أوراق من دفتر الغربة:‏

أوراق من دفتر الغربة:‏


09-17-2019, 08:19 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=500&msg=1568704761&rn=0


Post: #1
Title: أوراق من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-17-2019, 08:19 AM

08:19 AM September, 17 2019 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});أوراق من دفتر الغربة:‏هي ليست قصة و لكنها مقتطفات، من ذكريات مغتربين.. ‏يسجلون فيها و يستعيدون ذكرى أياما و سنين قضوها في الغربةيكونون فيها في أغلب الأوقات....غرباء،و وحيدين،يأكلهم الحنين للوطن ..>........................و ‏ربما لأعزاء فقدوهم و هم بعيدين أو لأحباب يعدون الساعات في انتظار لقائهم ‏و البحث عن الدف لحظات في أحضانهم.‏‏**********************************‏

Post: #2
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-17-2019, 08:34 AM
Parent: #1

‏(.......قبل دقيقة اتصل مندوب الشركة لكي يخبرني بأن سيأتي خلال ‏نصف ساعة ‏لأخذي بسيارة الشركة إلى المطار.‏
أخيراً سأطوي صفحة من حياتي..لا أعرف كيف أصفها بل لا أود أن ‏استرجع أيامها و ساعتها و لحظاتها..‏
إنني فقط أود أن أهرب منها على الأقل في الوقت الحالي.‏
بعد دقائق دخلت علي(سوزي)..زميلتي في العمل.‏‎
وقفت برهة ..حائرة..كأنها تودّ أن تقول شيئاً..‏
تلاقت نظراتنا...و هي تمد إليّ في بطء مظروفاً أبيض..‏
‏ - هذا مبلغ بسيط مننا جميعا..من زميلاتك في السكن...‏
اسرعت الدموع في النزول قبل أن أمد يدي لاستلم المظروف...‏
ارتفع نحيبي لحظتها لا أدري هل لمرارة الفراق أم لصدق المشاعر ‏
من زميلات عزيزات تزاملنا فيها في ظروف تراوحت بين المعاناة و ‏حلاوة الزمالة و ضغط العمل و قسوة الإدارة.‏
مرت دقائق و أنا منحنية احاول كفكفة دموعي.إلى أن انتبهت لأشكرها.. ‏

وقفنا بعدها لنودع بعضينا.. ليس وداع كل يوم عند انتهاء وردية العمل، بل ‏الوداع الأخير.‏
سبق حضنها عيناها الذات تتلألأ في طرفيهما ‏الدموع و هي تحتضنني..‏
ثم تمد يدها بالوداع ..‏
....

Post: #3
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-17-2019, 09:03 AM
Parent: #2

‏ دمعت عيناي دون أن أدري و أنا أفتح المظروف.. عشرة ورقات ‏من فئة ‏المائة دولار داخل المظروف. قشعريرة من دهشة و دفء و أنا أنظر في ‏عِرفان للأوراق الملتصقة .. لحظات شكرت فيها الله و ‏شعرت بالامتنان ‏لزميلات جمعتنا ظروف الغربةمن شتى بقاع الدنيا، دون ترتيب و لا ‏أظن أن ‏الظروف قد تجمعنا مرة أخرى‎. ‎
هدية من السماء بالطبع لم أكن اتوقعها منهن.لأني أعرف ظروفهن. ‏فجميعهن ‏يقاسين الراتب الضعيف و غلاء المعيشة في هذه البلاد.‏
إحساس بالفرحة الغامرة يجتاحني و أنا احاول أن اراجع ما ساشتريه بهذا ‏المبلغ المفاجيء.‏‎
كان عدم شراء الآيباد ‏لأختي الصغرى وجع لا يدانيه وجع‎ .
كذلك استطيع شراء عِمّة لخالي الوحيد الذي توفيت زوجته و أنا في الغربة. ‏
هل سيتبقى شيء لأشتري لجدتي هدية؟ لا أدري.‏‎
الآن أشعر و أنا أعود إليهم بأنني ‏سأقدم لهم شيئاً،و لو بسيط. ‏
لك الحمد يا ربي ...............و الشكر لكنّ أنتنّ يا صديقاتي الحبيات

Post: #4
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-17-2019, 09:52 AM
Parent: #3

‏***********************************************‏‎
بعد حوالي نصف الساعة تقريباً جاء (رام) السائق النيبالي..و هو شاب ‏سمهري القوام،جاد الملامح،لكنه ‏خفيف الظل.شككنا فيه في الأول الأمر ‏اعتقادا بأنه ينقل المعلومات للمدير و يتجسس على الموظفات..
و لكن ‏اكتشفنا خطلنا، و أن الأمر كانمجرد سوء الظن..
و حاولنا من بعد ذلك أن نعوّض ذلك فيما بعد ‏الهدايا البسيطة و المبالغ النقدية الصغيرة التي كنا ننفحها له أحياناً.. فزاد ‏ذلك من مودته لنا.‏‎
كان رام مكلفاً بتوصيلنا في المشوار اليومي من السكن لكي ‏يوزعنا على ‏مراكز عملنا المختلفة. ‏
رأيت أن الفرصة مواتية لكي أذهب لشراء بعض الهدايا.. و بعض الأشياء ‏التي أصبح من الممكن ‏شراؤها لها بعد استلامي لتلك الهدية القيمة التي ‏جاءت في الوقت ‏المناسب.
‏ فطلبت من رام أن نذهب إلى مول ‏كارفور.
ستكون ‏الزيارة للمول للمرة الأخيرة بالطبع..‏
تجولت في المول بسرعة..
كنت أود أن أتمهل بعض الشيء..و لكن للأسف ‏الوقت لا يسعني.‏‎
‏********************************‏‎

