شخبطات علي جدار هالك يتكئ علي ناصية التاريخ.. بقلم خليل محمد سليمان

شخبطات علي جدار هالك يتكئ علي ناصية التاريخ.. بقلم خليل محمد سليمان


03-24-2020, 07:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1585075897&rn=0


Post: #1
Title: شخبطات علي جدار هالك يتكئ علي ناصية التاريخ.. بقلم خليل محمد سليمان
Author: خليل محمد سليمان
Date: 03-24-2020, 07:51 PM

07:51 PM March, 24 2020

سودانيز اون لاين
خليل محمد سليمان-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




"كمدخل احكي ليكم قصة حصلت لي حكاها لي واحد"

ايام مصر كنت اسكن ضاحية "كوبري القبة" التي تبعد عن وسط المدينة لثالاث، او اربعة اميال.

زارني صديق، واصبح مُقيم معي، بحكم عاداتنا في الغربة، عندما يقدم احد منّا الي بلد جديد فاول شيئ يفعله البحث عن دفتر المعارف، والصداقات، حتي الممتدة، ليجد من يعينه في إكتشاف العالم الجديد، وجميعنا فعل، ويفعل هذا الامر، وهذه من انبل ما فينا كشعب مترابط لا تفرقنا القبليات، والجهويات، إلا لماماً، عندما نكون آلة طيعة في ايدي النُخب اصحاب الاغراض الدنيئة!!! وسنتعافى بإذن الله.

طعطلت آلة القهوة عندنا " الكنكة" فطلبت من صديقي ان ينزل ليجد محل علي بعد دقيقة مشياً علي الاقدام ليشتري لنا "كنكة" جديدة، وذلك لحرصة الشديد علي شرب القهوة.

غادرني علي امل ان يعود في غضون عشرة دقائق علي اعلى تقدير، لقرب المكان من السكن، وكانت عقارب الساعة تشير إلي التاسعة مساءً.

تأخر صديقي، وتجاوز الساعتين، حاولت الإتصال به، ليرن تلفونه عبثاً من علي المنضدة التي هي بالغرفة المجاورة.

كنت قلقاً لحداثته بالقاهرة، وزاد هذا الشعور لأن الوقت تأخر بعض الشيئ.

اخيراً عاد صديقي، وهو ظافراً " بالكنكة" فسألته عن سبب التأخير فقال لي : " والله ركبت المترو، ومشيت العتبة" .

العتبة عبارة عن سوق شعبي يعرفة السودانيون زوار القاهرة، فسألته عن السعر، فقال : " خمسة وعشرون جنيهاً.

عرفت ان صديقي "إنضحك" عليه بالمصري، وهذا السعر مبالغ فيه.

قلت له لم تجدها في المحل الذي في ناصية الشارع، والقريب مننا؟، قال لي " ياخ المحل دا كله قزاز، ومرايات، و "بترينات" كما ننطقها بالسوداني، قلت ح تكون غالية هنا، عشان كدا مشيت العتبة بتكون ارخص".

في الصباح ونحن في طريقنا إلي المترو دخلنا المحل، فوجدنا سعر نفس " الكنكة" بمبلغ خمسة جنيهات.

نحن شعب فرضت علينا طريقة تربيتنا الممنهجة ان نتهيّب، ونظل اسرى، لهذا التهيُّب حتي في ابسط الاشياء.

بذات الزاوية تم تصميم نُخب، واحزاب، وكيانات سياسية، علي يد المستعمر، ومنهجه، بطريقة" البترينات"، و الديكورات المنمقة بالاضواء، والكهارب، حتي لا نقترب منها، ونهابها، حتي لو بداخلها بضاعة رديئة.

هو الحال، كنت اذكر دائماً للإخوة والرفاق في درب النضال، اننا شعب مبرج دون إرادته، واضرب لهم مثلاً لو ان عبد الرحمن المهدي الآن خرج علي النظام، سيأتي ويقودنا في آخر محطة وصلنا لها، وسنتسابق للتقرب منه، حتي لو جاد لنا بإلتقاط بعض السيلفي، فسيكفينا ذلك، ونكون حامدين، وشاكرين.

المحصلة..

الثقة بالذات، وعلو قدر الإنسان كفرد، يسهم في رفعة المجتمع بشكل فاعل، ومؤثر، لذلك نحتاج الي صياغة الإنسان السوداني، بانه هو صانع النهضة، وقائد الامة، بغض النظر عن " البترينة" او المكان الذي يوضع فيه.

فالذهب مكانه الطبيعي، بين الصخور، وطبقات الطين، وفي ذات الوقت نجد الاحذية في " البترينات" ذات الاضواء، والكهارب، المرتبة، والمنمقة، فهذا لا يعني ان الذهب وضيع، والاحذية اعلى قدراً.

فلابد من ان يثق الإنسان انه معدن كالذهب اينما وجد، وهذا المبدأ هو سر تقدم الامم التي سبقتنا سنين ضوئية، لا لشيئ سوى انهم اعلوا من قيمة الإنسان، فعرف ذاته، وقيمته.

يقيني ان ثورة ديسمبر المجيدة، ستحطم كل" البترينات" وستؤسس لوضع جديد يستحقه الشعب السوداني، مهما تآمروا، او تحالفوا، فالثورة ثورة وعي، وهي مستمرة، لدك حصون الجهل، والتخلف، بإذن الله.

زحمة في زمن الكرونا.

خليل محمد سليمان.