حكومة الثوار تقمع الثوار,, بقلم إسماعيل عبد الله

حكومة الثوار تقمع الثوار,, بقلم إسماعيل عبد الله


02-23-2020, 03:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1582467348&rn=0


Post: #1
Title: حكومة الثوار تقمع الثوار,, بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 02-23-2020, 03:15 PM

02:15 PM February, 23 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




ما حدث يوم الخميس يوم مليونية الوقوف والتضامن مع ضباط القوات المسلحة الشرفاء الذين قالوا لا في وجه الدكتاتور, قبل أن تجتمع لجنته الأمنية لتقرر حول الانحياز للشارع من عدمه, يعتبر انتكاسة كبيرة لحكومة الثورة و بادرة غير شريفة من الشرطة السودانية التي من المفترض ان تكون ثورية مادامت ترفل تحت نعيم حكومة الثورة, لكن وبحسب مؤشر الرأي العام السوداني هنالك تململ كبير و تبرم من جماهير الشعوب السودانية نسبة لتراخي حكومتهم الثورية التي أئتمنوها على دماء الشهداء, فبدأ الناس يعيدون حساباتهم بخصوص هذه الحكومة التي منحوها شيكاً على بياض, عندما رأوا بأم أعينهم الفاسد الأكبر و المتاجر الأشهر بحقوق وأرواح المرضى وزير الصحة الأسبق مامون حميدة يسير بخيلاء غير مصفد بالأغلال.
منذ اليوم الأول لاقتلاع الدكتاتور وحتى هذه اللحظات لم يحدث التقدم المستحق الذي يمكن أن يشفع لحمدوك والبرهان أمام الثوار, فلجنة أديب للتحقيق في مجزرة القيادة العامة مازالت ترواح مكانها, و محاكمات القتلة و الفاسدين للنظام البائد تمخضت فولدت فأراً, ومحكمة الثورة بدلاً من أن تصدر الحكم الذي يليق بمهندس و راعي جرائم الابادة الجماعية و رفاقه, قامت بايداعه دار الحضانة والرعاية الاجتماعية بحجج واهية لا تمت الى قدسية العدالة بشيء, حتى أومأت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية (فاتو بنسودا) بعصاها قبل أيام قلائل, فماجت وهاجت الحكومة الانتقالية بشقيها المدني و العسكري ما بين مؤيد ومعارض لمثول المطلوبين للعدالة.
لقد أخذ الرأي القائل بأن المدنيين من رعاة الثورة الديسمبرية المجيدة قد رهنوها لتسوية سياسية مع عسكر المجلس السيادي, تماماً مثل المشروع الانبطاحي الذي كان قادة الهبوط الناعم قد اتخذوه طريقاً لحل الأزمة الوطنية مع النظام البائد, لقد أخذ هذا الرأي في التوسع و الانتشار و القبول العام وسط جماهير و تجمعات السودانيين, خاصةً بعد العنف و الرجم الذي تعرض له ثوار مليونية مناصرة الضباط الشرفاء, وهذا التطور الثوري الخطير وضع كل من مجلس الوزراء و المجلس السيادي وتجمع المهنيين و تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير في (فتيل), إذ أن الهاجس الذي ظل مسيطراً على عقول الشباب والذي كان يخالج انفسهم بين الفينة والأخرى وباستمرار, والذي ظل يهمس في آذانهم بأن هنالك صفقة ما قد تمت بين من وثقوا فيهم و اوكلوهم أمرهم و بين العسكر قد بات في حكم المؤكد, بعد ان غدرت بهم شرطتهم التي ظنوها قد تحللت من رجس الدولة الكيزانية العميقة.
على كل من حمدوك وحميدتي والبرهان أن يتفقوا على برنامج وطني موحّد ويتوافقوا فيما بينهم, و أن ينزعوا عن أنفسهم سلوك الزوجة الضرة التي تكيد لضرتها و تعمل على تخريب برنامج رب الأسرة ولا تكترث لعواقب سلوكها الناشز الذي تحركه الغيرة, فجميع السيناريوهات التي جرت خلال الأسابيع الماضية تدل دلالة قوية على عدم الاتساق أوالاتفاق بين المكونين العسكري والمدني, لقد كذب الأثنان (المدنيون و العسكريون) على الناس عندما كان يعرض عليهم السؤال التشكيكي من قبل الاعلاميين (هل هنالك انسجام واتفاق بينكما؟), فكانت الاجابة تأتينا من كلا الطرفين بالتأكيد على وجود هذا التفاهم, الأمر الذي تم كشفه وفضحه باعتراض موكب المليونية قبل ثلاثة أيام.
ثورة ديسمبر مهرها ثمين ويتمثل في الإجماع الكبير الذي حققته قوى الشعوب السودانية بكل أطيافها الاجتماعية و الجهوية, وليس من السهل أن تتم ممارسة الاستهبال السياسي على صناع هذا المجد الثوري أو تقديم الرشاوى لحراسه الأمينين, فثورة بهذا الحجم و ذلك الزخم الوطني والانساني العظيم لن تهزم ابداً, و ستمضي لتحقيق غاياتها النبيلة والمنشودة, ومن انجازات هذه العاصفة الثورية العاتية نزع الخوف و الرهاب السلطاني من قلوب شباب الصبّة, فقد أصبحت الشرعية الثورية بيد الشعب السوداني حتى يوم الخميس المليويني, وعلى الثوار أن يقبضوا على جمر قضيتهم العادلة و أن لا يحيدوا عن الطريق السلمي الذي أذهلوا به العالم.

إسماعيل عبد الله
[email protected]