الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر

الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر


01-11-2003, 02:34 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1042248865&rn=1


Post: #1
Title: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: osama elkhawad
Date: 01-11-2003, 02:34 AM
Parent: #0

(الرحيل )

إلى إبراهيم أحمد الحاج .. الفتى الطيب الذي قتله هاجس السؤال والرحيل

( أمام العربات تردد الرجال الطيبون
ولكن كان عليهم أن يرحلوا
إلى الأحياء والأموات .. الذين يغادرون الآن بلادنا الشاسعة السقوط ) ..

الرجال الطيبون ..
يتركون البلاد وراءهم مثل نهر الرماد
لا تنادي البيوت عليهم ،
لا تفك النوافذ أزرارها خلفهم ،
كي ترد لهم قبلةً في الهواء .
يرحل الطيبون
يجرجر وحلُ الخريف جلاليبهم وراءهم
وتطوي خيول الرياح الطريق الطويل ،
وتطوي الظلام القليل
الذي لفَّ أسماءهم ..
لقد آن أن يرحلوا
فبالأمس أخفى الظلام مصا ئده في البراري ونام
ويا ..... آهـ ، لم يكترث للشجر ، للمنازل
كيف تهرول بين المسالك
وكيف تبعثر قشرة طينها حولها
ثم تبكي عليه وراء الغمام .
وبالأمس لا شئ ..
لا شئ غير الشوارع المعتمة
والخرائب تنسج من صرخة البوم
ثوباً من النوم ..
لم يناموا قليلاً ، أولئك الطيبون
ولم تهدأ الريح منذ المساء
كأن نحيباً قتيلاً يميل وراء البيوت
كأن فتىً طيباً .. لملمتْ أخته عظمه
ثم غنَّتْ له ، فاستحال طيوراً
تموت انتحارها وراء البيوت .
لم يناموا ..
لهم غابة الليل تهمس ،
نادتْ بأسمائهم واحداً واحدا
ثم راحت تغسل أطرافها بالغناء الحزين ولون الغسق
ببطء الجنازات .. سار " التبلدي "
تحت جناح الغروب الأخير
ليقبع عند انحدار الطريق
ومنذ قليل تفتت صوت الرعاة البعيد رويداً
وحلّ السكون العميق ..
لقد آن أن يرحلوا
فالبنفسج اُفلتَ من بركة الدمع
ودقّ فضاء المساء بقهقهة عالية
والعذارى نسين الرسائل تحت الغبار
والمدى في الحقول الصغيرة كان يثرثر
والقمر يصغي .. ويبكي ،
فقد أرهقته سنين الوقوف
كأن الحياة انتظار .
لقد آن أن يرحلوا ..
فلم يبق غير العجائز في البلدة النائية
ساحرات يجدلن شعر الظلام على شجر " النيم "
ويقطفن بعض النجوم يقشرن أضواءها
ويبكين في الطرقات مع الليل .. والريح .. والعربات
ليلهم غامض ،
ليلهم كان يسقط فوق الرصيف
ويبكي ، وحيداً ، كطفلٍ صغير .
لقد آن أن يرحلوا ،
وحدهم ،
أن يريحوا على راحة الصمت أحزانهم ،
أن يسيروا فتسقط بعض الجراح التي
أثقلتْ حملهم ،
ويلقون السؤال :" لماذا؟" *
لماذا سيبكون آباءهم وحدهم ؟
لماذا تجف حكاياتهم في مصاطب تلك البيوت ؟
لماذا تنام حبيباتهم خلف بابٍ أصمٍ
يظل يرجع دقاتهم خلفهم ؟.
يرحل الطيبون بلا أصدقاء .
بلا عاشقاتٍ يطرزن أسماءهم في الغبار .
يرحلون ،
لأن الحبيبات هجرن النهار،
ودخلن ، قسراً ، زنازين الظلام .
لقد آن أن يرحلوا .
لا حقائب غير القلوب ،
بها صففوا بعض ريحانهم بين أشياءها ،
شارعٌ مقمرٌ خلسةً ،
زهرةٌ في كتابٍ قديم ،
بها أفسحوا للحقول التي جرَّحتهم مكاناً ،
بها فسحةٌ للغياب ،
عتابٌ بها ،
للنساء الصغيرات حين سيهدين للعربات
قلائد شوك النواح وقد صففته الأيادي النحيلة
في قمرٍ أوقعته السواقي على حضنها .

