مقامات التوحد و العشق ... شعر

مقامات التوحد و العشق ... شعر
في ذكري رحيل الشاعر د. محمد عبد الحي

مقام المبتدأ :

من أين يأتى كل هذا الموت ؟(1)
كل الذين أحبهم ماتوا ... !
شكراً لهذا الموت يأتي صامتاً
و حين يزورنى يمد مصافحاً يده
و يقول لي :
يا صوت من كانوا هنا بالأ مس
يبتسمون ... يقرأون الشعر
يتشحون بالصمت المكابر و العناد
لكنهم مروا علي هذا الصراط
ألا لعن اللّه الحكومات\ العساكر والخراب

مقام الرؤيا :

هو الحلم أم هى الرؤيا ؟
تدخل منعرجات الروح تدمي البصيرة
تغرس في الجسد المتعب موتك
تسقط من صمتك الطويل قناعاته
تمحو من الذاكرة الفتها الحميمه
و من مفردات اللغة الحضور الأنيق

مقام الفراغ :أنت الآن متسعاً في بهائك الأبدي
تطلي سكوننا بشبق الرغبة المشتعل
تضفي علي ممراتنا الضيقة نكهتك الخلاسية
ترتب أحلامنا قبل الرحيل الاخير
لكنها الفراغات الممدة تربت علي أكتافنا
تدق علي الذاكرة في سباتها الاسطوري

مقام العشق :

حين تحرق الإجابات بنار السؤال
من الذاكرات \ الغياب تشع المعاني
أنت الآن متكئاً علي بهائك الابدي
تكتب تاريخنا الآتي من شرنقات الهوية
أفرغتنا إذ كتبت من كل عرانا ...
و حين تجليت خلف حروفك الساجدات
عرجت بنا إلي الهزيع الأخير من المفردات
علمتنا سر من عادوا إلي ذاتهم (2)
علمتنا أن نري اللّه في زمن الخوف (3)
إله يتجلي في حديقة الورد الأخير (4)

مقام التوحد :

عشقتنا إذ مددت جسورك الزرقاء
كي نعبر إلي هـويتنا \ إلي ذات الهـوية
و كنت قرباننا المصلوب في رؤيا الملك (5)
تحمل عنا وزر خطايانا العتـيقة
فهل نستحق غفرانك أيها القديس؟
أم ستغفر حين تري سنار في دمنا الشهيد
تعانق دمك المهدور بين قبائل السلطان؟

مقام التماهي :

إذهب حيثما شئت بعيداً ... فبعيداً
ثم غني للسمندل آخر الألحان (6)
و توج حزنك الأبدي سدرة للشعر
نحن عانقناك في الرؤيا كثيراً
و تماهينا كثيراً ... ثم فضّنا
و بكيـنا كثيراً ... ثم تهـنا
في الغيابات البعيدة يا محمد .


إشارات :

(1) مقطع شعري من قصيدة
للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي
من (2) الي (6) أسماء لأعمال
شعرية و مسرحية لمحمد عبد الحي
(2) إشارة لديوان العودة الي سنار
(3) اللّه في زمن الخوف
(4) حديقة الورد الآخير
(5) رؤيا الملك
(6) السمندل