العلمانية الغربية.. الدين الكاذب

العلمانية الغربية.. الدين الكاذب


02-09-2006, 05:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1139461066&rn=0


Post: #1
Title: العلمانية الغربية.. الدين الكاذب
Author: Hamid Ali
Date: 02-09-2006, 05:57 AM

لعل الغرب ما زال ينظر إلى الشرق، ولأكون أدق تعبيرا، ينظر إلى العالم الإسلامي من خلال نظريته العلمانية التي تبلورت خلال عهد النهضة الصناعية في أوربا والذي صاحب الحرب ضد الكنيسة والتحرر من قيودها التي عطلت حركة الإنتاج والتقدم العلمي في أوربا ردحا من الزمان عرفت بالعصور المظلمة في التاريخ الأوربي.
ولعل من المؤسف حقا، لحضارة بلغت هذا الشأن من التقدم والرقي، أن تنظر إلي مثيلاتها من حضارات العالم من زاويتها الخاصة فقط، وأن تعَمل معاييرها الخاصة في قياس تلك الحضارات ومدي التفاعل معها وتفاعل الحضارات الأخرى مع المستجدات العالمية التي طرأت مؤخرا.
الحضارة الغربية التي أوجدت العلمانية كنظرية سياسية هدفت لفصل الدين عن الدولة، وجعل الدين شأن خاص للأفراد، وتحجيم دوره في المجتمع. توصلت لهذه النظرية من خلال معاركها مع الديانة المسيحية التي كانت تمثل الكنائس قمة قيادتها، ورغماً عن اختلاف المذاهب المسيحية في كثير من دول أوربا، إلا أن الهيمنة الكنسية كانت متشابه في كثير من تلك الدول، مما أدى لتوحد الثورة عليها.
ولكن هذا التوحد فشل في وضع منهج موحد للعلمانية ونظرية واحدة ذات أسس متماثلة تطبق في كل الدول الأوربية، لهذا تبعثرت العلمانية الغربية، تمام كاختلاف المذاهب الدينية التي كانت سائدة وما زالت في تلك الدول.
ورغم عن هذا لم يلتفت المنظر الغربي، لبذل مجهود في توحيد أسس النظرية العلمانية الغربية، وأُكتفي فقط بشعار العلمانية البراق "فصل الدين عن الدولة"، دونما تحديد لأسس ومدي هذا الفصل، ودونما تعريف دقيق لعملية الفصل نفسها، ولعل هذا من أكبر عيوب التنظير الغربي، والمتمثل في إطلاق الشعارات والنظريات دون تعريف مصطلحاتها وتركها للمفسرين كل حسب هواه، وربما يكون هو نوع من الذكاء في إتاحة الفرصة للهرب من التفاسير الضيقة التي تعيق التطور، أو تمحور الموضوع حسب الزمن الخاص به.
ورغم الزمن الكبير الذي مضى على العلمانية الغربية، ورغم صراعها من علمانيات أخرى سادت العالم في فترات مختلفة، تمثلت أهمها في النظرية الشيوعية، والتطرف النازي الذي اجتاح بعض دول أوربا، إلا أن النظرية العلمانية الغربية رغم تفوقها على هذه النظريات العلمانية الأخرى، لم تستطع أن تحمي نفسها من الأديان الزاحفة عليها من داخل دارها أولاً، ومن حدودها مع العالم الإسلامي.
ولعل أكبر الإخطاء التي أقدمت عليها النظرية العلمانية الغربية، هي تحولها إلى دين، رغم شعارها البراق بفصل الدين عن الدولة، ويمكن إضافة عيب أخر تمثل في استغلال بعض المتدينين للعلمانية لتوجيهها في حربهم المقدسة ضد ديانات أخرى.
والكل يعلم أن قيام دولة إسرائيل لم يكون إلا فكرة دينية، عمل لها متطرفي الديانة اليهودية، وروجوا لها من خلال دعايتهم الدينية، وأستطاع اليهود استغلال العلمانية الغربية لتحقيق هذه الدعوة الدينية، وما نراه اليوم يحدث لتثبيت الكيان اليهودي في فلسطين، ينطلق من الدين كسند أساسي للفكرة الرئيسية لدولتهم.
والحرب المزعومة ضد الإرهاب الإسلامي أيضا، هي تدخل سافر للمتطرفين وإستغلال للعلمانية لتحقيق مكاسب دينية ودنيوية أيضا، ولعل أبلغ دليل على ذلك هي الدعوة الفطرية التي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج بوش عشية أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما قال: " أنها سوف تكون حرب صليبية أخرى". ورغماً عن محاولة الدبلوماسية الأمريكية تبرير هذا الحديث والدعوة لتجاهله، إلا أنه كان دليل على التعصب المسيحي للرئيس الأمريكي، وعلى تورط الدين واستغلاله لأكبر علمانية عالمية في حرب دينية.
