كمال إتكشى غباء وسذاجة

كمال أحد أقربائنا السذج ، أتى لهذا البلد بتاشيرة عمرة ، وكان
كغيره من المغتربين ينشد تصحيح وضعه ومساعدة أهله وتحقيق احلامه
وبالطبع فوجىء بالواقع المرير من عدم وجود العمل المناسب والإضطرار
للإختباء فى بيوت العزابة حتى لا يتعرض للكشة ، وقد ضاق ذرعا من هذا
الوضع المرير الذى وضع فيه نفسه ، حتى أتاه الفرج الذى ينشده ، فقد
وجد له أقرباؤه عمل مناسب فى مدينة الرياض ، ورتبوا موضوع دخوله الى
الرياض البعيدة جدا عن جده والمحظور على الحجاج والمعتمرين دخولها
باعتبارها عاصمة المملكة ومقر الحكومة الرسمى والنظيفة من جميع فئات
المتخلفين والعطالة ،

فقد حجزوا له على الطائرة فى الرحلة رقم 313 التى تغادر جدة فى تمام الساعة
السادسة مساء ، وجاء بمعية شخص سعودى يعد من اصدقاء أقرباء كمال ، أتى
معه الى المطار وأخذ جوازه وتذكرته ، وحيث أن الرجل يعرف موظفى الخطوط
ورجال الأمن فى البوابة فقد قدم الجواز والتذكرة لموظف الخطوط وأخذ كرت صعود
الطائرة نيابة عن كمال ، وذهب معه الى بوابة الأمن المؤدية لصالة السفر
ومرّ بأمان دون سؤال أو تحقيق ، وإطمأن الرجل الى دخول كمال الصالة ، حيث لم يبق
إلا أن يصعد كمال الى الطائرة بالكرت الذى فى معيته ، فودعه الرجل وانصرف ،

وكان فى نفس الوقت ينتظره أقرباؤه فى مطار الرياض بعد أن أكد لهم الرجل
بالموبايل أن كمال قد دخل الصالة بأمان وإجتاز كل العقبات المانعة لسفره
ولا توجد أى ضوابط ولا أسئلة للواصلين الى مطار الرياض فى الرحلات الداخلية ،
وهنالك كان أقرباؤه على أهبة الإستعداد لملاقاته والفرحة به خصوصا شقيقته الصغرى
وزوجها وابناء عمومته وقد رتبوا أمر عمله وسكنه وخلافه.

فجأة وجد كمال نفسه فى صالة السفر الفارهة فى انتظار إعلان الركاب للتوجه
إلى الطائرة ، وبالطبع سيصعد بالكرت الذى فى معيته وفرح بذلك الأمر فرحا شديدا
فقد تمم الله مقاصده وأخرج علبه السجائر ينفث منها دخان سجارته ويطالع فى الوجوه
الجديدة من حوله ، وكان الجالس الى جانبه فى الصالة شاب سعودى طلق المحيا هادئا
وديعا فدار بينهما الحوار التالى:

السعودى : كيف حالك؟ الأخ سودانى؟
كمال : أهلا وسهلا ، نعم أنا سودانى
السعودى: ونعم بأخواننا السودانيين . إنت شغال فى الرياض؟؟
كمال: لا والله ، أنا أول مرة أمشى الرياض
السعودى : حياك الله ، بلدك ومطرحك ، يعنى جاى زيارة؟؟؟
كمال: (بكل الصدق والسذاجة) ، لا والله جاى عمرة ، بس جماعتنا رتبوا لى شغل هناك
السعودى: الحين إنت جاى عمرة ورايح الرياض
كمال: نعم ، جدة صعبة ما فيها شغل لى ناس العمرة
السعودى: أستأذنك يا أخ ، فرصة طيبة

وحدثت الطامة الكبرى ، ففى لحظات وجد كمال من يقول له ، ممكن جوازك؟
واقتيد الى غرفة للتحقيق ، ثم من هنالك مباشرة الى سجن الترحيل ثم الباخرة
ثم وجد نفسه بعد يومين هائماً فى شوارع بورتسودان يبحث عن ثمن البص الذى
يقله الى الخرطوم ، فكانت أغبى كشة أراها فى حياتى

لله درك يا كمال

يازول

والله دي قصة جد حزينة

لكن ادعو الله ان يعوضه عنها خيرا

فربما تكون له فاتحة خير لعمل في السودان

تسلم يا حيدر ودى مسألة بتاعت قضاء وقدر وشىء مكتوب ، لكن كان ممكن
يطنش الراجل وما يديه تفاصيل

كمال الآن فى السودان وشغال كويس ، بس أنا مغيوظ من سوء التصرف

تسلم يا الحبيب

الطيبة الزايدة عن الحد تعد من أكبر مشاكل السودانيين وقد
عرف البعض كيف يستغلها