الخريف اللين من شواقيرو بيًن... لم تسقط بعد: بقلم الصادق حمدين

الخريف اللين من شواقيرو بيًن... لم تسقط بعد: بقلم الصادق حمدين


02-21-2020, 02:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1582291234&rn=0


Post: #1
Title: الخريف اللين من شواقيرو بيًن... لم تسقط بعد: بقلم الصادق حمدين
Author: الصادق حمدين
Date: 02-21-2020, 02:20 PM

01:20 PM February, 21 2020

سودانيز اون لاين
الصادق حمدين-UK
مكتبتى
رابط مختصر




قال الشاعر العباسي، صالح بن عبد القدوس البصري ، الذي اشتهر بحكمه ومواعظه : (وإن عناء أن تُعلم جاهلا.... فيحسب جهلا أنه منك أعلم .... متى يبلغ البنيان يوما تمامه.... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم).....
نعم سقط هبل، ولكن سدنته لا يزالون يعبدون ركام حطامه، ليس المعنيين بهذا المقال هنا خفافيش الظلام من فلول النظام البائد أو مناصري ما يسمى بالدولة العميقة مجازا في الوصف وتجاوزا في التعبير، أولئك الذين يعبثون بقوت الشعب، وحاجياته الضرورية بغل استعصى على المفسرين تفسيره، واستغلق على العالمين ببواطن الأمور فك طلاسمه من وجهة نظر تنتمي إلى عالم الإنس، بل أعني بالسدنة حرفيا مجلس المخلوع عمر البشير الأمني، الذي يقول كذبا وإفكا ورياءً أنه يناصر الثورة، ويقف في صفها ويدافع عنها، ليؤكد للشعب السوداني أفعاله كل صباح يوم مقبل، ومساء يوم مدبر بما هو عليه من تآمر وحقد على ثورة هذا الشعب العظيم، الذي ضحى أبناؤه بالدم والروح، من أجل فجر الانعتاق والحرية والكرامة الإنسانية التي افتقدوها لأكثر من ثلاثة عقود عجاف.
صحيح، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، بأن مجلس المخلوع الأمني قد سمع في لحظة زمنية ما صوت الشارع وقوة إرادته ومضاء عزيمته في إسقاط نظامهم الذين هم حراسه الأمنيين، وإزالة ولي نعمتهم الذي صنعهم وجعل منهم جنرالاته المخلصين، عندها أدرك السدنة بما لا يدع مجالا لظلال أي شك بأن الثورة ماضية إلى غاياتها مهما كانت التضحيات، فانحاز إلى اللحظة الثورية، ليس اقتناعا بها وبشعاراتها كما يؤكد ذلك واقع الحال وصدق المآل، بل في انتهازية مقيتة، للمحافظة على بنية النظام بطلاء جديد يخفي عيوب هيكله المتصدع القديم، لهزيمة مشروع السودان الجديد الذي شكلته ملامح شعارات ثورة ديسمبر المجيدة .. حرية..سلام.. وعدالة.. والثورة خيار الشعب.
إن مجلس البشير الأمني، وسدنة وحراس ما يسمى بقيم وثوابت السودان القديم، ليسوا في حاجة إلى انقلاب عسكري بالمعنى التقليدي للكلمة، ذلك الانقلاب الذي يتمثل في تحريك الدبابات، وإذاعة البيانات، وتسيير المارشات العسكرية، وتعطيل الوثيقة الدستورية وإعلان الأحكام العرفية في سائر البلاد، بل أن الانقلاب الناعم قد تم بالفعل منذ أن تآمر المجلس العسكري بليل داج لم يعقبه صباح مشرق، وأصدر أوامره بفض الاعتصام، وذلك بقتل وسحل أبناء الشعب السوداني تحت سمع وبصر العالم، وبالتالي وأد مشروع السودان الجديد في مهده، ذلك المشروع الذي جسده أبناء السودان في ساحة الاعتصام فنا وغناءً ووحدة مشروع، ومصير مشترك وهدف إنساني نبيل.
لقد سمعنا وقرأنا أكثر من تصريح بان المكون العسكري والمدني يعملون في تناغم واتفاق تامين، وهذا الكلام صحيح نظريا، لأن المكون العسكري لا يجرؤ على خرق الوثيقة الدستورية التي تلزمه بتحقيق أهداف الثورة مرغما، ولكن هل يصمد هذا التناغم عند تنفيذ أي قرار صادر من الحكومة المدنية؟، الاجابة قطعا بالنفي والشواهد والمؤشرات تعتبر تزيدا ولازم فائدة إذا ما اوردناها هنا مثالا أو حصرا لأنها معلومة لجميع المتابعين بالضرورة.
يعلم مجلس البشير الأمني جيدا، أن المواثيق والدساتير والقوانين لا تعني شيئا إذا لم تكن هناك قوة تحرسها وتسهر على سلامة تنفيذها، لهذا السبب يعمل جاهدا بواسطة أذرعه الأمنية والإعلامية على تجريد المكون المدني من قوته، وهي الشارع الذي فوض الأخير لتنفيذ شعارات الثورة وتصفية النظام البائد لبناء دولة المساواة والحرية، والمثال الحي لذلك هو العنف المفرط الذي قوبل به الثوار في مسيرتهم السلمية يوم أمس، وقبله من مسيرات، وذلك لردعهم وتخويفهم كي يستكينوا ويقبلوا صاغرين بسرقة ثورتهم أمام أعينهم نهارا جهارا.
نعم لم تسقط بعد..... كيف يتسنى لنا نقول سقطت، واسحق أحمد فضل الله، والطيب مصطفى ومن هم على شاكلتهم أحرار طلقاء يبثون سمومهم ويحملون معاول هدمهم علنا لتدمير ما بناه الشعب من تغيير وثورة؟، كيف نقول سقطت وأئمة الكذب والضلال يكفرون النشطاء السياسيين والذين يخالفونهم الرأي علنا وعلى رؤوس الأشهاد؟، الا يدرك القائمون على أمر إنفاذ القانون بأن من بين المدانين في حروب رواندا الأهلية هم الإعلاميين، ورجال الدين المسيحيين الذين حرضوا وشاركوا بالكلمة لقتل من يختلفون معهم، ألا تكفي صحيفة سوابق الكاذب اسحق أحمد فضل الله المثقلة بمفردات التحريض وكراهية الآخر أن تضعه وراء القضبان؟. ألا تكفي ذابح الثور الأسود وكاره ذاته وحامل (بقج) لواء العنصرية الطيب مصطفى مقالة يتيمة كتبها لتحريض خاله لقتل السودانيين في دارفور أن تودي به إلى المقصلة؟.
خلاصة القول، يقول أهلنا، (الجيعان فورة البرمة قاسية عليه)، ومع تسليمنا التام بعظم وهول المسئولية وثقل التركة وتعقيداتها الهائلة التي تواجه الحكومة الانتقالية، فلابد من التعامل الصارم مع من يتلاعبون بقوت الشعب ويحرمونه من رغيف الخبز الحاف، فبدلا من التفكير في سن قوانين (تنظم)... التظاهر!!... شرعوا قوانين رادعة بحق كل من يتلاعب بالدقيق والخبز والبنزين والجاز والدواء، وإذا اعترضكم عارض ردوا الأمر إلى الشعب، فهو مصدر قوتكم وقادر على حمايتكم وحماية قراراتكم. ومع ذلك ما زال السؤال قائما.... متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم.
الصادق حمدين