نجم الدين محمد نصر الدين: أجهزة الإتصال الجماهيري "حاكورة إنقاذية"

نجم الدين محمد نصر الدين: أجهزة الإتصال الجماهيري "حاكورة إنقاذية"


05-09-2006, 05:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1147191966&rn=0


Post: #1
Title: نجم الدين محمد نصر الدين: أجهزة الإتصال الجماهيري "حاكورة إنقاذية"
Author: مكي النور
Date: 05-09-2006, 05:26 PM

أجهزة الإتصال الجماهيري "حاكورة إنقاذية"
نجم الدين محمد نصر الدين
قديماً قال صناجة العرب ابو الطيب المتنبي إنه إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وهكذا الإنقاذ ، بفعلها القيام بالإنقلاب في أواخر شهر يونيو من العام 1989 م إذ تحركت دبابات منسوبيها المتسترين ، لتسد المنافذ وتستولى فيما تستولى على الإذاعة السودانية بشكل أكبر وأساسي لشيوع سماعها في ربوع الوطن كله لتبث البيان رقم «1» والمارشات العسكرية ، والتلفزيون ولو بدرجة أقل ومنافذ الكباري والقيادة وغيرها ...ومع كر الايام وتبدل الاحوال تخلت عن كل تلك الثغور تباعاً بتكاثف الضغوط وكجزء من المصانعة التي ظلت تمارسها ولا تزال ، إلا تينيك القابعتين امام الاذاعة والتلفزيون .
ما فتئا الطريق الخلفي المفضي إليهما غرباً مغلقاً أمام حركة المرور من غروب الشمس إلى مابعد دلوك الغسق .. الوقت الذي تتم فيه الإنقلابات عادةً وبـا ستصحاب هذا الفهم تعاملت الإنقاذ مع هذين الجهازين ومنذ إندلاعها ... إدراكاً للخطورة المترتبة على غسل الأدمغة خصوصاً في تغييب الناس وتركيز فكرة الطبيعة الجهادية لما كان يجري في الجنوب قبل نيفاشا ، والمعارك التي دارت رحاها لزمن تجاوز العقد ونيف من عمر الإنقاذ بإسم الدين وتحت راياته ، خصوصا في النجوع والبوادي والدساكر والبقاع النائية في هذا البلد القارة ، حيث لا يجد الناس لهم غير الإستماع لهذه الإذاعة من وسائل الترفيه وملامسة أخبار الخرطوم والوقوف على مايجري في كل الدنيا وبالأخص في وطنهم فليس لهم غيرها من معين ، ولقد استعانت في هذا بمنظمات نافذة وقادرة غنية الموارد عامرتها ، كانت لها خير معين فنياً ومادياً وإستمرت بعدها في التحكم والسيطرة على جهاز التلفاز أيضاً وأغدقت المال كله وسخرت من الإمكانات الكثير ، ووظفت الدعم اللوجيستي والتقني المقدم لها في هذا الشأن توظيفاً كبيراً .. مستفيدة أيضاً من إنعدام غيره من وسائل إيصال لمثل هذه المواد أو سواها مما يمكن للناس اللجوء إليه فراراً منه عند عدم استطابتهم لبرامجه ، فأصبح خياراً وحيداً وحتمياً وكان ولفترة طويلة هو لسان الحال والمعبر عن المشروع الحضاري .. كان ذلك وكانت ساحات الفداء ومثيلاتها من برامج تلك هى التي غرست الفرقة وعززت الشتات وباعدت بين أهل الوطن الواحد ..
وأزكت نار الحرب وأشعلت أوارها ، وكان الإعلام خصوصاً في أول امر الإنقلاب تعبيراً آحادياً واحداً عن توجهات الإنقاذ في تقلباتها الكثيرة ، وكان الوعاء الحامل للتجريب الذي ظلت أدواته تعمل فينا من وقتها . ولقد إبتدرت بالتحكم بمصادرة الصحف وإيقافها ، وقصر ذلك على صحيفة وأختها تحملان المضامين ذاتها والعناوين نفسها ، وكان المنع للمطبوعات الأخرى القادمة حتى من الدول العربية هو ما تجابه به المجلات والصحف والدوريات العابرة إلينا من الأنحاء الأخرى في الكرة الأرضية ، حتى العادي والمدجن والأليف منها كان يطاله المنع عينه بلا إستثناء أوإستثناءات ، كانت وصارت أرفف المكتبات وأماكن بيع المقروء من المواد الخبرية والادبية والتثقيفية والفكرية جميعها خاوية على عروشها وافرغ من فؤاد ام موسى ووجودها اندر من لبن الدجاج ، ومستعصية المنال حتى فى مكتبات الجامعات ومراكز البحث العلمى المفترضة فيها حرية ذلك البحث لكى لا ينبنى على الاهواء والرغائب .
