر لهم ملاذات آمنة يخفون فيها تلك الاموال المنهوبة ، نجد أن لكل من سويسرا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة وروسيا والهند وبعض الدول الاخرى دليل اشترشادي يتضمن الشروط والإجراءت التي يتوجب على الدول الأخرى استيفائها لاسترداد اموالها المنهوبة والمودعة في كل منها ، يوجد في بريطانيا دليل الشركاء الدوليين في الحصول على مساعدة بريطانيا بشأن استرداد الأصول؛
(Obtaining Assistance from the UK in Asset Recovery: A Guide for International Partners)
لدى المملكة العربية السعودية دليل إجراءات المساعدة القانونية واسترداد الموجودات في المملكة ، اما في تركيا ايضا يوجد دليل إجراءات استرداد الأصول (STEP -BY -STEP RECOVERY GUIDE FOR ASSET TRECOVERY)
من حيث المبادرات والتجارب الدولية في هذا الشأن تعتبر مبادرة الأمم المتحدة والبنك الدولي لاسترداد الاموال المسروقة (ستار) (The Stolen Asset Recovery Initiative) هي الرائدة والفاعلة ، إذ باشرت العديد من القضايا استطاعت بسببها بعض الدول استرداد مبالغ كبيرة نهبها رؤساؤها السابقون وهربوها خارجها مثل نيجيريا ومصر والفلبين وكينيا وغيرها من الدول التي كابدت حقبا فاسدة وحكاما سارقين.