دعوة للموت .. نص

قال ميت لميت استفيق قليلاً فأنا ادخرك لصمت أجمل

(إذن) أنا ميت الآن ، هذا الإهتزاز ناتجاً عن حملي، أنا محمولاً على الرؤوس ،
هواء هذا الطريق وهذا الطريق أعرفة ، طريق المقابر ، المهرجان من حولي
شهدته من قبل ، الأيادي التي ترفعني ذات الأيادي التي أودعت موتى قبلي ،
(نعم) أنا ميت ،، آآآخ يداي لا تتحركان، أرجلي كذلك ، مفاصلي جميعها
تجمدت بفعل الموت ، لكني ، ياللغرابة ، ارى باذناي ، أرى بهما وأسمع،
أسمع بلاحدود ، اسمع تفكير من حولي ، سأصغي أذني من أكثرهم حزناً ؟ ،
النحيب الجاف صادر من صديقي أمير ، لو لساني تحرك وأحكي له ، سيفتقدني ،
تركته حافة الليل ، كعادته نائما يأكل اصابعه ، تركته اترنح بفعل الإفراط ،
ذاكرتي صارخة ، اذكر كل التفاصيل دون أجهاد ، دون اشعال ذاكرتي ، كنت في
حياتي أفقد ذاكرتي طرف الليل الثاني ، ذاكرتي صاخبة كمهرجان ، أذكر انه
- امير - أصر عليً أن استقبل شمس الساحل الآخر من الليل على بيتهم ، قلت
له لا تنزعج ، أنا لا أموت لاني أفتح صدري للرصاص ، من يعد للموت لا يموت ،
تمّ موتي بعد خروجي منه ، تركته تحت شجرته مرتع الناموس التي نتبادل عليها
الكوؤس ، هي الشاحنة الزرقاء ، أذكرها -جيداً- على متنها فراغ وعلى ظهرها
اعلان تجاري ، أحس بثقل في راسي ( ربما بسبب الإفراط في الحياة والخروج منها
بغتة ، بغتة دون إعداد) ، او لأنني دخلت في غيبوبة أثر سحق عجل الشاحنة
لصدري ، الحياة تدخل أفرادها في غيبوبة ، الموت يدعو الذاكرة للحضور ،
اسمع أصوات قديمة ، سمعي يتجاوز إدراكي ، اسمع صوت خالد ، خالد
مات قبلي باربعة اعوام ،قال والده خاد مات لأنه كان جميلاً ،يعدالآن لحضوري لي احتفالاً ،
آه لو يدفننونني جواره ، هؤلاء الأحياء كسالى ،آآخ لو يسرعون !!!
اشتاق لخالد .مات مثلي اثر حادث ، كنت اسميه
:حديقة ، حينما يضحك تنبت ازهار على جنبات وجهه ، ضحكته صارت اكثر صخباً ،
أو قد يكون سمعي هو الأكثر صحواً !!!
أخيراً وصلنا الي قبري ، وضعوني على شفا قبري ، أرسلت سمعي لقبرى يرى
تضاريسه ، قبري لا غبار عليه ، لو يتركون صلاة الموت هذه،، تصيبني
بالملل ،، لا أعلم معني اصرارهم ايداعي بجهتي اليمنى ، جنبي الأيمن
مازال يؤلمني بفعل الحادث .. لو يتركوني على يساري ؟؟!! ، أسمع صوت
خالد الآن من تحتي ، يسمع ذبذبات عقلي : يقول دعهم يودعوك كما يشتهوا
فستختار الجهة التي تشتهي حين رحيلهم ، هذه الأحجار الطينية التي
يغطونني بها تجلعني أكاد انتفض ، اعلم من صنعوها ، تبقت فتحة صغيرة
لآخر حجر طيني ، سيوقفهم والدي قبل رميها ، كعادته مع الموتي ، سيرسل
نحوي نظرة مصحوبة بدمعة وسيشير لهم بطرف خفي من اصبعه بإغلاقها ،
مالهم كيف يدفنون ؟؟ ، مازالت الفتحة على حالها ، كاد لساني ان يتحرك ،
خالد أمامي ، يضع يده على فمه ، همس لي : لو نطقت سيعيدوك للحياة ،
سألته بعقلي ، وهل من خشية للعودة ، ضحك بإجمل من ضحكته في الحياة قال :
من يرتكب خطاءً هنا أو جريمه يعاقب بالعودة للحياة ، انا جديد على هذا
العالم ،كيف تكون الجريمة هنا؟ هل يقتل الميت ميت مثلاً ؟
أشتاق لهذا العالم المثير ، لكنهم لا يغطون الفتحة التي تبقت ولا ينصرفون ،
حدة ذاكرتي تؤلمني ، سيزروني كائناً جناحه من اقصى الشرق لاقصى الغرب ،
سيألني ما اسمك ، سيسألني ... يضحك خالد من تحتي ، أقرصه بسمعي ، يقول :
لاعليك لايسمعون ، دعهم يذهبون نفتح القبر على القبر ونحكي ، أقول له:
معي ثروة من الحكايات ، يقول: حياتكم مكشوفة لنا ، إن اردت أحكي
- انا- لك عنك ..
أخيرا أرى ظل حجر الطين نحو قبري ، أخيراً يتم دفني .
دفنوني
ومضوا

