تطور فى طرح الكوادر الاعلامية للجبهة الاسلامية ومساندى حكومةالانقاذ الوطني السودانية

تطور فى طرح الكوادر الاعلامية للجبهة الاسلامية ومساندى حكومةالانقاذ الوطني السودانية


03-27-2006, 05:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1143434550&rn=0


Post: #1
Title: تطور فى طرح الكوادر الاعلامية للجبهة الاسلامية ومساندى حكومةالانقاذ الوطني السودانية
Author: democracy
Date: 03-27-2006, 05:42 AM

السيد برونك ..فضلا لماذا لا ترحل؟!

خالد التجاني النور



ليست المشكلة هي إرسال قوات دولية إلى دارفور أم لا، ولكن القضية هل الأولوية هي لتسوية سياسية تحل جذور الأزمة في الإقليم وتعالج تبعاتها, أم الانشغال بإطفاء حرائق تداعياتها الأمنية؟ وما هو حصاد التدخل الدولي في العشرين شهرا الماضية.



ببساطة أدعو السيد إيان برونك لإنهاء مهمته في السودان والرحيل ليس بوازع من حملة التعبئة الحكومية ضده, وضد المنظمة الدولية بشأن تمديد مظلة نفوذها في البلاد إلى إقليم دارفور, ولكنني أفعل ذلك استنادا على معايير أخلاقية اختطها هو بنفسه مقياسا لما يجب أن يكون عليه التعامل مع الأزمة الإنسانية لمواطني دارفور.



فقد اشتبكت كلاميا ذات مرة مع السيد برونك في أحد مؤتمراته الصحافية بالخرطوم حين ذهب يتهم الصحافة السودانية بالصمت عما يجري في دارفور قائلا إنها لا تريد أن تصدق الضحايا ولا أن تسمع لهم, أو أنها تسكت خوفا, وطفق يحدثنا عن انفعاله بما سمعه من ضحايا الأزمة بدوافع أخلاقية وإنسانية .



وقلت لبرونك إن عليه ألا يطلق أحكاما جزافية على الصحافيين السودانيين, لأنهم لم يكونوا في انتظار الأجانب ليلقوا عليهم دروسا في كيفية الدفاع عن قضايا مواطنيهم ووطنهم لأنهم فعلوا ذلك قبل أن تسمع الأمم المتحدة بقضية دارفور, وأن صحفا وصحافيين دفعوا ثمن مواقفهم تلك وضربت له مثلا بإغلاق صحيفة الأيام لأشهر عديدة وتعرض صحافيين لمساءلة من بينهم كاتب المقالة, وأخذتني "الهاشمية" فذكرت لبرونك طرفا من شجاعة الشعب السوداني وثوراته ضد الديكتاتوريات العسكرية حتى لا يظن أنه جاء ليعلم شعبا مقهورا معنى وقيمة الحرية.



وسألت برونك إن كان التدخل الدولي في دارفور دوافعه أخلاقية حقا, فأين كان ضمير هذا المجتمع الدولي الذي ترك حرب الجنوب تشتعل لنصف قرن دون إظهار معشار الهمة التي يتعاملون بها مع أزمة دارفور الآن، مع أن الخسائر والفظائع التي حدثت بسبب حرب الجنوب هي أضعاف ما حدث في دارفور؟.



لقد ظل السيد برونك يتقمص في مؤتمراته الصحافية دائما روح معلم الدروس في مادة الأخلاق وإيقاظ الضمائر الميتة في تقديره, ولكنه لم يكن يرضى بأن تطبق هذه المعايير في تقييم أداء المنظمة الدولية في السودان حتى أنه خبط ذات يوم الطاولة بيده في وجوهنا والشرر يتطاير من عينيه وهو يرد بغضب على جوناه فيشر، مراسل البي بي سي لأنه تجرأ واتهم الأمم المتحدة بتبديد الأموال على رفاهية موظفيها حين انتقلت بكامل طاقم كبار موظفيها لعقد اجتماعات في هيلتون بورتسودان.



ومناسبة هذا الحديث ليس الافتئات على السيد برونك من باب المشاركة في حملة التعبئة الحكومية الحالية، فرأينا في مسؤولية الحكومة الكبيرة فيما انزلق إليه الوضع في دارفور وضرورة محاسبة المسؤولين ممن تسببوا في ذلك نشرناه في هذا المكان قبل أسابيع ثلاثة حتى لا يتهمنا السيد برونك بالجبن أمام السلطات, ولكن نريد أن نذكر السيد برونك بأن المعيار الأخلاقي الذي طالما طالبنا الالتزام به في مخاطبة أزمة دارفور, جاء الوقت ليثبت لنا التزامه شخصيا به.



