عن القوامة والحجاب، وأولويات المرحلة

رغم شيء من ضيق الوقت المتاح في هذه الأيام، إلا أن شعورا بالمسؤولية في التناول لهذه القضية التي أثيرت أخيرا، بشدة يصعب تجاهلها (رغم مصدرها الذي لا يستحق ما أوتي من اهتمام، في نظري)، يملي باتخاذ خطوات أكثر جدية في إطار الممكن.. أورد هنا مشاركتين سابقتين في خيطين مختلفين عن موضوعي القوامة والحجاب في الشرع الإسلامي.. أجعلهما في خيط واحد لكونهما مكملتين لبعضهما، وقد يتفرع منهما حوار مستقل بصورة أكثر تركيزا..

المبتغى عندي هو تناول موضوع الأولويات.. لن يفيد الحديث عن تشريع الحجاب اليوم بمعزل عن تشريع القوامة، بل إن الحديث عن تشريع القوامة هو الأولى، في زعمي، من الحديث عن تشريع الحجاب في ظل وضعنا المعاصر (كمسلمين، بصورة خاصة، وكأعضاء في المجتمع الدولي الكبير، بصورة عامة).. وهو أيضا مما يتصل اتصالا مباشرا بموضوع المنهاج الفكري المتبع في تناول هذه المسألة، إذ أن غياب المنهاج، واستقصاء المسائل بفرضيات اعتباطية، غير متناسقة مع بعضها وليس لها من أساس منهجي مشترك في التحليل (كما هو حال تصريحات الترابي الأخيرة)، لا يخدم غاية الإصلاح والتجديد بأكثر مما يؤذيها.. فالبناء الذي لا يقوم على دعامات قوية لا يمكن أن ينهض نهوضا ذا قيمة، وما يلبث أن ينقضَ على ساكنيه..

المشاركتين المعنيتين هنا:

Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟
في مسألة الأولويات التي أخفق فيها الترابي ومن هم على شاكلته من مدعي التجديد الديني.. وأيضا عن التجني الذي حاول إصابة الشريعة الإسلامية من أجل تحقيق غلبة في الحجة، ولكن بغير فهم دقيق لمقاصد وحكمة الشريعة، في إطارها الزمني..

Re: تفسير آية الحجاب لا يخلو من الضباب .. إهداء للمبدعة... شيخ الدين والجميع
وهذه تتعلق بعلاقة التاريخ بالنص التشريعي، بصورة عامة، وقصور المدارس الفقهية عامة عن سماحة الشريعة الإسلامية عبر الزمن، وأسباب ذلك.. وأيضا عن عدم الفائدة من امتثال نظرية المؤامرة الدخيلة على الشرع الأصيل (من جانب ثقافات لا تمت للإسلام بصلة إلا بعد أن امتدت لها سطوة الدولة الإسلامية)، فنظرية المؤامرة إنما هي، في الأصل، النظرية الدخيلة على الفهم التاريخي لتغير المجتمعات، عندما تتجاوز الحد المعقول والشواهد المخالفة (وبغير منهج واضح)..