متوكل توم يناير 2005

عجيب هذا النص

Quote: كنت في حياتي أفقد ذاكرتي طرف الليل الثاني

والاعجب هذه الشطرة

ذكري تنفع المؤمنين.

الأخ نوبي ..
سلامات يا راجل يا قيافة،

شكراً ليك

الاستاذة اماني (الجندرية) ..
لم اذكر النص الذي تعنينه ، لكن ، وبالمناسبة،ابحث
عن اسم روائي ، يمني، عاش جزء من حياته- طفولته
وشبابه - في اثيوبيا وكتب عنها وفيها. لو لاقاك
ركن رف مركون ، احسني عليً بي اسمو، تؤجري..

تسلمي

الجندرية .. الخواض ..
تحياتي .. اعتذر على التأخير ..
نعم هو نفسه الذي أعنيه .
كنت املك أعماله الكاملة أثناءالتسعينات، والتي صدرت خلال الثمانينات،،
في أحد المواقع الاكترونية، كان الحديث جارياً حول الكتًاب العرب
وكان الحديث جارياً على حسب التدرج الجغرافي للدولة ،
وحينما مروا باليمن مروا كراماً .
،،
استاذة أماني ،
ياريت تحكي -كما سأل اسامة - عن نبش القبر ،،
وتداعيات ذلك

سلامات يا متوكل

استدعى نصك الجميل دا نص شعري للشاعر اليمني الجميل محمد حسين هيثم اسمه ( عبد العليم اذا مات ) نشرته في هذا البورد في سنوات خلت ، واضناني البحث لاعادة بثه ولم افلح
لك التقدير كله

على سبيل التحية (ياصديقي)!.

صديقنا متوكل توم
لعلك تقصد الكاتب اليمني المولد :
محمد عبد الولي
مؤسس السرد اليمني الحديث كله

فأمه أثيوبية وأبوه يمنى
ومات في حادث تفجير لطائرة يمنية

محبتي
المشاء

صباح الخير يا متوكل

هل تقصد محمد عبد الولي الذي حدثتنا عنه الخواض؟
ان كنت كذلك فاضيف على حديث الصديق الخواض ، ان روايته ( صنعاء مدينة مفتوحة ) صدر ضدها حكم ( تكفير ) وتم نبش الرجل من قبره ليكفروه ميتاً ، وصدورت الرواية من الاسواق ، بالرغم من انها كانت متدوالة لسنوات طويلة ؟!!!!!
سوف انشر نص عبد العليم في بوست منفصل ، ليلحظه اكبر عدد من القراء / القارئات ، والزوار / الزائرات. فوضعه في رد داخل البوست ربما يقلل فرص الاطلاع عليه .
مودتي وتقديري العميق

عزيزتي ايمان
سلام وكل عام وانت وتراث والعيال بخير
قلت عن محمد عبد الولي الآتي:

Quote: ان روايته ( صنعاء مدينة مفتوحة ) صدر ضدها حكم ( تكفير ) وتم نبش الرجل من قبره ليكفروه ميتاً

