إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم

إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم


01-25-2006, 07:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1138215400&rn=0


Post: #1
Title: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: atbarawi
Date: 01-25-2006, 07:56 PM

كم من الأصدقاء الخلّص قد تبقى حتى تباغتنا هكذا بالرحيل؟ لا تقول أنها ساعة الوداع قد أزفت ولم يكن من الأمر بد؟ أنت وحدك تعلم أن ذلك فوق الاحتمال0 ثم كيف يهون عليك أن تقذف بكل هذه الأحزان في جوف من أحبوك؟ انت تعلم أنه لم يعد للأحزان متسع0 فعذاب المنافي وغربة الوطن امتصتا كل رحيق أيامنا وباتت الذكريات هي الأغنية التي لا نمل سماعها0
سبعة أعوام من الفراق القسري بين الأصدقاء ثم تجود علي بمكالمة هاتفية ننفض فيها ركام أحزان الزمن وتورق فيها ذكريات أيام الصبا، ثم تترجل هكذا دون حتى "قولة مع السلامة"!0 لست بلائم يا صديقي0 فمن أدمنوا سرقة ربيع أيامنا مقابل حفنة من الريالات لن يصعب عليهم سرقتها بالكامل مقابل لحظة نزق يرون به عطشهم في مخالفة النظام والتحضر 0 وعلى هذا هم جبلوا 0 ولكن 00وآآه من لكن، لم أظن للحظة أنك ستكون ضحية مثل هذا النوع من النزق والجنون البدوي0
من فعلها يا صديقي لا يعلم فداحة فعلته0 فقد تعلموا أن أرواح الأجانب رخيصة0 ليته علم ولو للحظة أنه قتل الفرح المشع 0 ليته يعلم كم من الأيتام خلفت وراك؟ لو كان يعلم هذا المعتوه إن هناك – في مملكة العبيد- أماً قلبها مستودع لكل مخزون الطيبة والنقاء، وكل تسامح العالم لما تجرأ أن يحيل قلبها حطاماًُ وبقعة سديمية تتشابح فيها الكوابيس ويتواتر فيها السواد0
لو صادف هذا المعتوه ضحكتك الباذخة من قبل ، لراجع نفسه ألف مرة قبل أن يصادر حياتك0 لو علم أنها مجدولة من خيوط المحبة والوفاء لانتحر مليون مرة بعد فعلته الآثمة هذي0 أنه يا صديقي لا يعلم أنها ضحكة تبعث العافية في أوصال الأحزان وارواح من "تناددت" أيامهم بأيامك، وأفراحهم بأفراحك، وأحزانهم بأحزانك0 أنى له أن يعرف أن مثل هذه الضحكة الباذخة بشهقتها المميزة كانت حصناً منيعاً ضد الفقر والفاقة ومنافذ الأمل المسدودة؟ أنى له أن يعرف أنها كانت البلسم في كل لحظات التيه وصخب الحياة والشباب الذي تقاسمناه ضحكة بضحكة ولعنة بلعنة؟ آثاره هناك موزعة ما بين شوارع الموردة وأزقة زقلونا وشوارع الديم، ومنعرجات حي الجامعة بجدة، حيث كان بداية مشوارك النضد في رفع المعاناة عن كاهل من أرضعوك المحبة والوفاء والتقلب على الفاقه بالصبر الجميل0
ها انت يا صديقي ، رغم كل هذا وذاك ، تمضي وتتركني في محنة0 شهران ونيف من غيابك وأنا ما زلت أسعى جاهداً لأحمل سماعة الهاتف لأعزي فيك، فأرتد خائباً على أعقابي وتبدو الكلمات تافهة لا معنى لها إذا فقدك الفادح0 سألت أمي عبر الهاتف : كيف حال "مريم ختم"؟ فأجابتني بأسى: إنها في حالة يرثى لها ، مذهولة من هول غيابك، ترد في أسى وشرود على من يواسونها بأنها فقدت بغيابك العين المبصرة واليد الناجزة والحيل البشد!0 إذن كيف للكلمات مهما أجزلت في المعاني أن تلطف خبر غيابك؟