ومناسبة هذا الحديث أن السيد برونك جدد الأسبوع الماضي في تقريره لمجلس الأمن الاعتراف بفشل استراتيجية الأمم المتحدة والمهمة التي نهضت لها منذ عام ونصف العام في معالجة الوضع بدارفور, وهو إقرار لا يستحق السيد برونك عليه تصفيقا, فالواقع يقول إن الوضع في دارفور ظل يتدهور باستمرار حتى بعد أن تدخلت الأمم المتحدة, وبعد أن كان عدد النازحين واللاجئين عشية تدخلها نحو سبعمائة ألف مواطن بلغ الآن حسب تقارير المنظمة الدولية نحو مليونين ونصف المليون مواطن، أي تضاعف عدد المخرجين من ديارهم أكثر من ثلاث مرات في وجودها, وكان الحديث عن عدة آلاف من القتلى أصبح يعدون الآن بمئات الألوف, وتزايد عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية على الرغم من أن كل الأجواء والموانئ والأراضي السودانية أصبحت فضاءً مفتوحا بلا حسيب ولا رقيب لمنظمات الإغاثة وعمالها.



وأصبح الوضع الأمني أكثر تدهورا حتى بعد دخول القوات الإفريقية وهي موجودة في الإقليم في واقع الأمر تحت مظلة مجلس الأمن على الرغم من اعتمار جنودها للقبعات الخضر الإفريقية وليست تلك الزرقاء الأممية.



لقد ظلت الأمم المتحدة وممثلها في السودان السيد برونك يصران على أن وجودهما في السودان هدفه الوحيد هو "إنقاذ" مواطني دارفور من "الإنقاذ" وإقالة عثرتهم، ثم تكون النتيجة المزيد من المعاناة ألا يحق لأهل دارفور أن يقولوا للمجتمع الدولي "رجعونا محل أنقذتونا" كما قيلت للحكم الانقاذي.



لقد توفرت لبعثة الأمم المتحدة مئات الملايين من الدولارات التي جمعت باسم مواطني دارفور البؤساء, وحصلت على امتيازات وحرية حركة وتسهيلات لا حدود لها, ثم يأتي السيد برونك بعد عشرين شهرا ليقول لنا ببساطة "لقد فشلت مهمتنا" دون أن يقول حتى كلمة أسف, إذن لماذا نطالب بمحاسبة مسؤولين سودانيين في دارفور, ولا نحاسب مسؤولين دوليين كانت سياستهم الخاطئة سببا في تعميق جراح أهل دارفور؟.



والقضية الآن هي أن الأمم المتحدة ومن وراءها بعد كل هذا الفشل تريد أن تجعل مواطني دارفور حقل تجارب للمزيد من السياسات الخاطئة التي يدفع البسطاء وحدهم ثمنها.أليس غريبا ألا تجري المنظمة الدولية تقييما موضوعيا لهذا الفشل ومعرفة أسبابه ومعالجتها بدلا من القفز مباشرة إلى اعتبار أن الحل هو الدفع بالمزيد من القوات إلى دارفور تحت مظلتها, لتنفق المزيد من مئات ملايين الدولارات عليهم بدلا من إطعام الأفواه الجائعة في الإقليم المنكوب؟.



فالقضية في أصلها سياسية, ولا يمكن أن تحل إلا بتسوية سياسية, فمن غير المعقول ولا المقبول أن تترك معالجة سبب المرض إلى أعراضه, فالمدخل الأمني والعسكري لن يجلب إلا المزيد من الخراب لأهل دارفور, ولو أن الأمم المتحدة أنفقت عشر الجهد الذي تبذله لتأمين إرسال قوات دولية إلى دارفور على جهود التسوية السياسية لما بقيت الأزمة حتى اليوم, وتذكروا أن حرب الجنوب الأكثر تعقيدا لم تحلها قوات دولية، ولكن حلها توفر إرادة سياسية للتسوية, ولذلك لا يجد جنود الأمم المتحدة في جنوب البلاد ما يفعلونه سوى لعب الكوتشينة.



ولكن هل حقا تريد الأمم المتحدة حلا لمشكلة دارفور؟, أشك في ذلك، وإلا فأين تجد لها "جبانة هايصة أخرى" لموظفيها. فسجل الجهود الدولية لتأمين التوصل إلى تسوية سياسية في مفاوضات أبوجا فقير للغاية،حتى السيد برونك ظل في مؤتمراته الصحافية بالخرطوم يصدر شهادات البراءة للحكومة السودانية بأنها تفاوض بجدية في أبوجا أو على الأقل يؤكد أنها حريصة على الوصول إلى حل سلمي،وظل يلقي اللوم باستمرار على قادة الحركات المسلحة خاصة مني أركو مناوي،وأنهم لا يفاوضون بجدية،لكن لم يقل لنا يوما واحدا لماذا لم يمارسوا عليها واحد بالمائة من الضغوط التي مارسوها على الحكومة لتأمين اتفاق سياسي.



السيد برونك، بدلا من أن تتحول إلى جنرال آخر من أثرياء الحرب،أرفق بمواطني دارفور وأرحل عنا، فإذا عجزت عن إطفاء الحرب في دارفور فلا تزيدها اشتعالا،على الأقل حتى نصدق أحاديثك لنا في المؤتمرات الصحافية.



مساكين أهل دارفور، يدفعون الثمن ثلاث مرات،مرة بسبب الثائرين باسمهم،ومرة باسم حكومتهم،والآن باسم المجتمع الدولي الذي تدخل بزعم حمايتهم.