تحية للكاتب والصحافي الطاهر ساتي

تحية للكاتب والصحافي الطاهر ساتي


03-03-2006, 11:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141381505&rn=1


Post: #1
Title: تحية للكاتب والصحافي الطاهر ساتي
Author: خالد عويس
Date: 03-03-2006, 11:25 AM
Parent: #0

نقلا عن جريدة الصحافة

محاكمة غير دولية..!!

الطاهر ساتي

[email protected]


* شباب بلون وطعم الزيتون.. يفتحون شهيتك على «وحدة السودان» بعضهم في سن المراهقة.. ولكن ظروفهم أوصلتهم الى سن الرهق..!!
* امر بجوارهم يوميا.. واحيانا اقف واتسامر معهم.. نتحدث عن كل شيء.. البلد.. الولاية.. الحكومة.. الهلال.. التخطيط العمراني.. كلام الجرائد..!!
* نكاد نصبح أصدقاء رغم فوارق السن وتباين الهوايات.. ولكن تجمعنا الآلام والآمال.. ووطن مساحته مليون حزن مربع.. والفجر الذي تقترب شمسه رغم تراكم السحب امامها.. او تحتها..!!
* جيمس.. اصغرهم سنا وأفصحهم لسانا ـ لا يحب السياسة لانها تسببت في نزوحه بقتل امه وشقيقته وحرق منزلهم.. ولكن ألبينو ـ «25» سنة تقريبا كما قال ـ يحب السياسة وسعيد باتفاقية نيفاشا ولن يصوت للانفصال، وحزين على موت قرنق واحداث الاثنين والثلاثاء..!!
* دينق ـ اكبرهم سنا ـ لا يحب الثرثرة ويشجع الهلال ولا تطربه ندى القلعة، ويحتفظ ببعض اشرطة كمال ترباس وحضر حفل «مريم ماكيبا» ويجيد الانجليزية ويتأهب للفرنسية.. ولم يسدد القسط الثالث في معهد تعليم الحاسوب.. ويقرأ «الصحافة والخرطوم مونتر والمشاهد».. ويحب أفلام جيمس بوند.. ولكنه لا يذهب للسينما بحثا عنها..!!
* جيمس ودينق وألبينو.. وآخرون ـ يتزايدون شهرياً في مسرح الحدث ـ يسخرون من كل الاحداث السياسية.. ابوجا.. الاحزاب.. الجنجويد.. الفصائل.. برونك.. ولهم تعليقات ظريفة واخرى لا تصلح للنشر.
* وكل التعليقات تؤكد أن النخبة السياسية في وادٍ.. وهم في وادٍ آخر.. ويتفقون جميعا بأن الشعب «كويس» ولكن السياسات «بطالة»!!
* والآن.. ايها القاريء.. قد تسألني اين تلتقي بهؤلاء الغبش.. وكيف وعلى ماذا يجتمعون يوميا.. ويتحاورون هكذا؟
* لا تخف.. انهم بسطاء.. لا يجمعهم حزب ولا حركة ولا اجتماع تنظيمي..!
* لا تخف.. انهم لا يتآمرون على قلب السلطة.. ولا يفكرون في اقصاء حزب.. ولا يتطلعون الى ثروة عامة او مناصب سيادية..!!
* لا تخف.. انهم يحتقرون كل هذه.. ويكرهون اصحابها خاصة عندما ينالونها بغير وجه حق..!!
* وهؤلاء الشباب.. وصغار السن.. يجتمعون يوميا في ساحة عملهم سعيا وراء الكسب الحلال..
* هل اصف لكم «ساحة العمل».. حسنا.. ولكن سوف تحزنكم كثيرا..
* في شارع الغابة.. فوق تلال اوساخ المدينة وقاذوراتها.. يعرضون خيرات اقليمهم.. بضاعة وسيمة وتراث اصيل.. أشكال ورمزيات مصنوعة من اخشاب المهوقني والتك والابنوس..!!
* في اي بلد آخر ـ غير بلدهم ـ بضاعتهم تعرض على واجهات الفنادق وضفاف الانهر والشوارع التي اعدت خصيصا للسياحة.. وفي اي بلد آخر ـ غير بلدهم ـ تدعم بضاعتهم ويحفز صناعها وتجمل طريقة العرض بحيث تتناسب مع اصالة المعدن وقيمة التراث.. وجهد البائع..!!
* ولكن جيمس ورفقاه لم يحظوا في بلدهم بهذا الحلم ولن تعيرهم الحكومة اهتماما، الا عندما تحتاج الى الرسوم والغرامة لتسديد راتب المحافظ والمعتمد ومدير شرطة التحصيل..!!
* وجيمس ورفاقه تحت لظى شمس الظهيرة وزمهرير برد أمشير، يقاومون المعاناة ورهق الحياة بتجارتهم الرابحة ليسددوا رسوم المدارس والمعاهد والجامعات.. وما تبقى لرمق الجوع والعطش والملاذ..!!
* سيدي الوالي.. المعتمد.. المحافظ.. وزير السياحة.. وكل من يهمهم الأمر «ان وجدوا..!!»
* جيمس ورفاقه لا يحلمون بقاردن سيتي.. فهم ليسوا قادة في بعثة القوات الدولية.. ولا يحلمون بالسهل الذهبي.. فهم ليسوا ابناء شيخ جمعة ولا احفاد الامير طلال.. ولا يحلمون بحي المطار والرياض والمنشية والمقرن.. فهم لم يشاركوا في الانقلابات ولم ينضموا للأحزاب..!!
* جيمس ورفاقه في شارع الغابة، يحلمون فقط بأن توفر لهم الحكومة بيئة صالحة.. قطعة أرض صغيرة في بلدهم.. فقط «200 متر مربع» من جملة المليون ميل مربع..!!
* بالله عليكم.. ما الذي يمنع تحقيق هذا الحلم؟.. حلم أن يشعر الإنسان بأنه يمتلك وطنا يحبه ويدافع عنه ويموت في سبيله ويتمسك بوحدته..!!
* ان كان تحقيق هذا الحلم مستحيلا.. فلا عتاب عليهم عندما ينشدون مع المنشد.. «ان كان ذا وطنا ويمنعني الهواء... لم الوطن..؟؟؟»