سبعة أعوام كاملة يا صديقي منذ استضافتك لي بالرياض والخرج واحتفائك الذي لا ينسى، ثم ذلك الفراق الطويل في لجة المنافي وتعقيدات الظروف ،فإذا بك تدفع لي برقم هاتفك عبر صديق لم يتردد في تمريره لي0 هل كنت تشعر وقتها بقرب الرحيل؟ هل كنت تدري أنها ربما تكون التلويحة الأخيرة في محطات الغياب السرمدي؟ هل تراني التقطت إشارتك بحاسة الصداقة السادسة والعاشرة وربما المليون؟ ما زلت في دهشة من أمري ، لماذا عجلت بالاتصال فور استلامي لرقم هاتفك؟ فبعض من العدمية واللا مبالاة تسربا عميقا في سلوكي ، وباتت استجابتي حتى للمصادفات السعيدة تأخذ منحاً متثاقلاً!!0 00 إذن لم تفارقني حساسيتي في التقاط إشارات أصدقاء الروح0 ولكن يا صديقي لا أخفيك سرا، فقد كنت مهموماً في كيفية العثور على رموز واشارات تحرك كل كوامن الشوق وتذيب جليد الغياب وتخرج لسانها هزواً لسبعة أعوام من لعنة المنافي0 وحدها هي لغة أصدقاء الصبا بكل "خستكتها" وبرموزها الهجينة من طينة الطفولة ونزق الشباب قادرة على تفجير كوامن الذكريات وينابيع المحبة0
00نقرت بتتابع على أرقام هاتفك فجاءني صوتك عميقا دافئا عبر الأثر:
ألو منو معاي؟
ترددت فجأة ثم أجبتك بعفوية: أزيك يا "ضلو"000 انطلقت منك ضحكة ماجنة ، صاخبة اخترقت السنين والأمكنة00 استغرقت منك مدة من الزمن حتى تتحكم فيها وتختمها بتلك الشهقة المميزة، ثم أردفت : كيفك يا "للي" أصلك ما بتخلي "تف000 دي" 00والله زمن، وينك يا زول00؟
كيفك انت يا عمر؟ أخبارك شنو؟ ليك وحشة والله؟
والله تمام 000أهو زي ما خليتنا قبل سبعة سنين 0000000
كانت ساعة أو أزيد من التداعي الندي ، ذلك الذي يغسل الروح ويضفي على الحياة معنى0
هل تذكر عتابك المازح، بأني لم أذكر الأصدقاء في ذكرياتي عن عطبرة؟ قلت لك وقتها أن ذكريات الأصدقاء مكانها القلب والروح، وتلك اللحظات الحية التي يمنحها التواصل حين تصفو الحياة0
سألتك عن جعفر سلكة ، فيصل، إبراهيم الفيل ، ووعدتني بأن تبعث لي بأرقام هواتفهم حين أوافيك باتصال لاحق خلال أسبوع من هذه المكالمة0 ترى من أخلف الوعد؟ لا أظنك أنت0 فربما أنا الذي لم يكن يقدر سرعة الموت0 كيف هم الآن في غيابك؟ لا شك عندي في انهم يعانون مرارة اليتم ومساخ الدنيا وبلاهة المقادير0