ويمضي الأمر إلى أكبر من ذلك، بأن تتحول العلمانية كما ذكرت سالفا لدين، يمكن أن يكون بديل أو سند للدين الأصلي المخفي وراء ستار العلمانية، ورغما عن عدم مقدرة العلمانية الغربية على توحيد مصطلحاتها، إلا أن الأزمة الحالية لتلك الرسوم المسيئة للمصطفي صلى الله عليه وسلم، كشفت مقدار الخدعة التي تعرض لها الغرب، بأن استبدل ديناً مكان دين، ولعل الأمر يتضح عند محاولة تبرير هذه الفعلة المسيئة لأكبر دين في العالم، بحرية التعبير والرأي، وهي خدعة تبين في جلاء أن العلمانية الغربية وضعت مبادئ أساسية أصبحت كقواعد دينية لا يمكن أن تتغير وإن أغضبت أكثر من نصف العالم.
ولكن جوهر العلمانية في البحث العلمي الذي لا يعتمد إلا على الحقيقة المادية، وتهتز لديه كل القواعد الثابتة، بل هذا ما احتقرته العلمانية في الأديان بحكم جمودها وعدم تطورها، وتقع الآن في نفس ما اعتبرته عيبا على الدين، ولكن الحقيقة أنها هي الأخرى أصبحت دين يشابه تلك الأديان التي كانت تحاربها.
ولم يكن من المدهش أيضا، أن نرى الدهشة لدى الإعلام الغربي الذي إستنكر إستنكار المسلمين في كل العالم لتلك الرسوم المشينة، وإصراره على أن الأديان خاضعة للنقد، وإن كانت الكلمة الصحيحة هي السخرية. عدم دهشتي نابعة من قناعتي بأن العلمانيين الغربيين لم يعرفوا الديانة الإسلامية وتعاملوا معها تماما كما تعاملوا مع كنائسهم في الماضي. الحكم المطلق على الأشياء يؤدي إلى نهائيات خاطئة، فالدين بالنسبة للمسلمين لا ينفصل عن الحياة مهما حدث، بل هو أساس الحياة، وإن أختلف المسلمين في شكل ممارسة هذا الدين وتعامله مع الحياة سوا كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، إلا أنهم لا يفصلونه فصلا تاما ويبترونه عن حياتهم كما فعل الغرب، والأزمة الأخيرة كانت أكبر دليل على ذلك.
ولعلي لا أريد أن أستزيد كثيرا في تفاصيل الدين الإسلامي ومعالجاته للحياة، لأن هذا موضوع أخر له أهله، ولكن ما أريد أن أقوله هو أن العلمانية الغربية تعاملت تماما مع الدين الإسلامي كما تعاملت النظرية الشيوعية في حكمها المطلق على الأديان، ولعل عدم مقدرة فهم العلمانيين الغربيين والشيوعيين في تلك الفترة لمكنون الدين الإسلامي، وللتفريق بين الممارسة الخاطئة من بعض المحسوبين عليه وجوهر الدين، قد أدت بهم إلى هذا الفهم الناقص.
لهذا فشلت الشيوعية وسقطت أولاً في الدول الإسلامية قبل أن تسقطها الدول العلمانية الغربية وأمريكا، ولهذا أيضا تواجه العلمانية الغربية محنة كبرى في علاقاتها مع العالم الإسلامي وعدم قدرة تلك العلاقة على التطور والنمو.
أضف إلى ذلك بعدا أخر ساهم في الصراع الدائر بين الغرب وأمريكا والعالم الإسلامي، ولعلي أكون أكثر دقة إذا قلت بين الغرب وأمريكا مجتمعين وبقية العالم. وتمثل هذا البعد في تضارب المفاهيم وتناقضها لكثير من المصطلحات التي تحكم العالم العلماني، وأكبر هذه المفاهيم، مفهوم الديمقراطية.
لقد عجزت العلمانية الغربية أن تقدم مفهوم سامي للعالم عن الديمقراطية، بل أنها حاربت دون حياء مفاهيمها الخاصة عندما انتهجتها مجتمعات أخرى، ولعل أحداث الجزائر، وإيران وما يحدث الآن في فلسطين بعد فوز حركة حماس يوضح هذا البعد المخيف لتضارب وتداخل المفاهيم في تلك العلمانية.
إذا تبدو صورة هذا الصراع مضطربة كثير كلما حاولنا الاقتراب منها أكثر، وقد نتمكن من أن نرى بشي من الوضوح ذلك النصيب الظاهر للمصالح الخاصة التي تحرك هذا الصراع، هذه المصالح قد تكون مادية أو دينية، ولكنها بحد علمي لا تكون غيرهما، ففي العصور الوسطى في أوربا ساد الإقطاع وهيمنت فئة قليلة من السكان على الثروة، وعندما ثارت أوربا عليهم وعلى الدين الذي كان يدعمهم ويعيق طريق الثوار، هيمنت الثورة الصناعية والرأسمالية على العالم وأسست لها دينها الجديد، ولكن هذه الرأسمالية تسير الآن بخطى جادة نحو الإقطاعية الحديثة التي جعلت أيضا فئة قليلة تتحكم بالثروة، ولكنها في هذه المرة ليست ثروة أوربا، بل ثروة العالم أجمع.
والدين قد يصبح عائقا أخر نحو هذه الثروة...

Post: #2
Title: Re: العلمانية الغربية.. الدين الكاذب
Author: القلب النابض
Date: 02-11-2006, 09:15 PM
Parent: #1

يستحق القرأة

فوق

Post: #3
Title: Re: العلمانية الغربية.. الدين الكاذب
Author: Hamid Ali
Date: 02-16-2006, 05:02 AM
Parent: #2

أخي القلب النابض ... شكرا على رفع البوست... هكذا هي القلوب المتفتحة والنابضة.