د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟

د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟


04-19-2006, 05:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1145420828&rn=0


Post: #1
Title: د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟
Author: مكي النور
Date: 04-19-2006, 05:27 AM

السودان: ضيعة أم وطن؟
حيدر ابراهيم علي
يضيق السودان كل يوم متحولاً الى ضيعة أو حاكورة، يتمتع فيه البعض بالنفوذ والنقود بينما يتجه الكثيرون الى أطرافه: مهمشين، محرومين، مقهورين، ساخطين، معتزلين. وقد تكون فكرة التهميش في معناها الكبير هى علاقة المركز والهامش أو الاطراف، ولكنها في الحقيقة هى علاقة القرب أو البعد من النظام- السلطة مقابل كل المواطنين غير المرتبطين بها. وهذه علاقة شاذة تنسف وجود الدولة والمواطن، وذلك لأن العقد الاجتماعي المبرم- نظرياً. بين الدولة والمواطن يصبح لا وجود له. وهذا يعني أن الدولة غير شرعية مهما تحدثت عن الدساتير والانتخابات وتظل دولة مغتصبة للسلطة.
يتابع المرء عدداً من القضايا والسلوكيات التي تظهر ضياع فكرة الوطن تحت نظام الانقاذ وكيف يتعامل النظام مع الأرض التي تسمى السودان ومن عليها من بشر باعتبارها ملكية خاصة لنظام أو حزب بعينه. وهذا وضع يمكن التعايش معه مؤقتاً مع نظام جاء أصلاً بالقوة والقسر، ولكن الاستمرار والديمومة في إحتكار الوطن يهدده بالخطر فقد يصبح وطناً بلا مواطنين أو بالأصح دولة بلا مواطنين. وقد أثار انتباهي أكثر لهذه العلاقة عدد من القضايا والاحداث أهمها موضوع عودة المفصولين تعسفياً والمماطلة والجدل والاختلاف حوله. فهذا قرار أساساً خاطئ وفيه إنتهاك واضح لحقوق الانسان: حق العمل الذي أقرته كل مواثيق وصكوك حقوق الانسان. فقد حرم النظام الآلاف من حق العمل عقب مجيئه الى السلطة بقصد احتكار جهاز الدولة. والمسألة ليست فقط الحق في عيش كريم يكسبه الانسان من أجر أو مرتب بل يعتبر الحرمان من العمل حرماناً من الشعور بالنفع لنفسه ولمجتمعه. كما يعني هدر طاقة الانتاج والابداع خاصة وأن أغلب المفصولين كانوا في سن الشباب والعطاء. ويضاف الى ذلك الجروح النفسية والعاطفية التي لا زمت التوقف عن العمل.
كان قرار الفصل بسبب ما سماه النظام، الصالح العام جريمة كبرى لم تعطها القوى السياسية والنقابية حجمها المستحق في نضالها نحو الدكتاتورية وللأسف ما زالوا يتعاملون مع هذه القضية وكأنها مسألة إدارية وفنية بعيداً عن حقوق الانسان والتحول الديمقراطي وعلى رأس ذلك: قومية جهاز الخدمة المدنية. اذ استمر نظام الانقاذ يمسك بمفاصل جهاز الدولة -كما يقال-، ورغم تقسيم اتفاقية السلام الشامل للسلطة، لكن حزب الانقاذ لم يتزحزح عن إحتكار ماكينة السلطة. فالوزراء غير الانقاذيين يجلسون على قمة الوزارة مثلاً دون أن يمتلك أي قدرة على إدارة وزارته المحتكرة تماماً، ويمكن أن نعدد هذه الوزارات التي يملك فيها الوزير ولا يحكم مثل الملكة اليزابيث. لذلك، لا بد من عودة المفصولين وأن يصاحب ذلك تغيير حقيقي في هيكل وهرم الخدمة المدنية، وإلا فسيظل الحديث عن التحول الديمقراطي مجرد شعار خاوٍ من أي مضمون.
لم تكتف الانقاذ بإبعاد العناصر غير المؤيدة أو غير الموثوق فيها، فقد فضَّل النظام أصحاب الثقة على ذوي الكفاءة. وهذه أيضاً جريمة في حق التنمية، فالسودان يحتاج لأي متعلم أو متدرب وهو بلد لا تزال نسبة الأمية فيه تفوق «75%» وذهب النظام بعيداً في إغراق موظفيه في الامتيازات على حساب المال العام. فقد كان من أهم مظاهر التأصيل في الخدمة المدنية الحوافز أو الظروف البدينة لأي عمل أو اجتماع أو لجنة يقوم به أو يحضره الموظف. فقد إبتكر سودان الانقاذ طريقة جديدة تعطي الموظف مقابلاً مالياً إضافياً لأنه ادى عمله المدفوع الأجر أصلاً. أليس من مهام المدير ومعاونيه مثلاً عقد اجتماع وتشكيل لجان لإدارة عملهم؟ وهذا ليس عملاً اضافياً ويمكن العودة الى توصيف الوظيفة في كل حالة. وقد كانت الحوافز والمكافآت آلية لتوزيع المال العام والأهم من ذلك إسقاط الحرمة عن المال العام وهذا ما فتح الباب أمام الاختلاسات الفلكية التي لا تخضع لمتابعة ومحاسبة جادة. وهكذا أصبح الفعل التجريمي وكأنه جزء من المكافأة أو الحافز لأنها تعطي دون مقابل ودون بذل مجهود يستحق أن يكافأ الموظف عليه. باختصار صار المال سائباً ونحن نقول إن المال السائب يعلم السرقة.
من أهم مظاهر تحويل الوطن الى ضيعة للمحظيين والمحظوظين منح تسهيلات وامتيازات تستنفذ مال الشعب، وعلى رأسها الاستخدام السئ «لعربيات» أو السيارات الحكومية ذات اللوحات الصفراء التي تتجوَّل في شوارع البلد طوال اليوم وليس خلال ساعات العمل فقط. وهى ترحل النساء والاطفال وتقف أمام المدارس وسوق الخضار وصيوانات المآتم. وهذه الأساطيل تستهلك الملايين للوقود وقطع الغيار واحياناً مرتبات السائقين.. وهذا بالمناسبة يمكن أن يعطى حوافز لأن الموظف طلبه لمشوار خاص بعد نهاية يوم العمل. ويحق للموظفين في درجات عليا استخدام أكثر من سيارتين كما أنه يتم تمليك الموظفين هذه السيارات في بعض الأحيان في حالة النقل والمعاش مثلاً. ومن المعروف ان استخدام السيارات الحكومية تقليد استعماري إستنه البريطانيون ولكن بشروط قاسية تحد من سوء استخدام الموظفين لها. وحين جاء الاسلامويون قاموا بأسلمة وتعريب كل شئ، ولا أدرى لماذا احتفظوا بهذه السنة البريطانية وتوسعوا فيها رغم ظروف الوطن الاقتصادية الصعبة؟
كانت أهم آلية في تحويل الوطن الى ضيعة أو عزبة أو حاكورة هى طريقة توظيف الخريجين الجدد أو المتقدمين للوظائف عموماً. وهنا إرتكب الانقاذيون في حق الشباب جريمة أخرى من جرائمهم العديدة، فقد أضعفوا في الشباب الشعور بالانتماء الى الوطن، لأن الخريج يفترض أنه ينافس في وظيفة كسوداني يحق له العمل في وطنه وليس بسبب الانتماء الحزبي أو علاقات القربى أو النسب بمسؤول نافذ، وهنا تسقط معايير العدالة والانصاف وتضيع قيم الحق عند هؤلاء الشباب في أول تجربة حياتية، ومن المفارقة أن يطلب من هؤلاء الدفاع أو الجهاد من أجل الوطن والعقيدة. ومن الآثار الجانبية لهذا الانحياز في التوظيف إمكانية تعلم النفاق بغرض الوصول الى الهدف، والانقاذ تنشر الانتهازية بين الشباب بينما هى تدعي غرس اخلاق مجتمع فاضل.
يمكن تفسير هذه التغييرات في حق العمل والخدمة المدنية والمال العام من خلال مفهوم واحد وهو الاستباحة. فقد استباح الانقاذيون هذا الوطن واستفردوا به مع غياب المقاومة. فقد أصبحوا متيقنين بأن الجماهير سوف تسكت ليس لأنها راضية ولكن لأنها غير منظمة وحائرة لغياب قيادتها. والحاكم حين لا يجد المقاومة من الشعب وفي نفس الوقت لا يخشى الله في شعبه فهو يستبيح كل شئ وتصير كل المحرمات ممكنة.
من موقع الصحافة.