تُرى ، منْ يسير هناك ؟
ومنْ يدخل الآن هذا الظلام وحيدا ؟
يحاول الفتى الطيب أن
يحرِّكَ في شفتيه غناءً حميما ..
قصيدةَ سحرٍ ، بها بلدةٌ يابسة **
فوق أسوارها علّقَتْ أمهاتُ البيوت الفقيرة شمعاً ،
لئلا يغادر مستوحشاً ،
أشعلتْ أمه شمعة ثانية ،
أوقدتْ قلبها ،
أحرقتْ شمعتين ***

تُرى ، منْ يسير هناك وحيداً ،
ومنْ أين يأتي الغناء الحزين ؟
لقد آن أن يرحلوا .
ركبهم يرتعش ،
والوجوم استراح على دربهم
كان يصغي لأنفاسهم .
رحلوا ،
وهم يحلفون لوجهٍ حبيبٍ أن ترحالهم
قد يطول .
الوجوه الحبيبة تتبعهم مثل رمش العيون .
بعد قليل ،
سيقتلها شوقها للقاء قريب ،
فتدرك أن النبات الذي يهجر الأرض
لن يستطيع الإياب .

ليلى عبد المجيد ـ 25 أكتوبر 1993

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إبراهيم أحمد الحاج له مخطوطة ديوان أطلعتُ عليها ، اسماها ( لماذا؟ ).
** حكى ناجون أن إبراهيم عندما انقلبتْ بهم الشاحنة كان يغني للمسافرين معه أغنية وردي " شنْ بتقولوا" .
*** معروف عن ناس السودان تضامنهم . اجتمعتْ الأمهات وبعن فصوص ذهبهن كي يسافر كل شباب الحي ، ووالدة إبراهيم الحاجة فاطنة باعتْ ذهبها .. ونصف دارها .

Post: #2
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: soma
Date: 01-11-2003, 04:49 AM

قمة الروعة والابداع والله
التحية لك اخى اسامة الخواض على اختيارك المتميز .. والتحية للشاعرة المبدعة حقا ليلى بت عبد المجيد ربنا يحفظك يا بت البلد
التحية لكم جميعا

Post: #3
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: الجندرية
Date: 01-11-2003, 11:53 AM
Parent: #2

اسامة
والله بالغت
بتعرف جنس الكلام دا من سنة 1993م
وما بتقول
عايزة تفاصيل
نشرت مجموعة ولا لسه
نصوص اخرى ليها لو عندك

Post: #4
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: azza
Date: 01-11-2003, 01:27 PM


اها الباقي ويين
تسلم

Post: #5
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: osama elkhawad
Date: 01-11-2003, 07:04 PM

أرسل الى هدا النص الشاعر نزار عثمان من السعودية.وقد أدهشني باعتباره اجمل نص شعري أقرأه لشاعرة سودانيةوطلبت المزيد من نزار الذي ذكر انه نصها اليتيم . نشرت اعلانا في لستة درب الانتفاضةلمدي بنضوص لهاوفلم افلح في ذلك.ذات صبح التقيت بالصديق محمد طه القدال أونلاينز فذكر لي أن هناك نصوص لشاعرات سودانيات أجمل من نص بنت الدامر وووعد بارسالها لكنه لم يفعل

Post: #6
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: الجندرية
Date: 03-14-2003, 11:43 PM
Parent: #5

نداء لكل البورداب
اسقونا من دنان الدامرية

Post: #7
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: Amjad ibrahim
Date: 03-15-2003, 04:43 PM

سلام خواض
الزول ده بفتش عليك
http://www.sudanforum.net/forum/viewtopic.php?topic=30709&forum=1&5
تحياتي

Post: #8
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: KOSTA
Date: 03-15-2003, 08:41 PM

المشاء

لك الثناء جله على اهدائنا رائعة بت الدامر ليلى بت عبدالمجيد
هذه القصيدة حبلى بمعانى زاخرة و متواترة و متوترة
بها حزن شفيف
و دراما اجتماعية راقية
و تعبيرات ذكية و متفردة

لذلك لن تمل من فراءتها مرات عديدة

يقينى ان الابداع النسائى فى السودان اعمق و اجمل مما نتصور
و لكن عدم النشر هو بؤرة القتل الجماعى للابداع بشتى مضاربه فى السودان الحبيب
المشافهة هى علة و سرطان متأصل فى حياتنا فى السودان
ما اندثر من ابداع خرافى سببه الاول عدم النشر
كل التجنى المستفحل على تاريخ السودان سببه الاساسى اعتمادنا على التاريخ الشفاهى و الذى يموت بموت رواته

قضية النشر رابعة الاثافى فى حياتنا السودانية عمومآ
و فى النواحى الادبية على وجه الخصوص
ارجو ان نتاولها اخى اسامة فى احدى المرات بالتحليل و الاسهاب

على فكرة انا فى انتظار نشرك لقصيدتك الرائعة " سموك عاهرة المدينة و الضفاف " بس ارجو ان لا تعتذر

Post: #9
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: zumrawi
Date: 03-16-2003, 07:11 AM

عاجز عن الكلام

Post: #10
Title: Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر
Author: noha_g
Date: 03-16-2003, 11:09 AM

أسامة المشّاء


لك التحية