Post: #5
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-17-2019, 09:14 PM
Parent: #4

مرة أخرى

Post: #6
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-18-2019, 05:13 AM
Parent: #5

هذه القصة هي محاولة لرسم ملمح يسير من معاناة ‏المغتربين خاصة المرأة...المرأة حينما تكون وحيدة و ‏غريبة و فوق ذلك تتعرض للظلم في بلد جاءته ‏مضطرة مُفارِقة الوطن و الأحباب. ‏القصة خيالية في كثير من جوانبها..و لكنه ليس ذلك ‏الخيال الذي يبتعد كثيرا عن الواقع .. ‏فهو خيال و واقع بقصة واقعية لفتاة سودانية في إحدى ‏بلدن الخليج.كنت قد شهدت بعض مكابداتها في الغربة..................... ‏و التي جاءتها هروباً من المكان الذي شهد وفاة والدتها ‏التي كانت ابنتها الأثيرة..‏

ساواصل

Post: #7
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: عوض جاه الرسول
Date: 09-18-2019, 06:04 AM
Parent: #6

متابعة لصيقه
استاذ/ محمد عبدالله

Post: #8
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-18-2019, 08:24 AM
Parent: #7

شكراً الأخ عوض للمتابعة..
تسلم
**************************************************
رافقني رام داخل المول متحملاً تلكؤي.. و تجول معي دون أن يكل. ‏
بعد قليل فرأيته يتمهل أمام إحدى واجهات العرض يبدو أنه اصابته ‏عدوى التلكؤ. و لما رآني أبطيء من سيري لكي انتظره قال لي:‏‎
‏- خدي راحتك يا .....‏
واصلت سيري و دخلت إحدى المحال.‏‎
لحق بي خمسة دقائق و كنت قد أكملت شراء احتياجاتي.‏

‏- سنذكرك كثيرا ...ستتركي فراغا كبيراً ..‏
‏- شكراً
‏- خاصة مقعدك في العربة سيكون فارغاً قالها ثم ابتسم.‏
ضحكنا سوياً
‏- سيكون فارغاً ..لن أترك شخصاً يجلس مكانك فيه لمدة اسبوع.‏

اندهشت و فاجأتني كلماته.. معقول كل هذه المشاعر الودية تفاجأني ‏و أنا التي لم أكن ألقي لها بالاً من قبل؟ .‏
شكرته كثيراً . ‏‎
كان ً دائماً جاداً خاصة عندما يقوم بترحيلنا. و كان حريصاً على دقة ‏المواعيد ‏حتى لا يتعرض للمساءلة. فكنا نجد منه أحيان بع التأفف و الغِلظة.‏‎.
إلا أنه خارج ساعات العمل كان متعاوناً جداً إلا إذا كان مشغولاً.. فكنا نوصيه ‏بأن يشتري لنا بعض الأغراض التي نحتاج إليها و ‏لا نستطيع ‏‎
الخروج لشرائها لنا فكان ‏يقوم بذلك بعد انتهاء عمله في المساء و يحضرها لنا ‏صباح اليوم التالي ‏.‏

Post: #9
Title: Re: مقتطفات هاربة من دفتر الغربة:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-19-2019, 05:58 AM
Parent: #8

بدأ المطار يلوح لنا من بعيد...كما يلوح لي سراب الوطن منذ ‏شهور....فهل يا ترى سأعود إليه لأحضنه من جديد؟
معقولة خمسة ساعات فقط تفصلني عن الوطن و الأعزاء؟
هناك أشياء أخرى و ليس الزمن فقط هو الذي يقف بيني و بين ‏الوطن و الأحباب. ‏
وصلنا مبنى المطار. تذكرت حين وصلته لأول مرة.. كانت ‏لدي رغبة عارمة لكي أتجول في ارجائه..و لكني الآن أود أن ‏أُكمِل إجراءتي فقط بأسرع ما يمكن.‏
‏ ساعدني رام في إنزال العفش. كان يتابعني و أنا أقوم بإكمال ‏الإجراءات..‏
عدة دقائق بطيئات مرّت ثم أكملت ‏الإجراءات . ‏‎
و جاءت لحظة وداع رام. لن تكون بالطبع كمثل وداع زميلاتي ‏لعدم وجود مساحة بيني و بينه من التداخل و لا لتبادل المشاعر ‏و لا حتى للتعبير عن الضيق و الزفرات التي كثيرا ما كنا ‏ندلقها بيننا نحن الفتيات.‏‎
‏ودعني رام بحرارة و أبدى لي من مشاعر الحزن أكثر مما ‏توقعت أكثر مما توقعت متمنياً لي التوفيق. ثم سلمني كيساً ‏صغيراً.‏‎
‏- اتفضلي
‏-؟؟؟
‏-..... ‏هدية بسيطة.‏‏.....قالها مبتسماً ..‏
ثم أردف و كأنه يعتذر:‏‎
‏- ... ليست غالية ..ولكن للذكرى حتى لا تنسينا‎
ثم ودعني بحرارة و صدق بدت في تعابير وجهه لحظات حاول ‏تجاوزها باستدارة سريعة لا تخذله مشاعره. ‏