لم يكن للمهاتفة أن تنتهي دون أن نتطرق للضلع الثالث في مثلث الذكريات، صديقنا اللدود "أبولهب" ومكايداته التي لا تنتهي0 لقد ذكّرتك ضاحكاً عن قدرته الفذة في إخراجك من طوعك وتكثيف كل مكنون حماقاتك0 أخبرتك كيف كان وجودكما في مصر إبان مرحلة الدراسة الجامعية مبعثا على قلقي، لعلمي بأن هناك تاريخا مشتركاً بات بينكما ولا قبل لي بخستكاته0 كنت أخشى حضوركما –معا- في الإجازة ، ولذلك كنت احتاط بتحصينات دفاعية قوام إستراتيجيتها هو الإيقاع بينكم0 ولكم نجحت في ذلك يا صديقي0 كانت له شهوة لا تقاوم في "عكننتك"، وهنا كانت نقطة ضعف تحالفكما0 أخبرتك أنه من سوء حظك أنك عندما وفدت إلى مصر فقد كان ذلك بعد استقراره هناك بزمن، مما جعلك تبدو "برلوماً" وتحت رحمة أستاذيته!0 كان فناناً في تحوير كل القفشات الصعيدية و مفارقات الطلبة الجدد وإلصاقها بك0 ولكم نجحت مراراً في فض تحالفكم بمجرد وصول قطار "حلفا" إلى محطة عطبرة حين أكون بانتظاركم وينتهي المشوار بخناقة محببة تجعلني أسيطر على الموقف تماماً والى حين انتهاء اجازتكما0
أخبرتك بأني ما زلت استحضر تلك القصة التي أخرجتك من طورك يومها وبشكل غير عادي0 ما زلت أضحك من كل قلبي عندما أتذكرها0 الحق أنه كان بارعاً في "نجر" الحكاوي0000 رسلت صاحبك "البرلوم" ده يجيب لينا "كبكبيه" من بتاع البقالة التحت العمارة0 مشى عوج خشمه للراجل وقال ليه: لو سمحت عندك "اب آ بيه" ؟
00أيه ؟ أولت أيه؟
قلت ليك: عندك " أب آ بيه؟
يا عم وأنا مالي تبقى بيه ولا تبقى باشا!!!

ماذا تبقى من كل ذلك يا صديقي؟ لا شيء سوى مهاتفة يتيمة وبعض من وجع الروح ونواح القلب 0 ولكن ، هل عليّ أن اقنع بذلك وأقطع العشم في لقياك؟ لا0 لقد وعدتك قبل انتهاء المكالمة بأن نلتقي في عطبرة ، وها سأفعل، وستجدني "كالمعتاد" في انتظارك عند "آمنة الجاك" وقت العشاء، وستجد كالعادة "بنبرك" محجوزاً ،كما سأخبرها بأن تزيد زيت السمسم قليلاً في الفول لأنك تحب ذلك0 وسأعرج على كشك "ريسة" وسأطلب أثنين شاي لأنك حتماً ستأتي "خابي" قبل أن يبرد الشاي0 أرجوك لا تتأخر، فما زال هناك الكثير الذي لم يقال بعد0

عبد الخالق السر/ ملبورن

Post: #2
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: Adil Osman
Date: 01-25-2006, 09:16 PM
Parent: #1

الصدق وحده هو الذى يحرك غدد الدمع فى العيون. بكانى كلامك يا عطبراوى. بكيت.

حزنك حارق. وصادق. وفجيعتك فى موت صديقك "ثكليبة" حرّى. لها الطبول تقرع. والرماد يسود صفحات وجوه الحسان السودانيات. وعطبرة دخلت " بيت الحبس" كما عبّر المرحوم على المك حين وفاة المرحوم عبد العزيز محمد داوود. قال على المك " الخرطوم بحرى دخلت بيت الحبس". بحرى ترملت بعد ابى داوود. وعطبرتك سوف تفعل بعد رحيل ولد مريم ختم، تلك العطبراوية الشامخة فى الفرح والشامخة فى الحزن وفى فقد الابناء.

Post: #3
Title: وجع
Author: mohmmed said ahmed
Date: 01-25-2006, 11:43 PM
Parent: #1

اخى فى الحزن عبد الخالق
وجع الروح ونواح القلب

هذا ما تبقى لنا

رحل صديقى محمد قبل اسبوع

ادعو صديقك ان يؤنس صديقى

Post: #4
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: alfazia3
Date: 01-26-2006, 03:28 AM
Parent: #1

عبد الخالق
البركة فيكم .....
كداري

Post: #5
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: atbarawi
Date: 01-26-2006, 08:28 PM
Parent: #4

الاخ عادل عثمان
شكرا علىالمواساه0 فتلك يا صديقي بعض من أحزات بحجم الحزن ان كان للحزن حجم0

العزيز محمد سيد احمد
تعازي موصولة لشخصك0 لهما الرحمة يا صديقي ولنا الصبر الجميل0

كداري
سلامات
الفقد واحد يا صديقي وكلنا في هذا المصاب حزنا اليما0

لعمر عبد العزيز علي السيد الرحمة والمغفرة وليسكنه الله فسيح جناته ويلهمنا وآله الصبر وحزن العزاء0
محبتي
عبد الخالق

Post: #6
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: mansur ali
Date: 01-27-2006, 08:57 AM
Parent: #5

Quote: بكانى كلامك يا عطبراوى. بكيت.


