فايروس كورونا ,, الدرس المفيد بقلم جورج ديوب

فايروس كورونا ,, الدرس المفيد بقلم جورج ديوب


03-24-2020, 02:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1585055117&rn=1


Post: #1
Title: فايروس كورونا ,, الدرس المفيد بقلم جورج ديوب
Author: جورج ديوب
Date: 03-24-2020, 02:05 PM
Parent: #0

02:05 PM March, 24 2020

سودانيز اون لاين
جورج ديوب-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر





الواجب يدعونا أن نتناول هذا الموضوع رغم قدراتنا المتواضعة في هذا الشأن , بهدوء وروية للمساهمة في الإقلال من مستوى الهلع والرعب الذي أصاب المواطنين , الذي أخذ يشكل توترا وهاجسا باديا جليا نتيجة الإنتشار السريع لهذا الوباء , والأعداد الكبيرة من الإصابات والوفيات حول العالم , والتهافت المحموم على المحلات التجارية لشراء وتخزين المواد الضرورية وإغلاق مدن كثيرة على نفسها ومنع التجول , وأكثر مازاد من هلع المواطنين هو عدم وجود علاج أو حقن وقائية لهذا الوباء لحد هذه اللحظة , رغم الجهود المبذولة من قبل آلاف مراكز البحث العلمي حول العالم .
أمام صعوبة علاج هذا الوباء أقرت المراكز البحثية والمؤسسات الصحية المتخصصة أن الوقاية هي أفضل علاج لحد الآن , وأولويات الوقاية بسيطة وسهلة جدا مثل الإعتناء بالنظافة وغسل اليدين باستمرار وشرب الماء بصورة مستمرة واعتماد الخضروات والفواكه والحبوب في الوجبات الغذائية , والإقلال من الإختلاط بين الناس إلا في الحالات الضرورية مثل زيارة الطبيب أو التسوق لشراء الحاجيات اللازمة , أما العامل الأهم , هو ممارسة الرياضة اليومية التي تقوي جهاز المناعة المقاوم لفيروس كورونا وغيره من الفيروسات . وإذا كانت الحكومة قد قامت بكل الواجبات المطلوبة منها , بقي على المواطن نفسه مسؤوليات هامة وجدية مطلوب منه الإلتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المسؤولة خاصة الصحية منها بأقصى درجة وعدم الإستهتار بها حرصا على سلامته وسلامة أهله وعائلته وأقاربه وأصدقائه والمجتمع بصورة عامة , إلى أن يتم الخلاص من هذا الوباء وبالسرعة الممكنة .
ليس وباء كورونا هو الوباء الأول الذي يجتاح العالم الآن . فقد انتشرت سابقا أوبئة كثيرة حصدت ملايين الأنفس . فقد أصيب العالم بوباء الطاعون الذي انتشر في أوروبا بين عامي 1347 و 1352 وتسبب في وفاة ثلث سكان القارة , صاحبه تفشي أوبئة في آسيا والشرق الأدنى , ثم كانت الحمى الصفراء التي استوطنت في نحو 50 دولة حول العالم , كذلك الإنفلونزا الإسبانية سنة 1918 , وقد دعيت بهذه التسمية عندما أعلنت إسبانيا عن تفشيها بعدما تجاهلتها الدول المتحاربة أثناء الحرب العالمية الأولى خوفا من تسرب أنبائها إلى الجنود والتأثير السلبي على معنوياتهم القتالية , بعدما أدت إلى وفاة أكثر من خمسين مليونا من المواطنين , تلاها الأيدز الذي ظهر في الكونغو ثم انتشر في كافة أنحاء العالم حيث بلغ عدد المصابين به أكثر من مليوني شخص . رغم كل الأخطار التي قد يسببها فايروس كورونا إلا أنه لن يصل حدود أخطار الأوبئة السابقة , بسبب تقدم العلوم ونجاعة البحوث وسرعة التواصل بين المؤسسات المختصة والقدرة على إيجاد علاج لهذا الوباء . وكذلك مساهمة وسائل الإعلام الحديث ووسائل التواصل الإجتماعي في نشر الوعي والمعلومات التي أقنعت المواطنين بضرورة الإلتزام الحازم بالتعليمات الطبية والحكومية . لكن لا بد أن نسجل أسفنا الشديد من انتشار الخرافات والشعوذات على وسائط التواصل الإجتماعي , بعضها إجتهادات شخصية لا تمت إلى العلم بصلة ولا تعدو أكثر من ( فزلكة ) أو ثرثرة مفادها استخدام بعض الأعشاب أو الحبوب والبذور إما للحماية من العدوى أو للشفاء من المرض . أما الحالة الأخطر من ذلك هي خوض غمار هذه المعارف من قبل رجال ادعوا تمكنهم من الإلمام الصحيح بالكتب المقدسة وتفسيرها لتأتي أراؤهم بلبوس مقدس لا يدخله الباطل , مثل استعمال الماء المصلى عليه , أوأكل التراب من مقابر الأولياء والصالحين , وكثير غيره لن أتعرض إليه لكثرة غبائه وجاهليته , لكنني أحذر من اللجوء إلى مثل هذه الشعوذات التي قد تؤدي إلى أضرار غير معروفة النتائج في حال تناولها .
رغم كل الضرر الذي سببته كورونا للبشرية , إلا أن كثيرا من الحسنات قد أدته دون أن ننتبه إلى ذلك لأن أخطارها طغت على تفكيرنا . لقد علمتنا كورونا آداب النظافة بصورة علمية صحيحة , وتناول الطعام الصحي وشرب المياه بصورة مستمرة والمداومة على ممارسة التمارين الرياضية , كما أنها ألغت الحدود الفاصلة بين الشعوب , ليصبح العالم كقرية صغيرة يجتمع أهلها على السراء والضراء والتعاون والتعاضد والإقتناع بأهمية العيش المشترك بين الجميع من أجل محاربة القاتل الوافد إلينا .
كورونا برهنت أن الشعوب بحاجة إلى التكاتف والتعاون , وإلى إلغاء الحدود التي تباعد بين الناس ورفض النزاعات والحروب وأصحاب حاملي نظريات التفوق العرقي والتفضيل الديني , والذين يسعون إلى استعمار الشعوب واستغلالها ونهب خيراتها وإحلال الباطل محل الحق والعدل .
فهل سيكون كورونا عاملا لتشكل عالم جديد مختلف عن العالم الذي عرفناه ؟ نأمل ذلك .