Post: #2
Title: Re: د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟
Author: مكي النور
Date: 04-19-2006, 10:25 PM
Parent: #1

...

Post: #3
Title: Re: د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟
Author: مكي النور
Date: 04-21-2006, 00:04 AM
Parent: #1

.

Post: #4
Title: Re: د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟
Author: Mannan
Date: 04-21-2006, 00:55 AM
Parent: #1

يا سلام يا دكتور حيدر ابراهيم.. صوت قوى فى زمن مشروخ.. وقلم صقيل يعشى ظلام الانقاذ.. لا يخالجنى شك فى ان مقالات دكتور حيدر ابراهيم تقض مضاجع النظام (الاستسلامى) الذى جعل من السودان زريبة (الضيعة كتيرة على السودان) والحاكورة مفيدة لآهلها.. اما السودان فقد اصبح طاردا للشرفاء من ابنائها.. عندما يكون غالبية اهل السودان مهمشين ليس لديهم ما يخسرونه.. نتمثل بقول الشاعر:

أرى تحت الرماد وميض نار **** واخشى ان يكون لها ضرام

امام ثورة المحرومين لن ينفعهم التمكين الاقتصادى والامنى وغيره.. الم تتساقط الامبراطوريات والقوى العظمى وتتهاوى كالتراب.. الانقاذ الذى يتلقى الصفعات من تشاد ومصر وافريقيا الوسطى .... ليس اقوى من الاتحاد السوفيتى!!!!

شكرا لحيدر..

نورالدين منان

Post: #5
Title: Re: د. حيدر إبراهيم: السودان ضيعة أم وطن؟
Author: مكي النور
Date: 04-21-2006, 02:06 PM
Parent: #1

شكرا صديقي نور الدين والتحية للدكتور حيدر وكل الاقلام الشريفة التي أسهمت في تعرية الزيف وفضحه والتي اختارت في زمن انهيار القيم أن تقف الي جانب الحق وتدافع عنه، مواقف تحفظ في ذاكرة شعبنا بمداد من نور.