من محاسـن ثــورة ديسمبــــر المجيـــــــدة

من محاسـن ثــورة ديسمبــــر المجيـــــــدة


03-09-2020, 06:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1583733161&rn=0


Post: #1
Title: من محاسـن ثــورة ديسمبــــر المجيـــــــدة
Author: طه داوود
Date: 03-09-2020, 06:52 AM

06:52 AM March, 09 2020

سودانيز اون لاين
طه داوود-
مكتبتى
رابط مختصر



من محاسن ثورة ديسمبر المجيـدة

بقلم / طـه داوود
samoibal@yahoo. com

ضجّت وسائل الإعلام ووسائط التواصل المختلفة بردود فعل وتعليقات متباينة على المؤتمر الصحفي الأخير (5/3/2020م) لوزير المالية الدكتور ابراهيم البدوى في منبر وكالة السودان للأنباء. فبِجانب التعليقات على مضمون المؤتمر، كان هناك انتقاد للصخب ورفع الصوت والهجوم غير المسبوق مِن بعض الصحفيين على معالي الوزير، حيث شاهد الجميع مقاطع الفيديو التي وثّقت لأحداث هذا المؤتمر الصحفي.

في اعتقادي أن ما دار في المؤتمر الصحفي من شد وجذب يجسِّد إحدى إيجابيات ثورة ديسمبر المجيدة ممثلةً في حرية الرأي والتعبير دون خوف أو وجل.

في عهود القمع والاستبداد، لا يسمح إلا لأصحاب الأقلام المعطوبة والضمائر الخربة بتغطية المؤتمرات الصحفية والزيارات الميدانية وحفلات التدشين، حتى تكون التقارير الصحفية والمقاطع المصورة واللقاءات الميدانية مبرّأة من كل ما يعكِّر مزاج قادة النظام وأجهزته الأمنية، فلا بدّ من موافقات أمنية مسبقة لِمن يسمح لهم بالتغطية، وحتى الأسئلة والأجوبة غالباً ما يتم الإتفاق عليها مسبقاً، وكذلك الصور والمقاطع التي يسمح بنشرها، فلا بدّ من حصولها على رضا المسئول وأجهزته الأمنية!

نعم، نجحت ثورتنا الشعبية في كنس كل تلك العاهات والعقبات ومنحتْ الجميع، موالين ومعارضين، الحق المطلق في إبداء الرأي من خلال كافة وسائط الإعلام المقروء والمسموع والمشاهَد. كما ينبغي التنويه في هذا المقام إلى أن التطور التقني الهائل في وسائل التواصل خلال السنوات القليلة الماضية، لعب دوراً كبيراً في كسر الحواجز وتمليك الحقائق للجمهور رغم أنف الأنظمة القمعية.

فهذا الصحفي الذي هاجم وزير المالية على الهواء في المؤتمر الصحفي المذكور، فعل ذلك وهو في غاية الاطمئنان بعدم ملاحقته بعد خروجه من القاعة، وأنه سيصل إلى بيته وأسرته آمناً مطمئناً ويتناول عشاءه وينام، فلا "زوار فجر" ولا "بيوت أشباح". فقد ولّى إلى غير رجعة عهد اعتقال الصحفيين الشرفاء وضربهم أمام الملأ ومصادرة صحفهم بعد الطبع إمعاناً في الأذى والخسائر المادية. أغلقت ثورة ديسمبر المجيدة مكاتب جهاز الأمن داخل مباني الصحف، حيث كان محتوى الصحف لا يذهب إلى المطابع إلا بعد المرور على الرقيب الأمنى للحصول على الإذن بالنشر!
أعتقد أن هذه المساحة من الحرية، هي من أكبر إنجازات ثورتنا المجيدة التي ينبغي على الجميع التمسك بها وهي لبِنة أساسية من لبِنات الديمقراطية والحكم الرشيد الذي تنشده الجماهير، مع التزام الجميع بمراعاة النظُم والآداب العامة المتفق عليها. فالحرية لا تعني الفوضى، ولذلك نجد أن أعتى الديمقراطيات الغربية في أوربا وأمريكا الشمالية وضعت في دساتيرها قيوداً على الحريات الفردية، فلا يسمح مثلاً بازدراء الأديان أو احتقار الآخر بسبب اختلاف اللون أو العرق أو المذهب.

لا ينبغي أن ننزعج مما تعرّض له وزير المالية مِن هجوم وإساءة خلال المؤتمر الصحفي، وقد يتعرّض لمثل ذلك كل من تصدّى للعمل العام. فلا أحد معصوم من النقد البنّاء والمساءلة الهادفة إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل في هذا العهـد الجديد، عهد ثورة ديسمبر، ثورة الحرية والسلام والعدالة.

في المناخ الديمقراطي تسود الشفافية والمكاشفة والمحاسبة، فالممارسة الديمقراطية تصقل العمل السياسي وتجعل قادة العمل العام أحرص على القانون والنظام والنزاهة. انتهي عهد الغتغتة والدغمسة، وانقضى زمن الصفقات المشبوهة التي كانت تُبرَم في ظلام الليل من قبل أصحاب الذمم الخربة والقلوب العمياء (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

الحرية قيمة إنسانية عظيمة ناضلت من أجلها الشعوب في مختلف الحقب التاريخية، وهي قبل ذلك وبعده، قيمة إسلامية عظيمة. ومن الأمثلة في هذا الشأن، المقولة الشهيرة للخليفة عمر بن الخطاب وهو يخاطب عمرو بن العاص: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ وهي القصة المشهورة التي أوردتها كتب التاريخ الإسلامي وفيها: أن عمرو بن العاص رضى الله عنه، عندما كان واليًّا على مصر فى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، اشترك ابنٌ لعمرو بن العاص مع غلام من الأقباط فى سباق للخيول، فضرب ابن الأمير الغلامَ القبطى اعتمادًا على سلطان أبيه، وأنّ الآخر لا يمكنه الانتقام منه؛ فقام والد الغلام القبطى المضروب بالسفر بصحبة ابنه إلى المدينة المنورة، فلما أتى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه، بَيَّن له ما وقع، فكتب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص أن يحضر إلى المدينة المنورة صحبة ابنه، فلما حضر الجميع عند أمير المؤمنين عمر، ناول عمر الغلام القبطى سوطًا وأمره أن يقتص لنفسه من ابن عمرو بن العاص، فضربه حتى رأى أنه قد استوفى حقه وشفا ما فى نفسه. ثم قال له أمير المؤمنين: لو ضربت عمرو بن العاص ما منعتك؛ لأن الغلام إنما ضربك لسطان أبيه، ثم التفت إلى عمرو بن العاص قائلاً: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟

بلادنا تواجه تحديات كبيرة، منها:-

*مشروع السلام في المناطق الملتهبة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة،، الخ.
*تحديات التنمية المتوازنة ما بين الريف والحضر أو ما بين الهامش والمركز.
*نظام الحكم لِما بعد الفترة الانقالية، وما يسبق ذلك كله من مؤتمر دستوري ومؤتمر اقتصادي،، الخ.

نستطيع أن نواجه كل هذه التحديات بثبات وبرؤية شمولية تقودنا إلى حلول ناجعة طالَما سعينا جميعاً إلى تعزيز قيم الحرية والديمقراطية. الحرية التي تزيل الغشاوة والخوف من الآخر مهما علا شأنه وصولجانه، فالجميع سواسية أمام القانون.

التحية،،

في: 08/03/2020م