أرجو مزيدا من التوضيح
محبتي لك
هل صدر كتابك ؟
المشاء

البرنس ،
تكفي ابتسامك المريحة لدفن الهمً ومسح العرق ،،

الاعزاء اسامة الخواض ومتوكل

سلام

عبارة نبش من القبر دي مجازية يا اخوانا ، ما اقصده انه فعلاً تم تكفيره بعد موته بسنوات طويلة . فقد وقع عبد المجيد الزنداني ، ضمن 22 من علماء الدين في اليمن بيان طالبوا فيه بـ " محاسبة المسئولين عن نشر الكفر والترويج له والدعوة إليه وإحالتهم للقضاء "*
حدث هذا قبل عدة سنوات ، في عام 2000 تقريباً عندما اعادة جريدة ( الثقافة ) نشر حلقات من رواية صنعاء مدينة مفتوحة . وقاد الاسلامويين هجمة شرسة ضد رئيس تحرير الجريدة الصحفي سمير اليوسفي ، ناصره فيها وزير الثقافة انذاك الاستاذ عبد الرحمن الاكوع ورفض الانصياع لمطالب الاسلامويين بايقاف الصحيفة او احالها رئيس تحريرها للقضاء .
ثم اختفت رواية صنعاء مدينة مفتوحة من الاسواق ، وقد ظننت انها صدورت ، ولكن تبين لي الان انها اختفت فقط بسبب الاقبال عليها بعد هذه الاحداث .
واعتذر عن تسويق الخبر بشكل خاطي في البدء . كما اعتذر عن التأخر في الرد كل هذا الوقت فقد انشغلت بكل ملح باعداد اكثر من ورقة عمل لمؤتمر ، عدت بالامس فقط من المشاركة فيه

لكما محبتي وتقديري
ولكل زوار / زائرات البوست مودتي واسفي عن اللبس الذي اوقعتهم / ن فيه

سلامات يا متوكل،

Quote: قال ميت لميت استفيق قليلاً فأنا ادخرك لصمت أجمل

أمَّا ميِّت نصَّك فميِّت نقناق لا سبيل، فيما يبدو، لصمت معه لا أجمل ولا أقبح.

استهوتني حكايا مراقبة الدنيا من الضفة الأخرى للنهر منذ "البحث عن جسد" ليوسف السباعي، شُفْتَ بالله القُدُم دا؟! الراجل، يوسف السباعي مُشْ الراجل الباحث عن جسد، مات عام 1978 وما زلت أنا أشتهي اليوم الذي يتاح لي فيه مراقبة الدنيا من الضفة الأخرى للنهر وإن كُنت أخشى أن يحول ما نسمع عن مشاغل ذلك العالم دون ما أشتهي.

ثمَّ كانت الأفلام: من سيتي أوف أنجلز لنيكولاس كيج وميغ رايان، قوست لباتريك سوليز وديمي مور وإلى أفضلها: ذا سِكس سينس لبروس ويليز والشافع الما شافع نصاح هالي جويل أوزمنت...تعرف؟، ألذَّ حاجة إنَّك تكون ميِّت وتكون آخر من يعلم إنَّك ميِّت...رهرجة طن، كأنَّك عامل ميِّت.

ثمَّ كان أن حدَّثنا أسامة ود "ود أب دقل" عن ابيه قال إنَّهم قالوا لـ (مالو إسمو راح لي بالله): ياخي أعمل ليك عملا صالح في الدنيا دي يطرِّي واطات قبرك. قالوا قال ليهم: واطات قبري إن شاء الله دُرَّابة الجُمَار ما تمرق مِنَّها، مالي ومالو أنا قبري ما راقد هنااااك عنقريبي عاااالي وأرياحي ضاربة وساكوبيسي يهبهب...والحُفَّار؟...الحُفَّار عرقهم إتْخلَّت...

متى يكون لنا أن نحكي عمَّا نرى بعين من (أم هي ما) لا يعنيه ما يجري في جنة إبليس هذي. شُفْتَ؟، أهي دعوة نَصَّك آتت، على الأقل، جزءاً من أُكُلِها.

تحيَّاتي