وتم إغلاق كل مصادر ومسارب المعرفة إلا تلك التى تريد لنا الانقاذ سماعا لها او ان نلم بطرف من تعرف عليها ونكون على دراية بها ، وتكاثف إغراق الناس بمثل هذا ، آن ما تدير جهاز التلفاز حتى تثب اليك اردية الكاكى وتنبعث اصوات الجلالات العسكرية و طبول الحرب ومتحركاتها كالختام بمسكه ، وعقب ذلك مؤخرته ولم تكن المؤخرة بافضل حالا من المقدمة ولا ممن سبقها سيرا على هذا الدرب، يتكرس الدجل والخرافة والخطرفات والتخرصات إن شئت ، ليفتضح ويتضح بعد المفاصلة الامر ويأتى الشيخ الذى كان يمنى الناس بالحور العين ويدفع بهم ليغذوا السير خببا فى هذا الدرب ويقول لهم : بإن ما كانوا يبشرون به والمهور التى هى الانفس العزيزة والارواح ما هى الافى الاخيلة عندما تطلب الامر إشفاء غليل "النساء المؤمنات الصابرات المحتسبات اخوات نسيبة" حال استفسارهن عن وضعهن مع ارتال الحوريات المزفوف لهن الشهداء أزواجهن الحاليين ؟! والذين هم فى عليين مع الصديقين عرسانا فى مزج مرير للمأساة بالملهاة ويكون الناتج دراما سوداء .
ويأتيك نبأ الشهيد الذى نفض القبر ليحيا من جديد ، وكيف يختلط كشف الذين هم على قيد الحياة مع اولئك الذين ليسوا على ذلك القيد او على آخر، لتمتزج كل هذه الاوراق جميعها مرة اخرى وليستحيل التفريق والتمييز وتصير الحياة حالة مؤقتة وإنتظار فى محطة تغدو مغادرتها افضل من البقاء فيها والاستمرار، وينتشر الموت المجانى ويكتمل تماما مخطط غسل الادمغة مختلطا مع غسيل الاموال ونشره كله ، والقضاء على التفكير والسواء ويستولى على البسطاء الغرر ويقيم ، فيما يصير معه طابع حياة ويستطيل هذا الصرح ليأتى وينهدم جميعه ، ويغدو ما كان ضحكة كبيرة ، ويقال للجميع بان هؤلاء النساء الحاضرات الآن ما هن الا قاصرات الطرف العين فى الجنة ممن سيغدو بالامكان رؤية مخ سيقانهن اذ انهن سوف يستحلن كذلك وبقدرة قادروما ذلك على الله بعزيز وللشهيد سبعمائة منهن او يزيد .
إن هذين الجهازين ظلا مطايا الانظمة الشمولية التى تعاقبت على حكم السودان بتفاوت فى الغلو . وكانت دوما ولاتزال تسخر فى عدم نقل الضرورى وما الناس به معنيون من انباء وبالشفافية المطلوبة إشفاء للانفس الظمأى وإرواءً لها الا تلك التى تريد لها هذه الانظمة إستغلالا ، كضربة مصنع الشفاء للادوية مثلا لكى يصح قولها بالصلف الامريكى والتجنى الامبريالى والخرق لكل ماهو مستقر حينها فى الاعراف العالمية قبل إنتشار الاستباحة الحادثة الآن ، المتمثلة فى الغزو والتدخل التام فى شئون البلدان بواسطة النظام العالمى الجديد ، اذ ان الانقاذ وعت ذلك جيدا واحنت منها الرأس والظهر وكافة ما هى فى حاجة الى حنيه ، تفاديا له إتقاءً للعصا سعيا للحصول على الجزرة!! وتعاونت بما اعانها على تفاديه سوى ما نشهد الآن من قول وسلوك لتغيير هذه السياسة وما زيارة ايران الاخيرة الا أحد أدلة هذا ، وتكرار التمسك بعدم السماح للقوات الاممية بدخول السودان ثانية فوق تلك الموجودة اصلا استبدالا لقوات الاتحاد الافريقى فى دارفور ، إذ أن الانبطاح تطلب المزيد منه إلا انه ورغما عنها فلقد ظلت العصا مرفوعة ملوح بها جار حكمها ، بوضع السودان الذى اصبح تقريبا دائما فى قائمة الارهاب وسيف العقوبات الذى ظل واقعا ومصلتا فى آن ومع بذله كله "اى الانبطاح" فإنه لم يُغير شيئاً واحداً فى السياسة الامريكية تجاه هذا البلد .