أهى "طقوس الخسارات والفقدان" ، تلك التى تدخلنا فى هذا "التواشج الوجدانى" ؟

إذاً :

Quote: قفا نبكِ
مثنى
وثلاثاً
ورباعاً
حتى يهدينا الدمع الى حوزته
ولأني في العتمة بادية
كوني لي ناراً يا نارُ
كي أنجو من عتمة روحي
وأعود لتسكنني الدارُ*



* الشاعر الكردى أديب حسن محمد

Post: #7
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: عشة بت فاطنة
Date: 01-27-2006, 12:09 PM
Parent: #6

ربنا يصبرك ، انها سنوات الرحيل

Post: #8
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: atbarawi
Date: 01-28-2006, 00:16 AM
Parent: #7

منصور والاستاذة عائشة
سلامي ومحبتي
شكرا على المواساه0
وكما قالت عائشة ،بحق، يبدو انه زمن الرحيل0
سلامي

Post: #9
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: shatat
Date: 01-28-2006, 11:39 AM
Parent: #1

انـا لـلـه وانا اليه راجعـون.

الـلـهم أغفر له وأرحمه ، وأنت الغفور الرحيم
الـلـهم أدخله فسيح جناتك ، وأنت السميع المجيب.

لأسرته وأهله وأصدقائه وزملائه خالص العـزاء.

........................

الأخ العزيز عبدالخالق...عطبراوي

...........صـــادق المواســـاة.

أخوك : نورالدين

Post: #10
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: atbarawi
Date: 01-29-2006, 01:42 AM
Parent: #9

نور الدين الجميل

شكرا على المواساة0 ولا اراك الله مكروها في حبيب0
زمن يا صديقي منك؟ اين انت؟ واخبارك شنو؟

محبتي
عبد الخالق

Post: #11
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: shatat
Date: 01-29-2006, 12:34 PM
Parent: #1

العزيز عبدالخالق

..هناك رساله لشخصك الكريم من طرف الاخ جعفر عوض
في بوست يحمل تاريخ الامس وعنوانه:الي ATBARAWI
لكاتبه الاخ عبدالقادر علي عبد الرحيم.
...أرجو أن تكون قد اضطلعت عليه.

................

أرجو أن تمدني بعنوانك البريدي..مع فائق تقديري
واحترامي.

NOORY75@ HOTMAIL.COM

خالص الود أخي العزيز.....

أخوك
نورالدين

Post: #12
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: atbarawi
Date: 01-29-2006, 01:19 PM
Parent: #11

العزيز نور الدين
كل ما طلبته موجود على ايميلك
في انتظارك

عبد الخالق

Post: #13
Title: Re: إلى عمر "الجزار" متوسداً ضحكته في السديم
Author: صلاح الدين عبدالله محمد
Date: 02-04-2006, 03:50 AM
Parent: #12

اخى/عبدهالخالق
هذا البوست رايته امامى منذ عده ايام واقف عاجزا عن التعبير لاقول كلمه فى حق الراحل غير(اللهم ارحمه واغفر له وتقبله مع الصديقين والشهداء)واللهم اعطى رفيق دربه ابراهيم مصطفى(الفيل) الصحه والعافيه واقول لرفائه فى تلك الرحله الى بيت الله فيصل ومحمد الف حمدالله على السلامه
حقيقه تجول فى خاطرى كثير من الصور عنه بعطبره ضاحكا مازحا وهى من شيمه /وقفته فى باب منزلهم تحت النيمه الكبيره/ مدرسه نهرعطبرة المتوسطه/دافورى ميدان الكنيسه/دافورى ميدان على ود سليمان/مسطبه نادى الهدف/اسماء حوله جعفر سلكه/ ودالسايح/ فيصل /الطوافى/شلوفه/اسماء كثيره من ضمنهم اشقائه عادل وعصام واخرون/ديوانهم ديوان كل شباب الحى/وكثير من الاشياء والمشاهد الغير مرتبه/الرياض منزله العامر بالملز/وتلفونات كثيرة مازال صدى صوته يرن فى اذنى.


الهم ارحمه وصبر اهله