صديق البادي: السودان يحكم الآن بشرعية الأمر الواقع!!

صديق البادي: السودان يحكم الآن بشرعية الأمر الواقع!!


04-19-2006, 05:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1145421010&rn=0


Post: #1
Title: صديق البادي: السودان يحكم الآن بشرعية الأمر الواقع!!
Author: مكي النور
Date: 04-19-2006, 05:30 AM

السودان يحكم الآن بشرعية الأمر الواقع!!
قبل أكثر من عام انتهت دورة المجلس الوطني السابق المنتخب، وقبل أشهر قليلة انتهت دورة رئاسة الجمهورية السابقة التي بدأت في مطلع عام 2001م، وانتهت في مطلع عام 2006م. وقد انتهت دورات كل المجالس التشريعية الولائية المنتخبة السابقة. وانتهت دورات كل مجالس المحليات «المحافظات»، وتبعاً لذلك ووفقاً لدستور عام 1998م الذي تم تجميده أو إلغاؤه فإن كافة المؤسسات قد انتهت شرعيتها الدستورية ولا توجد مؤسسة سيادية أو تنفيذية أو تشريعية واحدة منتخبة ومفوَّضة تفويضاً مباشراً من الشعب السوداني (والأندية والاتحادات الرياضية تستند على ممارسة ديمقراطية وشرعية انتخابية تفتقدها المؤسسات السيادية والتنفيذية والتشريعية القائمة حالياً في الشمال أو الجنوب) ولكن اتفاقية نيفاشا أقرت وضعاً جديداً وفرت واقعاً تم بموجبه اقتسام السلطات السيادية والتنفيذية والتشريعية وفق نسب محددة. وتم تمديد دورة رئاسة الجمهورية بعد أن انتهت مدتها الرسمية وعين مجلس وطني ما كان يمكن للكثيرين من أعضائه ولوج باحته ودخول ساحته بالانتخابات الحرة ،وعلى ذات النسق جرى تعيين مجالس تشريعية ولائية مع الابقاء على مجالس المحليات «المحافظات» ومد دورتها وتركها كما هى لأن اتفاقية نيفاشا لم تنص على حلها أو إعادة تكوينها.
وان السودان يحكم الآن تحت ظل وضع انتقالي أقر به الجميع كأمر واقع لا مناص من الاعتراف به. وكان حزب المؤتمر الوطني الحكومي قبل تنفيذ اتفاقية نيفاشا يستأثر بكل شئ ويترك بعض الفتات لأحزاب حليفة رديفة وملكية أكثر من الملك ولا حول لها ولا قوة وتسعى لترضيته ونيل مودته بكل السبل. وتقلص نصيب حزب المؤتمر الوطني الحكومي ظاهراً في السلطة ولكنه ما فتئ يعض بالنواجز ويسعى لاستمرار سيطرته على الأجهزة الهامة والخدمة المدنية والاعلام مع الهيمنة على المال بشتى السبل وهو يستمد قوته الظاهرية من ضعف الآخرين ويدرك أن المعارضة بوضعها الراهن لا تمتلك مقومات قيادة البلد اذا آلت اليها الأمور ولذلك فإن لسان حاله يردد في سخرية وإستخفاف أبشر بطول سلامة يا مربع اذا كانت المعارضة المهترئة بوضعها الراهن تحسب نفسها هى البديل. وإن النظام كما هو واضح لايأبه كثيراً للمعارضة الشمالية في الداخل أو الخارج ولكن يأبه فقط لحركات التمرد المسلحة ويأبه أكثر وينتبه للضغوط الأجنبية فقط. وقد تصل السلطة مع المتمردين لاتفاقية سلام توقعها في القريب العاجل على مرأى ومشهد من كل الدنيا وتبيض وجهها مع العالم ثم تدع المقاتلين قبل أن يجف مداد الاتفاقية يتصارعون ويتعاركون فيما بينهم من جهة وبينهم وبين الفعاليات الأخرى من جهة أخرى ( وأشغل أعدائي بأنفسهم) وبعض المعالجات ربما تخلق أزمات جديدة مع أقاليم اخرى فاذا تم اضافة نائب جديد لرئيس الجمهورية اذا تم التوقيع في ابوجا يكون لزاماً إضافة مقترح لنائب جديد في المفاوضات القادمة المتعلقة بالشرق وتبعاً لذلك يكون من حق إقليم كردفان والاقليم الأوسط والاقليم الشمالي المطالبة بنواب جدد وما ينسحب على السلطة ينسحب على الثروة. وإن القصر الجمهوري قد امتلأ بعدد كبير من المستشارين وبدلاً من تعيين نواب جدد يمكن تغيير المستشارين واستبدالهم بمساعدين لرئيس الجمهورية يمثل كل واحد منهم إقليماً يضم عدة ولايات مع تعيين عدد محدود من المستشارين ذوي المستويات الرفيعة والقدرات العالية اذا اقتضت الضرورة ذلك.
والملاحظ في عهد الانقاذ أن هناك مجموعة من الأسماء قد احتكرت المواقع وأخذت تنتقل بين المناصب كما تقفز العصافير من فنن لفنن وربما تقتضي الضرورة الوطنية القصوى استمرار بعض الاستراتيجيين والمفكرين وذوي القدرات التنفيذية العالية وآن الاوان لتغيير الكثيرين رحمة بالبلاد والعباد وقد أصابوا الشعب بالسأم والملل وقد أخذوا فرصتهم (وأم جركم ما بتاكل خريفين) ولكنهم أكلوا مرات ومرات في كل الفصول. والمرحلة الانتقالية الراهنة ينبغي أن تكون محطة رئيسية للنقد الذاتي ومراجعة المسيرة لاصلاح الأعوجاج وإزالة الفساد الذي باض وأفرخ وكثرت أعشاشه وضربت جذوره ولابد أن يستأصل.
لقد استمتعت بقراءة كتاب عن الزبير باشا أعده وكتبه الاستاذ خليفة عباس العبيد وكيل وزارة الخارجية الأسبق أطال الله عمره ومتعه بالصحة وموفور العافية. وقرأت قبل أيام بصحيفة الوطن الغراء مقالاً لطيفاً كتبه الدبلوماسي الأديب الاستاذ سيد أحمد الحردلو متعه الله بموفور الصحة والعافية وذكر الحردلو أن السيد خليفة عباس كان وكيلاً صارماً حازماً لوزارة الخارجية وكان يقيم بمسقط رأسه الجيلي وذات مساء احتاج للوح ثلج وأرسل سائقه الخاص من الجيلي للخرطوم لاحضاره وذهب السائق للخارجية وأخذ منها كيساً وضع فيه لوح الثلج لئلا يذوب وعندما علم السيد خليفة بذلك غضب وأمر سائقه باعادة الكيس للخارجية في نفس المساء ولم يمهله لارجاعه في الصباح. وجاء زمان أخذ البعض يأخذ الجمل بما حمل دون أن يرمش له جفن ولو أنه جلس على لوح ثلج خليفة عباس حتى ذاب لما شعر به لفقدانه تماماً للإحساس.. فمتى يعود الاحساس والشعور الصادق بأن هناك خطايا وأخطاء كثيرة تحتاج لحلول ناجعة وتصحيح لا يحتمل التأخير.

من موقع صحيفة الصحافة.
www.alsahafa.info