انه حتى ما يتم نقله من خارج السودان فإنه يخضع للانتقائية هذه نفسها والتى هى حجبٌٌ فى كل الاحوال لما لايخدم خط النظام الشمولى ويؤيد دعاويه وعكسا لما يعزز ذلك القول هكذا دائما تندلع الحرائق هنا وهنالك وتحدث المواجهات حد الاقتتال والاحتراب والتقتيل ، تتوقع ان تجد ذلك منقولا حيا مثل ما هو ممكن الآن فلتجأ لهذا الجهاز لتشهد بدلا من ذلك ولدهشتك مبايعة قبيلة الترجم للمؤتمر الوطنى ودخولهم فيه افواجا ، او نحو من هذا . تغريد تام خارج السرب منذ زمن بعيد ضارب فى القدم من عهد المخلوع نميرى فان كانت لك ضالة من انباء فيها ما يتفادى النظام بثه فابحث عنها فى هيئة الاذاعة البريطانية وما لف لفها من وكالات أنباء .
اتصل بى صديق قبل ثلاثة اسابيع تقريبا وهو احد العاملين فى قسم الاخبار فى صحيفة يومية سياسية عشية غزو مدينة كسلا الوريفة الاخير لينبأنى به ويبين لي حجمه وخطورته فتسقطت انباء العاشرة بالتلفزيون فلم ترد حتى إشارة بها ، احداث أمرى الاخيرة التى راح ضحيتها ثلاثة من غمار مواطنينا غير الجرحى لاتزال حتى حينه الحقيقة بشأنها فى تستر وحجب ، انه وكما هو معروف فان من اكبر آليات التحول الديمقراطى لهو البث المرئى والمسموع ، وكان من المتعين فى المباحثات إقتسام زمنه وإدارته مثل الثروة والسلطة اذ انه لايقل خطرا عنهما ، ولقد اغفلت الحركة الشعبية وكذلك الحركات المسلحة فى دارفور هذا إغفالا تاما مما جعل المؤتمر الوطنى دون شريكه فى الحكم هو المسخرة لخدمته هذه الاجهزة بالكلية ، وغدت له حاكورة إنقاذية حتى دون إعارة اى إهتمام من غير نوع لانشطة الشريك الآخر الا فى الجانب الرسمى والتنفيذى منها ، ولو كان بإمكان الانقاذ إذاعة وبث انشطة مسؤوليها دون سواهم لفعلت ذلك فما عرف عنها الحياء ذات يوم وإنما الخوف وحده . يلاحظ الكل ان الاحزاب والتى هى ومنظمات المجتمع المدنى ما يرسم خارطة الطريق للديمقراطية والتعددية لاتجد لها سبيلا للتعريف بها وبتاريخها وبرامجها واهدافها من التغيير واوجه توسلها اليه فهنالك اجيال كاملة تم تغييب وعيها وتغبيشه لا تفرق بين الازهرى والمحجوب وصديق منزول وزغبير حارس مرمى الهلال الشهير وعبد الدافع عثمان ، ولا متى قامت ثورة اكتوبر والدور الوطنى للامام المهدى ، سيما وان الانقاذ اول عهدها سعت لايجاد مقاربة بينها وبين الثورة المهدية غاية فى الفشل ، إن سائر ما يقوم به المؤتمر الوطنى لهو دوما محل نقل وتعميم ونشر ، مع تركيز تام للتعريف بثقافة مجموعات معينة هى الاسلاموعروبية مع التجاهل التام المتعمد لبقية الثقافات ، لقد تفضل تلفزيون ولاية الخرطوم الذى هو اقرب للقومى من ذاك الولائى بحكم طبيعة العاصمة تعريجا على كل الجدل الذى دار بهذا الشأن فى دستورها ، قام التلفزيون بإفراد ساعة بث ايام الاحاد لبعض رجال الدين المسيحى لمخاطبة اصحاب هذه الملة ساعة واحدة فى الاسبوع ولا يتعدى هذا الابعض إشارات فى الاعياد التى لهؤلاء الاقوام ،علما بانه تقريبا يقوم يوميا ببث فيلم خيال علمى منبت الصلة بغيره ، فاين بقية المجموعات والاقرار بتعدد الثقافات والعمل على تأكيده ونشاط بقية القوى السياسية فى هذه الاجهزة ؟ نصيحة لمن لم يوقعوا على وثيقة سلام دارفور بأن يعالج هذا قبل التوقيع وكذلك لاهل الشرق حين يفاوضون وبقية المهمشين .

www.alsahafa.info



Post: #2
Title: Re: نجم الدين محمد نصر الدين: أجهزة الإتصال الجماهيري "حاكورة إنقاذية"
Author: Imad Khalifa
Date: 05-09-2006, 07:24 PM
Parent: #1

قراءة عميقة ورصينة.

شكرا أستاذ مكي النور.

عماد خليفة